المنبرالحر

الديك في الاعلام / عبد المنعم الأعسم

تخصصت فضائيات عربية في صناعة الديكة من اعلاميين فاشلين جاءت بهم مرحلة الانحطاط الى الرصيف، وانصاف سياسيين القت بهم قوارب الرحلة الى خارج المعادلات، ودعاة طوائف حفظوا النصوص الكهفية جيدا ولم يحفظوا ماء الوجه، وانصاف مثقفين برعوا في الجَوَلان والاستعراضية.
فالديك، كما يورد الجاحظ في كتاب الحيوان، مشهور بالجَوَلان، وكما يقول التوحيدي في الامتاع والمؤانسة انه «صلف في طبيعته» إذ يلف ويدور في خيلاء نافشا الجناحين.
ومما يحز في النفس، ويحمل على الاسى، ان هذه الفضائيات وجدت في بعض العراقيين مَن يصلح ان يكون ديكا يملأ شاشتها بالضجيج، ويسلّي جمهورها بالحركات البهلوانية، ويغيْر منها على هدوء الناس وحاجتهم الى المعرفة والكلمة الطيبة: ينط من هنا شاتما، الى هناك مادحا، في عبارات صوتية كأنها تعلن ساعة الصفر، او تأذن بحرب كونية، او تحذر من طوفان، وكأن المليارات من البشر ينتظرون، على احر من الجمر، ان يقرر هذا الديك مصيرهم، وان يلقي لهم بخشبة النجاة، وان يفكك ما استعصى عليهم تفكيكه وحلّه.
الى ذلك ظهرت للديك معايب وبرزت له وساخات، إذْ يمتلك قدرا من الزهو، ويسبب إقلاقا للناس في الفجر قبل ساعتين او اكثر من انسحاب الظلام ليحرم الناس من النوم، معتدا بشكله الذي يمثل تحديا لكل تكوينات الفنون التشكيلية، ويقول عنه عالم الحيوان الدميري: «الديك أبله الطبيعة، إذا سقط من حائط لم تكن له هداية ترشده الى اهله». وفي رواية قديمة واجه الديك غولا فتجمَد في مكانه حتى باض. فتصور الغول ان هذا الديك ليس سوى دجاجة لا وجود لها على قائمة اعدائه، وهي المرة الوحيدة التي باض فيها الديك كذكر.
معلوم ان هذا الديك ليس(ديك الجن) الذي كان استاذا لأبي تمام، واغلب الظن انه ليس الديك الذي كان يضعه المعارضون في جمهوريات الموز الامريكية الجنوبية على صدورهم، ايماناً بقرب انطلاق فجر الحرية.
«من الفيسبوك»