المنبرالحر

هل يفكرون بالإصلاح فعلاً؟! / واثق الجابري

إختلف قادة كتل ونواب؛ في غايةٍ ينادون بها ووعود تنقرض كلما تقادمت أيامها، وكأن بعض الوجوه زال طلاءها محك التجربة، وبان بياض أو نتانة أبطها؛ كلما إرتفعت الأيادي للتصويت أو الإعتراض أو تقاذف الألفاظ والقناني، وكلهم ينادون بالإصلاح ويختلفون في فهم ما أفسدته سنوات، ولا يمكن حلّه دون تخطيط وحكمة.
إختلفوا لأن بعضهم لا يؤمن بالتبادل الديموقراطي للسلطة، ولم يضع حقه الشعب نصب عينه، ولا يُريد أليات واقعية للحلول.
من المهم جداً والقفزة النوعية في البرلمان العراقي، ومن يؤيدهم أن تُكسر المحاصصة والطائفية، وأن ينقسم النواب الى مؤيد ومعارض على خطوات الحكومة ومجلس النواب، والأهم أن المعترضين والمؤيدين لا ينتمون لطائفة بعينها، وإدعاء من إعتصموا بالبرلمان أنهم إصلاحيون، ومن وقع على وثيقة الشرف محافظون.
ربما تأخر عملية الإصلاح أوجد مبرراً للتظاهر مرة آخرى والإعتصام، وفي عين الوقت بحث بعضهم منفذا للتسلق على منصة المطالب، ونسى ستر عورته وتهور في مطالبه؛ عَله أن يجد لذاته موقع جديد في غياب رؤية الخطوات اللاحقة، وماذا يُريد النواب المعتصمون؛ إذا كان إصلاح فلتعرض القائمة الأولى والثانية اللاتي قدمها العبادي للتصويت ونرى مَنْ يقبل ومَن يرفض، ثم أليس نفسهم المعترضون الآن هم من لم يوافق على القائمة الأولى وحصل تعديل وسحب بعض أسمائها الى الثانية؟!
ما يهم جداً أن يبحث المتنافسون عن كسر المحاصصة، ولا سبيل إلاّ بهذا الإختلاف المفصلي، وجيد أن يختلفوا على عدد المصوتين على إقالة رئيس البرلمان بين 131 أو 171 نائب، وليؤمنوا بالديموقراطية والأغلبية، وإذا كان المعترضون أكثر فليذهبوا لإقالة الرئاسات وتشكيل حكومة، ويبقى الآخرون معارضة، وإذا كان العكس؛ عليهم أن يكونوا في خانة المعارضة البرلمانية، ولا يشتركوا في الحكومة.
إن ما حدث من خطوات أفقدت الإصلاح جوهره، وما كانت التظاهرات منذ أكثر من عام؛ إلاّ لمحاربة الفاسدين وتقديم الخدمات، وإنهاء ملف الوكالات، وتقويم إستقلالية الهيئات، وتفعيل مبدأ من أين لك هذا، وإطلاق يد رئيس الوزراء في محاسبة وزرائه وموظفيه، وكل هذا منصوص في وثيقة الشرف بمواقيت محددة، ولكن ما يجري حديث المعترضين لم يذكر فقرة من هذا ولم يحدد ما هو مشروعه وما هي خطوات، والآليات الممكنة دستورياّ، وربما بعضهم يطاله حساب " من أين لك هذا".
لا بأس إن تختلف الأفكار، وكلهم يقولون حالة صحية، فهل يا تُرى يقبل من يجد نفسه أقل عدد أن يكون معارضاً إيجابياً؟!
طالب المعتصمون بالبرلمان الخروج من عباءة رؤوساء الكتل، فهل هذا صحيح لا يحركهم أحد؟ وإذا كان كذلك لتخرج لنا قائمة تسمي نفسها إصلاحية، وتبقى الآخرى محافظة، ونشكل حكومة وبرلمان اغلبية ومعارضة، ويحكمنا دستور وآليات ديموقراطية، ويبقى الوضع هكذا في كل إنتخابات ويصبح في العراق قائمتين فقط بقفزة نوعية للأمام، ولكن الأهم أن نسأل هل يقبلون المعارضة الإيجابية؟! وهل يفكرون بالإصلاح فعلاً؛ أم أنه قولاً وشعاراً لكسب الشارع من جانب، والحصول على مكاسب من جانب آخر، والى متى يتماسك المعترضون والمحافظون؛ فالقضية لا تستجوب قناني فارغة؛ بل عقول تفكر بجمع شتات العراق.