المنبرالحر

اصيبت جمهورية مصر العربية بتشييد سد النهضة الاثيوبي ما اصاب العراق بتشييد مشروع كاب التركي / كريم حنا وردوني

منذ العقدين الاخيرين من القرن العشرين ظهرت حالات الجفاف في منطقة الشرق الاوسط واشتدت هذه الحالة اوائل القرن الحالي بسبب الانحباس الحراري التي تتعرض له المنطقة برمتها وحتى العالم باجمعه نحن نقع ضمن هذه الرقعة الجغرافية وظهرت الحاجة الى الموارد المائية بكل اشكالها واقدمت كثير من الدول المنبع بتشييد السدود والخزانات لخزن المياه وحصلت خلافات كبيرة ووصلت حد المواجهة العسكرية بين دول المنبع ودول المصب وغيرها من الدول المتشاطئة على تلك الانهر وظهرت حالات من الاحتراب بينها تعني حرب المياه بين دول المنبع ودول المصب وان موضوعنا الحالي يتناول مشروع سد النهضة الاثيوبي على نهر النيل الازرق احدى روافد نهر النيل الذي ينبع من بحيرة فكتوريا ويصب في نهر النيل ولكون اثيوبيا تتعرض كثيرا الى حالات الجفاف وفي المنطقة الافريقية لسنوات عدة ومن حقها تشييد مشاريع اروائية للمحافظة على مواردها المائية ومواجهة سنوات الجفاف العجاف التي تتعرض لها بين الحين والاخر كان المفروض على اثيوبيا ان تعلم الجانب المصري بهذا المشروع الحيوي والاستراتيجي بالنسبة لاثيوبيا لغرض ضمان حقوقها المائية التي تمر عبر اراضيها بطول الاف الكيلومترات من حدود السودان وحتى المصب في البحر الابيض المتوسط وعند قيام ثورة 25 يناير 2012 والتي استلم السلطة جماعة الاخوان المسلمين في جمهورية مصر العربية وانهيار نظام الرئيس حسني مبارك وقام النظام الاخواني بالتهديد والوعيد ضد الحكومة الاثيوبية ولسان حال رئيسها المعزول محمد مرسي حيث هدد دولة اثيوبيا (بأن كل الاحتمالات مفتوحة) اذا لم تتوقف عن تشييد سد النهضة!؟
كان المفروض على رئيس جماعة الاخوان الفرعونية (محمد مرسي) الذي يحكم مصر في تلك الفترة المظلمة مايقارب اكثر من عام واحد ان يتبع سياسة دبلوماسية اكثر شفافية لمعالجة ووضع الحلول الناجعة لحل تلك المعضلة التي تلحق جمهورية مصر بافدح الاضرار وليس اتباع لغة التهديد والوعيد وان مصر لاتحتاج هذه السياسة في تلك المرحلة الحساسة التي يمر بها شعب مصر الشقيق وكان عليه ان يتبع جملة من الاجراءات الشفافة واتباع لغة الحوار البناء لتحقيق الهدف المنشود بوسائل الضغط على الحكومة الاثيوبية الجارة لمصر العروبة ومن هذه الوسائل :
1-التنسيق والحوار مع الطائفة المسلمة في اثيوبيا والتي ليست بقليلة العدد وجهة مؤثرة فعلا على حكومة اديس ابابا للتاثير عليها
2-الاتصال بالطائفة القبطية والتنسيق معها في مصر وبناء علاقات طيبة ووشائج جيدة وتشكيل وفد مشترك معها للحوار مع اثيوبيا حيث هناك عدد كبير من الطائفة القبطية في اثيوبيا
3-دعوة عقد مؤتمر افريقي وطرح مشكلة المياه بين مصر واثيوبيا لاصدار قرار حول توزيع الحصص المائية بين جميع الدول المتشاطئة على نهر النيل ودولة المصب علما ان كل من مصر واثيوبيا اعضاء في المؤتمر الافريقي
4-دعوة جميع الدول المتشاطئة من المنبع (بحيرات فكتوريا) حتى المصب لنهر النيل تشكيل هيئة خاصة لتوزيع مياه نهر النيل وعدد الدول المتشاطئة التسعة وهي بروندي ورواندا واوغندة وكونغو الديمقراطية وكينيا والسودان وجمهورية جنوب السودان واثيوبيا ومصر باشراف المؤتمر العام الافريقي وحتى الى هذه اللحظة لايوجد قانون دولي يتحكم بحصة المياه للدول المتشاطئة وهذا موقف غير ايجابي للمنظمة الدولية منذ تاسسيها من بعد الحرب العالمية الثانية ولاداعي الخوض في تلك التفاصيل حيث عزل نظام محمد مرسي في الثلاثين من يناير من هذا العام وحصلت مصادمات ومظاهرات تدعي السلمية من جماعة الاخوان المسلمين والحكومة الجديدة في مصر للثورة الثانية التصحيحية لاجل اعادة سلطة الاخوان مدعين بانها شرعية
ان الهدف من استلام الحكم هو خدمة الشعب المصري وليس لاهداف ذاتية حيث اخفقوا في ادارة دفة الحكم وعليه على جميع الاطراف المتنازعة والمتصارعة فرض مصلحة الشعب المصري على المصالح الحزبية والطائفية والدخول في حوار سلمي لانقاذ مصر من الخطر والتدخلات الدولية والاقليمية بشانها الداخلي عن طريق الحوار البناء مع الدول الاقليمية لمصر وخاصة السودان واثيوبيا لكونهما من الدول المتشاطئة حيث ينبع نهر النيل الازرق عبر الاراضي الاثيوبية ونهر النيل الابيض عبر اراضي السودان ودول المنبع الاخرى ويلتقيان في عاصمة الخرطوم وبعدها يخترق الاراضي المصرية ولابد للاشارة بان الدراسات الطوبوغرافية والجيولوجية والجيوفيزيائية والجيوتكنيكية ومسح نقاط لموقع السد وحفر بورهول (لمعرفة طبقات التربة بانواعها) لاعماق معينة حسب التصميم واجراء فحوصات مختبرية لموقع السد حيث اجريت من قبل دولة اسرائيل لبناء سد النهضة الاثيوبي حسب ماتناقلته اخبار الفضائيات المصرية ومنها فضائية صوت القاهرة والناس مقابلة مع احد الشخصيات العلمية الهندسية في اختصاص بناء السدود اما فيما يتعلق بالمقطع الثاني من عنوان المقال بمشروع الكاب التركي والذي يتكون من 22 سد خزني مائي ومن المحتمل انجازه في نهاية 2022 هناك مشروعان ضخمان لانشاء سدود على نهر دجلة هو سد اليسو في جنوب تركيا ومنطقة الجزيرة والذي يقلل من حصة العراق المائية ومستقبلا من المحتمل يتحول نهر دجلة الى مبزل مائي او جدول للمياه الاسنة في حالة تشييد تلك السدود مما يؤدي بدوره الى التلوث البيئي في العراق وحصول الزحف الصحراوي على المناطق الزراعية الصالحة للزراعة وعلى الحكومة العراقية بدورها اتخاذ جملة من الاجراءات السريعة لمعالجة ازمة المياه لنهري دجلة والفرات وروافدهما اللذان ينبعان من تركيا وايران علما ان لدينا اكثر من 90 نهر ووادي ينبعان من الجارة ايران وبحكم علاقاتنا المتميزة في هذه المرحلة من الممكن توقيع اتفاقيات حول توزيع الحصص المائية بينهما والعراق هو المتضرر الوحيد لكونه دولة المصب كما حصل فيضانات وسيول جارفة كما حصل في شتاء هذا العام القادمة من ايران في محافظتي ميسان وواسط حيث غرقت الكثير من القرى والمزارع وانجرفت بالسيول وتشريد مئات العوائل اما في حالة الجفاف تقطع ايران المياه وهذا ضرر اخر واخطر من الاول وفي حالة عدم تجاوب كل من ايران وتركيا لحقوقنا المشروعة بالرفض على الحكومة العراقية التعامل بالمثل في المجالات الاقتصادية والسياسية والتجارية كذلك عدم التعامل مع شركات تلك الدولتين لتنفيذ المشاريع الاستثمارية والتعامل مع الدول الاخرى التي تتعامل مع العراق وفق المصالح المشتركة وان تعود الفائدة للطرفين وفي هذه المرحلة يوجد جمود في العلاقات التركية العراقية لاسباب سياسية والتدخل التركي في شؤون العراق والدول الاقليمية ودعمها لحركات الراديكالية للانظمة العربية للمنطقة (الاسلام السياسي) لاعادة مجدها العثماني العتيق ولابد السؤال يطرح نفسه ان كان حكام مصر من ثورة 1952 الجمهورية الاولى حتى عهد الجمهورية الثالثة من مشاريع بناء السدود والموارد المائية وغيرها من الانظمة العربية المتسلطة على رقاب شعوبها ان هذه المعضلة التي تواجه الشعوب العربية منشغلة بالفساد الاداري والمالي وبناء هيكلية ضخمة من الانظمة المخابراتية لهؤلاء الحكام لاستمرار بديمومة السلطة وسرقة المال العام وترك شعوبها تأن تحت خط الفقر بالرغم من كثرة مواردها علما ان العراق يعتبر من الدول التي تمتلك للموارد الطبيعة تحت تسلل 11 من بين دول العالم بالرغم من قلة عدد سكانه الذي لايتجاوز 35 مليون نسمة حسب احصائيات التي اعلنتها اخيرا وزارة التخطيط العراقية نامل من حكومة جمهورية العراق اتخاذ موقف لوضع الحلول الناجعة لمعالجة مشكلة توزيع المياه بين الدول المتشاطئة على نهري دجلة والفرات