المنبرالحر

مليون توقيع لمحاصرة الفاسدين / جاسم الحلفي

أنطلقت صباح السبت الماضي (16/1/2016) حملة المليون توقيع لكشف الفساد المالي وملاحقته، وهي حملة تسعى إلى جمع مليون توقيع على استمارة خاصة اعدت لهذا الغرض، بهدف تحريك النشاط المدني، وتفعيل دوره، وتنويع ادواته من اجل محاصرة الفساد، وفي سبيل الضغط على اصحاب القرار كي يأخذوا دورهم ويؤدووا واجبهم في فتح ملفات الفساد، وما اكثرها في العراق الذي سرق الفاسدون امواله، وما تبقى منها بدده غير الأكفاء، الذين اتت بهم المحاصصة الطائفية والاثنية واجلستهم على ارفع كراسي الحكم في الدولة العراقية بعد التغيير عام 2003.
ما ان نشرت صورة التواقيع الاولى على صفحات التواصل الاجتماعي، حاملة اسماء عدد من الشخصيات الثقافية والفكرية والاكاديمية والسياسية والمدنية، حتى بدأت بشائر الاستجابة الايجابية للحملة، والانخراط فيها والتطوع لاستنساخ استمارتها وجمع التواقيع عليها، في ظاهرة مشجعة تدل على الرغبة في العمل التطوعي الذي يكون الشأن العام موضوعاً له، سيما حفظ الاموال العامة واسترجاعها من أيادي السراق الكبار. كما اثبتت الحملة ان تنوع الاساليب هو عامل محفز يزيد من زخم حركة الاحتجاج ويعطيها مديات جديدة، ويمنحها زخماً اضافياً. واكدت ان للحراك المدني قدرة على ابتكار ادوات جديدة لتفعيل انشطته، ولديه إمكانيات غير قليلة يستطيع استخدامها في الاوقات المناسبة.
ان الحركة الاحتجاجية لا تكف عن المطالبة بمحاسبة الفاسدين، ولا تتوانى في الترويج لأهدافها علنا وبقوة وقدرة على تنويع انشطتها وتنشيط فعالياتها. وقد اضاف لها بعد الاستمرارية امكانيات جيدة، ومكنها من خلق ديناميكية خاصة تزيدها قوة ونشاطاً وديمومة.
وقد طرح على الحملة في ايامها الاولى، عدد كبير من الاسئلة، قسم منها يتعلق بهدفها والجدوى منها وغايته التشكيك في نجاحها، سيما انها تقابل قوة الفساد الهائلة وجبروت الفاسدين. اما القسم الثاني من الاسئلة فيتعلق بالقضايا التنظيمية والفنية للحملة.
ويمكن الرد على القسم الأول من الأسئلة بطرح سؤال مقابل محدد، هو: ما الجدوى من عدم التحرك والسكوت امام هذا الكم الهائل من الفساد؟ ان الاستسلام للفساد امر مشين، يدع الفاسدين والمفسدين ينهبون كل شيء من دون رادع أو خوف من عقاب، وان عدم المبالاة هو ما يريده الفاسدون كي يرهنوا مستقبل العراق بعدما امتصوا خيرات حاضره.
ان فاقدي الارادة ومشلولي العزيمة، هم وحدهم من يشكك في نجاح اي فعل يتصدى للخراب، وهذا الصنف من الناس موجود في كل زمان ومكان، وقد رافق جميع الحركات الاجتماعية في كفاحها من اجل الحرية والعدالة والانصاف.
اما الاسئلة التي تدور حول القضايا التنظيمية والفنية للحملة، فمرحب بها دوما. والحملة هي من النوع البسيط وغير المكلف، ولا تحتاج الا الى الهمة وشيء من الحماسة والاقدام. فكل مواطن هو منظم لها ومنتظم في انشطتها وناشطا فيها.
ان الاستمارة موجودة على صفحات التواصل الاجتماعي، لا عليك سوى استنساخها وجمع التوقيع عليها، والمبادرة الى نشر صور عنها على مواقع التواصل الاجتماعي. ويمكن لك تسليمها الى اقرب طاولة لجمع التواقيع في مدينتك، أو الى متطوعي الحملة، وما اكثرهم، وستصادفهم اكثر من مرة خلال مدة الحملة، كما يمكن لك تسليمها في ساحات التظاهر.
قطعا لا ينتهي فعل الحملة بمجرد التوقيع، بل ان هناك افكاراً عديدة، سيتم تنظيمها وتكون الاستمارات الموقعة مادتها الاساسية. كما ستولد الحملة، كأي نشاط انساني، ديناميكيات خاصة بها، تؤرق الفاسدين وتقض مضاجع المفسدين.