المنبرالحر

الدعوة لإعادة تشكيل مفوضية الانتخابات المستقلة / مصطفى محمد غريب

تحتاج الدولة المدنية الديمقراطية إلى أسس قانونية واضحة على قاعدة الاتفاق الوطني الذي يسعى للتغيير والإصلاح باعتبارها القوة الدينامكية التي تتماشى من التطورات التي تحدث في البلاد وتستوعب المستجدات التي تثبت دعائم هذه الدولة في مجال الانتخابات الحرة ، ومن القوانين المهمة التي تتركز عليها الدولة المدنية هو قانون الانتخابات العادل الذي تتساوى فيه جميع الكتل والأحزاب السياسية بدون تمييز أو تجاوز على حقوقها، وتشريع قانون للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي بدورها يجب أن تكون مستقلة وحيادية ليتسنى لها دعم الأطر الديمقراطية الواضحة والعادلة لعملية الانتخابات بدون تحيز أو تأثير القوى الكبيرة والكتل السياسية والدينية التي تشارك في الانتخابات والعملية السياسية..
قد نكون مبكرين بطرح قضية النظر والتدقيق في مفوضية الانتخابات المستقلة بعد التجارب السابقة والمآخذ حول أدائها غير الجيد والكثير من الاتهامات والشكوك في عملها وانحيازها منذ انبثاقها وحتى الوقت الحالي والشكوك انقلبت إلى اتهامات والأخيرة توضحت وتأكد منها بوقائع حدثت قبل الانتخابات السابقة وأثنائها وفيما بعد الانتخابات ومراجعة النتائج التي أدت إلى استنتاجات واقعية أن المفوضية المستقلة لم تكن مع شديد الأسف لا مستقلة في البعض من أعمالها وممارساتها التي أصبحت معروفة بتحيزها وعدم مصداقيتها ولهذا دعى العديد من المسؤولين والمتابعين والمراقبين الساعين لاستقلالية المفوضية العليا للانتخابات إلى ضرورة القيام بإعادة تشكيل المفوضية على أسس مهنية تشهد لها بالكفاءة والاستقلالية لكي تقوم بواجبها، فتجربة السنين السابقة وما جرى قبل وبعد الانتخابات وبخاصة الاعتراضات والشكاوى التي قدمت حول الخروقات والتجاوزات والتلاعب بالأصوات واعتماد قانون انتخابي غير عادل تستخدمه القوى المتنفذة التي تمتلك المال العام والدعم المالي غير المعروف والجاه والإعلام الحكومي جعل الأمر بالنسبة للمواطنين وأكثرية القوى الوطنية والديمقراطية من المستحيل القبول به مع ضرورة الإسراع في ترتيب الأوضاع بشكلها القانوني الصحيح لخدمة الصوت الانتخابي الحر وعدم التجاوز عليه أو التلاعب به وفق قانون أعرج وضع ليكون أداة للتجاوز على أصوات القوى الوطنية وسرقتها تحت مظلة قانون الانتخابات الذي كان وبالاً وأداة للغبن والتجاوز، ولهذا فنحن لسنا مبكرين في طلبنا لإصلاح هذه المؤسسة المهمة التي تلعب دوراً كبيراً في تحقيق الديمقراطية الانتخابية ولوضع جانباً من الأسس لبناء الدولة المدنية ، فإعادة تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة يعني التحضير لإجراء انتخابات مبكرة أو في وقتها ولهذا من الضروري جداً لكي لا تتكرر عمليات التجاوز وغلق الأذان عن الأخطاء والممارسات غير المشروعة قبل وأثناء الانتخابات أن تجري عملية تقييم لعمل المفوضية السابق ثم تشكيلها على أساس الاستقلالية التامة لتقوم بواجبها القانوني والوظيفي لكن ذلك لا يعفي أن تجري مراجعة لقانون الانتخابات ومثالبه والعمل على تعديله أو تشريع قانون آخر أكثر عدالة واستقامة وديمقراطية يراعى فيه مصالح جميع القوى السياسية بدون تفريط أو تغليب المصالح والتوجهات الطائفية لدى البعض من الكتل والأحزاب صاحبة القرار.
أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تعتبر هيئة مهنية مستقلة وبطابع حيادي وهي تخضع لرقابة مجلس النواب وهي مكلفة بمهمات ومسؤوليات تنظيم الانتخابات والإشراف المباشر وغير المباشر عليها وهي تشكلت وفق المادة ( 102 ) من قانون المفوضية رقم ( 11 / 2007 ) وكان من المؤمل أن تكون هذه المؤسسة حيادية ومستقلة فعلاً، إلا أن البعض من القوى المتنفذة غيرت هذه المعادلة بتدخلاتها وضغوطاتها لتجعلها ليس في وضع مشكوك فيه من قبل العديد من القوى والأحزاب الوطنية والديمقراطية بل العديد من القوى التي تشارك في الحكومة التي لها آراء انتقادية تعتبر إعادة تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مسالة ضرورة ملحة، وقد صرح النائب في البرلمان العراقي جواد البولاني إن"الوقت حان للشروع بتشكيل مفوضية انتخابات مستقلة تمهد لإجراء انتخابات مبكرة تسفر نتائجها عن اختيار ممثلين للشعب في مجلس النواب" ثم دعا إلى "شمول البرلمان بالإصلاحات وتقليص عدد نوابه إلى النصف".وأعرب حزب الفضيلة احد أعضاء التحالف الوطني والمشارك في الحكومة في بيان له نشرته وكالة عين العراق نيوز أن ""ضرورة إعادة تشكيل مفوضية الانتخابات وفقا لمعايير المهنية والكفاءة والاستقلالية"، داعين إلى "تعديل قانون الانتخابات بما يضمن تمثيلا عادلا لفئات الشعب وشرائحه المختلفة ، تمهيدا لإجراء انتخابات مبكرة، فيما أشار البيان انه "بدون توفير هاتين المقدمتين لن تفرز العملية الانتخابية أي حالة يستقبلها الشعب العراق بايجابية"، نستطيع تقديم عشرات الشكاوى والاعتراضات على أداء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمثالب التي رافقت عملها وأدائها والكثير من الانحياز وعدم التحقيق في الشكاوى والاعتراضات المدعومة بأدلة مادية للخروقات التي صاحبت الانتخابات بما فيها التجاوز على الأصوات بدون أي حق ومما يؤسف له أن المفوضية العليا كانت قد أغلقت اسمعاها حول الكثير من المذكرات والشكاوى التي قدمتها البعض من الكتل والأحزاب والشخصيات المشاركة في الانتخابات، كما نستطيع أن نقدم العديد من المطالبات بإعادة تشكيل المفوضية على أسس صحيحة بدون تدخلات البعض من القوى المؤثرة التي ساهمت وما زالت تساهم بالتأثير على هذه المؤسسة المهمة التي من المفروض أن تكون مستقلة وحيادية كما نص عليها الدستور العراقي، ــــ فهل كانت المفوضية فعلاً وقولاً كما نص عليه الدستور من معنى الاستقلالية والحيادية وتابعت بشكل قانوني تطبيق القوانين فيما يخص الانتخابات إن كان قبلها أو أثنائها أو عندما قدمت العديد من القوى والأحزاب اعتراضات حول التجاوزات والخروقات والاستيلاء على الأصوات وتقديم الرشاوى وشراء الأصوات؟ وماذا فعلت المفوضية؟ عندما أشار العديد من السياسيين العراقيين المرشحين للانتخابات أن "عمليات التزوير والخروقات بدأت قبل أن يبدأ التصويت العام" ثم أشاروا " الخروقات بدأت في عمليات إصدار وتوزيع البطاقات الانتخابية الإلكترونية، مرورا بالتصويت الخاص بالقوى الأمنية" حسبما نتذكر لم تقم المفوضية بواجبها حتى القانوني في متابعة الشكاوى والاعتراضات، وعندما نستشهد بمواقف القوى الوطنية والديمقراطية وبالذات مواقف الحزب الشيوعي العراقي نعتقد أن هذه القوى كانت ومازالت مخلصة في توجهاتها لدعم العملية السياسية وتخليصها من الشوائب والمحاصصة المريضة وتشريع القوانين التي تساهم في بناء الدولة المدنية الديمقراطية، ولهذا أولت هذه القوى اهتماماً منقطع النظير في الإصلاح والتغيير وتشريع القوانين المهمة لصالح المواطنين والبلاد، والرجوع إلى المواقف المبدئية للحزب الشيوعي فنحنُ نشير إلى البلاغ الصادر من اللجنة المركزية للحزب الصادر في يوم الجمعة 16 أيار 2014 في بغداد الذي أشار أن " مواقف المفوضية العليا للانتخابات التي كشفت العملية الانتخابية عن انحيازها الواضح وأكدت محاذير تشكيلها على أسس المحاصصة ، والذي ينتقص عملياً وفعلياً من استقلاليتها عن القوى المتنفذة. وهذا ما تجلى في العديد من إجراءاتها"
أن المتابعة الجادة لأوضاع وعمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق سيوصلنا إلى ضرورة إعادة النظر في تشكيل هذه الهيئة المهمة على أسس جديدة تتوافق مع ما جاء في الدستور من استقلالية وحيادية سياستها وعملها ، وإعادة تشكيلها وبالسرعة الممكنة يُجنب البلاد مخاطر عديدة منها عدم تثبيت دعائم بناء الدولة المدنية وظهور برلمان على أسس المحاصصة واستمرار الأوضاع الأمنية بالتردي فضلاً على ضعف تشريع القوانين التي تهدف خدمة مصالح الشعب والوطن المنكوب بالإرهاب والميليشيات الطائفية والفساد والفاسدين، إعادة تشكيل المفوضية العليا وتشريع قانون انتخابي عادل سيساهمان في مجيء برلمان يمثل أكثرية المواطنين العراقيين ليكون فعلاً وقولاً سلطة تشريعية تقوم بواجبها القانوني والتشريعي إلى جانب السلطات التنفيذية والقضائية.