المنبرالحر

حذارِ من مطالبات بديون غير موثوقة / إبراهيم المشهداني

لقد كان لقرار مجلس الأمن الدولي بخروج العراق من الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة اثر كبير في تعزيز موقع العراق في المجتمع الدولي حيث فتح امامه امكانيات كبيرة في تطوير علاقاته مع كافة الدول على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والثقافية المختلفة وإعادة النظر برسم منظومة من الإجراءات لبناء دعامة التنمية المستدامة لكننا لم نلمس شيئا من هذه الإجراءات حتى الآن، باستثناء ما يتعلق بالموقف من الملفات العالقة مع الجارة الكويت بما فيها ملف المتبقي من الديون والتي سدد منها 30 مليار دولار وبقي منها 5 مليارات تدفع بنسبة 5% وإعادة ترسيم الحدود. لقد مد العراق يده للشقيقة الكويت حاملا غصن الزيتون باستجابته للقرارات الدولية ويبقى على الدولة الشقيقة أن تتخذ ذات المواقف من اجل بناء قاعدة لعلاقات لا تهزها العواصف السياسية أو الأطماع الاقتصادية.
لكن الشيء الأهم بالنسب للعراق هو الحذر مما سبق التخوف من أن الخروج من الفصل السابع قد يفتح الباب أمام ادعاءات من هذه الدولة أو تلك، من هذه الشركة أو تلك، من هذا وذاك بديون لا تسندها الوقائع ولا تدعمها الحج والوثائق فتشير الأنباء على سبيل المثال الى سعي الحكومة اللبنانية لتسوية ديون تتجاوز الـ 900 مليون دولار مترتبة بذمة الحكومة العراقية لصالح شركات قطاع خاص لبنانية كانت تتعامل مع النظام البائد دون ان يتوضح شكل هذا التعامل وتشير نفس الأنباء الى ان رئيس الوزراء العراقي يهتم جديا بمتابعة هذا الموضوع الذي اخذ طريقه في البحث من خلال إرسال مسؤول كبير في وزارة المالية لمتابعة هذا الموضوع.
وبغض النظر عن صحة مثل هذه الادعاءات أو عدم صحتها فان الاهتمام بهذه المطالبات امر لا غبار عليه لا سيما ان العراق مدعو لتفعيل علاقاته الدبلوماسية مع الدول الصديقة والشقيقة شريطة التأكد من صحة المطالبات وفق المعايير الدولية وفي هذا الاطار لا بد من الأخذ بالجدية نفسها إزاء الديون التي يمكن وضعها تحت توصيف الديون الكريهة التي وضعت مبادئها لأول مرة في عام 1898 لاسيما اذا ما علمنا ان ديكتاتور العراق تعامل مع الشيطان من اجل تثبيت سلطته أو تدعيم حروبه المجنونة ضد جيران العراق عن طريق القروض التي تقع ضمن التوصيف نفسه او تكليف شركات كان يسدد تكاليفها من النفط المهرب وإمام أنظار ممثلي الامم المتحدة الذين ثبت فسادهم في برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء.
ومن باب التذكير بالشيء فان هناك اتفاقا مع الولايات المتحدة الأمريكية تقوم الاخيرة بموجبه بالحفاظ على الاموال العراقية سواء المودعة في صندوق تنمية العراق او الأموال العراقية المجمدة في مختلف دول العالم مقابل 400 مليون دولار. فلم يكن عبثا ما كان متوقعا من ان تظهر مطالبات كثيرة بديون وهمية طمعا بعسيلة النفط التي يصرح المسؤولون بمبالغات دعائية من قبيل ان إنتاج العراق من البترول سيصل في عام 2016 الى 6 ملايين برميل في اليوم . وربما تندفع حيتان الفساد الى استغلال هذه المطالبات في صفقات مشبوهة لزيارة رصيدهم مما سلبوه من ميزانية العراق على حساب قوت الشعب ولا بد من الوقوف بالمرصاد امام هكذا محاولات .
إن الحكومة مطالبة بالتحوط إزاء المطالبات التي ستثار في المقبلات من الأيام من اجل الحفاظ على أموال العراق بتشكيل لجنة من اللجنة المالية البرلمانية ووزارة المالية ووزارة التجارة والبنك المركزي ووزارة الخارجية ووزارة التخطيط والرقابة المالية من اجل دراسة حجم المبالغ المالية سواء المجمدة في البنوك الاجنبية او الموجودة في صندوق تنمية العراق بالإضافة الى دراسة حجم المبالغ المزعومة التي يدين بها العراق للشركات او الافراد وفق المعايير الدولية، وان تعلن نتائج بحثها أمام الرأي العام العراقي بمنتهى الشفافية والوضوح.