المنبرالحر

المؤتمر العاشر مهامه وطموحات الشيوعيين العراقيين (3) / فلاح علي

الموضوعة الثالثة: التكتيكات والتحالفات الطبقية والسياسية :
ان الموضوعات الهامه والبالغة الاهمية في نضال الحزب والتي تتطلب البحث والاهتمام والدراسة هي كثيرة والقائمة قد تطول , لكن تشخيصها وتسليط الاضواء عليها وايلائها أهمية هو حاجة نضالية وما تتطلبها من وجهة نظري مهام واهداف الحزب المثبته في الوثيقة البرنامجية التي تمثل الخط السياسي للحزب . في هذه الموضوعة أرى علينا ان نميز بين نوعين من التحالفات الاول هو التحالف الطبقي والاجتماعي الذي يحتم ضرورته الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يمربه المجتمع والبلد وهذا النوع من التحالف يكون بعيدا عن اي تحالف فوقي وتفرضة مصالح طبقات وفئات اجتماعية . ان تحديد وجهة النضال في هذه الجبهة هو ضرورة ويمثل سلاحا فكريا وسياسيا لدى منظمات وقواعد الحزب .والتحالف الثاني هو التحالف السياسي وعادتة يكون تحالفا فوقيا ولكن لا بد ان تكون وجهته او طبيعته هو تحالفا ديمقراطيا . وما تؤكدة تجارب الشعوب ومنها التي سبقتنا في ميدان التطور ومنها شعوب وبلدان أمريكا اللاتينية وبعض البلدان الاوربية , ان هنالك ترابطا في النضال المشترك على الجبهتين , ففي الوقت الذي يحقق فيه نجاحا على الجبهة الاولى , نرى ان الحزب الشيوعي وبعض القوى اليسارية تترجم في الممارسة هذا النجاح الى انجازات ومكاسب واصلاحات ونجاحات سياسية ذات طبيعة ديمقراطية على الجبهة الثانية . ان هذا الترابط وهذه الايجابية تشكل عناصر قوة في النضال وهذا ما تؤكده تجربة أمريكا اللاتينية وبعض البلدان الاوربية . أرى ان هذه الظاهرة هي معدومة او ضعيفة في ظروف العراق بلا شك لأسباب عدة معروفة ومشخصة . ولكن ما يمكن تلمسه في الحالة العراقية هو بروز وطغيان ظاهرة التحالفات الطائفية والتي ارتكز عليها الحكم  .
 كما ان الاخطر من ذلك ايضاً ان زعماء هذه التحالفات الطائفية ومن خلال احزابهم المتنفذة وضعوا وجهه في العلاقة مع الجماهيرالفقيرة المسحوقة المحرومة المستغلة التي تعاني العوز والفقر والامية والامراض وجعلوا هذه الجماهير وكأنها محكومة لهم وستعيش في ابدية للتبعية لهم . وهذه حالة خطيرة مفتعلة يمر فيها المجتمع العراقي وهذه الظاهرة تهدد مستقبل البلد وتعيق بناء دولة المؤسسات الديمقراطية .
من هنا ايضاً تكمن أهمية التحالفات الطبقية والاجتماعية والسياسية للحزب الشيوعي . ان بناء تحالفات طبقية واجتماعية يقتضي دراسة معمقة وخاصة للواقع الطبقي والاجتماعي وان تراعى بعض القضايا في الدراسة ومنها على سبيل المثال :
1- ما هي المرتكزات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وما هي الاولويات والحاجات التي يمكن ان توحد او تقرب او تجد شكلا من التقارب والالتقاء بين الطبقة العاملة وفئات المجتمع الاخرى وما هو المشترك من هذه القضايا والحاجات التي تنسج علاقة لتقرب بين هذه الطبقات والفئات . ان معرفة واقع القوى الطبقية والاجتماعية هو مسألة هامة لأجل اقامة تحالفات طبقية واجتماعية .
2- هنالك مسألة هامة في التحالفات الطبقية والاحتماعية وحتى السياسية منها , هو انه هنالك فئات لا تتسم بالثبات وقد تغير من مواقفها ومن تحالفاتها او حتى بتأثير عوامل ضغط سواء كانت داخلية ام خارجية, كيف يتم التعامل مع حتمالات او توقعات كهذه.
3- ارى ان الفكر الماركسي يمتلك أجوبة وكذا من خلال فهم الواقع ومن صحة التكتيكات والشعارات المرفوعة في كل مرحلة . تعطي وضوح وامكانية وتوفر رؤية صحيحة للمضي في هذه الوجهة . حتى وان تغيرت التحالفات الطبقية والاجتماعية في حالة اقامتها بسبب انعطافة او تغيير ما نتيجة عدم ثبات والى غيرذلك من الاسباب , يكون مفيدا تاكتيكياً في هذه الحالة تغيير التحالفات وفقاً لتطور الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع والبلد . شرط ان يكون التحالف وفق الخط السياسي ووجهة الحزب ووفق المهام التي أقرها المؤتمر , ولا تخضع تحالفات كهذه لرغبات شخصية او فئوية , وان تضع مصالح الشعب والوطن فوق المصالح الفئوية والسير على طريق التطور السلمي بالاتجاه الديمقراطي وبناء دولة المواطنة .
4- التحالفات لا بد من ان تكون لها امتدادات على مستوى القواعد , وهذه هي وجهة عملية لديمومة التحالف وبهذا يحقق التحالف هدفه المنشود . وهذا ما يمكن ان يتلمسه المجتمع  من خلال النضالات المشتركة حول قضايا تمس مصالح الجماهير والمجتمع بشكل مباشر , هنا تكمن قوة ووضوح التحالف على مستوى القاعدة عما هو علية من التحالف الفوقي الذي يكون ركيكا ويخضع لضغوط سياسية .
5- اعطاء صلاحيات للمحليات على مستوى كل محافظة لإقامة تحالفات محلية,  شرط ان تقيم المحليات تحالفاتها المناطقية على اساس الخط السياسي للحزب وعلى ضوء ما هو مثبت من مهام وتوجهات , على ان تكون هذه التحالفات أداة فاعلة ومؤثرة للحد من التأثير السلبي للتحالفات الطائفية في هذه المنطقة او تلك واعادة التوازن الاجتماعي وما هو مهم ايضاً في هذه التحالفات هو حماية الطبقة العاملة والكادحين والفقراء في هذه المحافظة او تلك من تأثير الفكر الطائفي عليها هذا أولاً وثانياً ان تحقيق مكاسب حتى وأن كانت جزئية للطبقة العاملة والشغيلة والكادحين والفقراء الذين هم كثر في محافظات العراق في المدن والارياف وبشكل تتلمسه جماهير هذه الطبقات والفئات , ستكون لها أهمية كبيرة في تجذير التحالفات الطبقية والاجتماعية وفي استنهاض الجماهير .
6- ان اهم قضية في التحالفات الطبقية والاجتماعية هي تقارب وتعزيز بقايا صفوف الطبقة الوسطى والطبقة العاملة والكادحين في المجتمع .
اذن هنا يطرح سؤال : لماذا تتطلب التحالفات الطبقية والاجتماعية تعزيزدور صفوف الطبقتين الوسطى والطبقة العاملة والكادحين في المجتمع . للاجابة على هذا السؤال : ارى من وجهة نظري انه في ظل نظام المحاصصة الطائفية والاثنية تكونت ونشأت مجموعات من اصحاب الأمتيازات وأصبحت هذه المجاميع تستأثر بالثروة الوطنية وتتقاسمها . منهم من حصل على تسهيلات في مجال الاستيراد وفي مجال المصارف وفي المجال العقاري وفي مجال العديد من الصناعات وفي مجال الانشطة الريعية  ..... الخ . وهؤلاء يسعون إلى أضعاف دور القطاع العام وهم مع وجهة الخصخصة وان لديهم مشروع ذو توجه رأسمالي يتعارض ومشروع التنمية المستدامة ذات التوجه الديمقراطي . لهذا فأن مصالحهم لا تلتقي ومصالح العمال والفلاحين والكادحين من هذا يمكن الوصول الى الاستنتاجات التالية :
1- ان هذه المجاميع من الفئات النفعية وحتى الطفيلية قد شكلوا مع السياسيين من احزاب الطوائف تحالفا طبقيا طائفيا مهيمنا على البلد واقتصاده , وهذا هو اهم ملمح من ملامح التوظيف السياسي لظاهرة المحاصصة الطائفية , اي بمعنى آخر ان الاحزاب المتنفذة التي تمسك بالسلطة من خلال المحاصصة قد أوجدت لها تحالفا طبقيا طائفيا , لأجل الهيمنة والاستئثار والتمتع بالامتيازات وبالثروة ومن اجل ادامة عمرها في السلطة .
2- من الملامح الخطيرة لهذا التحالف الطبقي الطائفي هو انه يبرر ويشرعن قضية الارتباط الوثيق بالخارج وبدول اقليمية ويكون تابعا لها .
3- من هنا تكمن أهمية تعزيز دور الطبقة العاملة والطبقة الوسطى في المجتمع ونسج العلاقة مع الفئات والطبقات الاخرى والكادحين لأقامة تحالف طبقي اجتماعي يعيد التوازن في المجتمع  ويمارس الضغط الجماهيري من اجل بناء دولة المواطنة .
ما هي التحالفات السياسية المطلوبة انطلاقاً من المهام والاهداف :
ارى من وجهة نظري انه نطلاقاً من برنامج الحزب الذي سيقره المؤتمر وما مثبت فيه من مهام واهداف وطنية ديمقراطية وانطلاقا ً ايضاً من شعار المؤتمر . فأن وجهة التحالفات ارى ان تكون بأتجاه قوى اليسار والديمقراطية في العراق . وان يكون هذا التحالف الديمقراطي عابر للقوميات . وان تعذر اقامة تحالف بين هذه القوى رغم صغر حجم البعض منها , فأن التنسيق والعمل المشترك على ضوء قواسم مشتركة هو حاجة نضالية تفرضها مهام التحول الديمقراطي في البلد , وهذا هو ما اعتقده يمثل التكتيك الصائب في هذه المرحلة .
واني أقترح ان تثبت وجهة التحالف هذه في برنامج الحزب , لتكون مهمة حزبية لكل منظمات الحزب .
وجهة نظري هي التالي : صحيح ان قوى اليسار عدا الحزب الشيوعي هي مجاميع وليس احزاب جماهيرية , ورغم ان تنظيماتها لم تكن منتشرة في كل محافظات العراق كتنظيمات الحزب الشيوعي العراقي . وبعضها يضع توجهاته على اساس نظري وليس على ضوء دراسة الواقع.
ولكن الحاجة الى اقامة قطب ديمقراطي فاعل ومؤثر في البلد يكون قادر على اعادة التوازن السياسي في المجتمع .
ارى من وجهة نظري ان ماتؤكده تجربة العراق ان البلد بحاجة الى قطب ثالث ديمقراطي يساري عابر للقوميات يكون فاعلا ومؤثرا في المجتمع , وأن المرتكز بفاعلية هذا القطب هو التنسيق والعمل المشترك بين كل قوى اليسار والديمقراطية بما فيها الحزب الشيوعي الكردستاني . ويكون التنسيق على نقاط مشتركة ذات طبيعة ديمقراطية تشكل هذه النقاط برنامج عمل مشترك ديمقراطي . مع احتفاظ كل طرف باستقلاله السياسي والتنظيمي والفكري .