المنبرالحر

الأنظمة الانتخابية وعلاقتها بدكتاتورية النظام السياسي / وجدان حسين المعموري*

النظام السياسي بمفهومه الحديث يعتبر أوسع دلالة من التشريعات الدستورية، مع ملاحظة أن هذا النظام أيا كان شكله لا يخرج عن الأُطر التي يرسمها له الدستور، وتدعي أغلب الأنظمة السياسية ديمقراطيتها وانضمامها إلى قاعدة الجماهير العريضة، إلا أن الحقيقة شكل آخر، ويمارس السياسيون شتى أنواع الاضطهاد بما في ذلك الاضطهاد الانتخابي، من خلال تشريعات انتخابية تضيق فرص الفوز لكتل معينة في الوقت الذي توسعها لكتل أخرى، ولقد اصدر المشرع العراقي عددا من التشريعات الانتخابية التي كان يهدف من ورائها تنظيم العملية الانتخابية.. فبدأت بما اورده قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية للعام ٢٠٠٥ مرورا بقانون الانتخابات رقم ١٦لعام ٢٠٠٥ وقانون تعديله رقم ٢٦لعام٢٠٠٩، ثم نظام توزيع المقاعد رقم ٢١لعام ٢٠١٠الذي جرت بموجبه انتخابات مجلس النواب ٢٠١٠..تلاها قانون التعديل الرابع لقانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي رقم ٣٦للعام ٢٠٠٨المعدل...في ١٣/١٢/٢٠١٢....والمتتبع لهذه التشريعات سيجد دون جهد ان هناك التفافا واحتيالا على ارادة الناخب العراقي التي لا يمكن تغييبها الا اذا عطلت النصوص الدستورية المنظمة لها...او غض الطرف عنها بعلم ودراية ومباركة المحكمة الاتحادية التي انحسر دورها وانحصر في شرعنة هيمنة القوى السياسية المهيمنة على مفاصل ادارة السلطة التنفيذية ومؤسساتها. ويعد سكوت المحكمة الاتحادية العليا اوغض الطرف والتغاضي عن العديد من النصوص القانونية المغيبة للإراده التصويتية للناخب العراقي تعطيلا لاحكام الدستور العراقي النافذ لعام ٢٠٠٥في ست مواد هي التي نظمت الحقوق المدنية...(م٢ف ب.. التي لا تجيز سن قوانين تتعارض مع مبادئ الديمقراطيه..م١٤..التي ساوت بين العراقيين دون تمييز بسبب اللون او الجنس او القومية...الخ..م١٥ ،التي منحت العراقيين الحق في الحياة الكريمة ومنعت تقييدها الا بقرار قضائي وبموجب القانون..م٢٠...حق المشاركة الانتخابيه..تصويت..انتخاب..ترشيح..م٣٨ف١...حرية التعبير بكل الوسائل المشروعه..م٣٩ف٢...والتي حرمت ضم العراقيين الى اي حزب او جماعة بالقوة..وان كانت هذه الجماعة او هذا الحزب مشروعا).... وترتب على سكوت المحكمة الاتحادية على قوانين انتخابيه لا دستورية ترحيل إرادة الناخبين وسرقتها ووصول من لم ينتخبهم الشعب إلى البرلمان وبالتالي تزييف التمثيل الشعبي وصدور قوانين لم يكتبها ممثلون حقيقيون شرعيون.
عود على بدء...كانت النصوص الحاكمة للانتخابات والواردة في قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية...تنطوي على حس وطني افرحنا جميعا...هذه النصوص التي عبرت عن انضباط وطني ...كتبت عندما كان السياسيون يحترمون ارادة الشعب قبل ان يدب الخراب في نفوسهم. وقبل ان تستشري الطائفية في سلوكهم...هذا القانون جعل العراق دائرة انتخابية واحدة. واعتمد نظام التمثيل النسبي الذي يمنح العراقيين فرصا عادله لا دارة البلاد ويحمل الجميع المسؤولية الوطنية ذاتها...وبموجب نظام التمثيل النسبي الانتخابي.. يصوت الناخب لقائمة هي ليست بالضرورة من محافظته ولا من طائفته ..والبرلماني يكون ممثلا للعراقيين سنة وشيعة واكرادا وعربا وان نظام التمثيل النسبي ذو الدائرة الانتخابية الواحدة يلد برلمانا قويا...... ويحافظ على الصوت الانتخابي من الهدر والضياع...والملاحظ ان في هذا النظام الذي جرت بموجبه انتخابات،٢٠٠٥...عدم اعتماده مبدأ المقاعد التعويضية.. كما في القانون الذي تلاه رقم١٦لعام ٢٠٠٥.و قررت القوى السياسية المهيمنة على القرار السياسي والمتفردة في السلطة التشريعية تارة بقوتها... وأخرى بتفعيل منطق التوافق المسبق للتصويت المحاصصي..ان تستمر في كسب المغانم ليست فقط المادية والامتيازات ...لا بل ارادت مجددا سلب ارادة الكتل الصغيرة والالتفاف على القانون السابق.. فجزأت العراق الى دوائر انتخابيه تبعا لحدوده الإدارية (١٨ محافظه) فاعتمدت طريقة هوندت اي(الباقي الاقوى) ومنحت تقريبا ١٧بالمئه من مقاعد مجلس النواب لمن لم يحصل على مقعد في المجلس منحتها للكتل او الاحزاب ذات الحظ الاقل في الانتخابات.. وجيء بمفهوم المقاعد التعويضية ال٤٥مقعدآ من اصل٢٧٥ مقعدا هو العدد الكلي لمقاعد المجلس البرلماني واوجدت المفوضية العليا معادلة تم بموجبها احتساب عدد المقاعد التعويضية للكيان الخاسر فحواها، قسمة عدد اصوات الكيان الخاسر المصادق عليها على عدد مقاعد البرلمان الكلي البالغة ٢٧٥مقعدا.. ويعتبر المتابعون ان تجزئة العراق الى دوائر انتخابية متعددة بعد ان كان دائرة انتخابية واحدة يعتبرونه تراجعآ تشريعيآ في الوحدة الوطنية للبلد وساهم بقوة في اشاعة الطائفية...وكان لزاما على المحكمة الاتحادية نقضه لتعارضه مع بعض النصوص الدستورية...م١من الدستور مثلا...(لزوم ضمان وحدة العراق) خصوصآ في ظرف حساس كهذا بعد هذا التراجع التشريعي المخيب للآمال ووسط اعتقاد البعض ان ما حصل سيتم تداركه سريعآ بسبب صيحات الرفض والاستنكار والاستهجان عاد المشرع السياسي العراقي ليشرع اكثر القوانين اشكالية وتعارضا مع الدستور وحقوق الانسان العراقي...فجاء القانون رقم ٢٦لعام٢٠٠٩(قانون تعديل قانون الانتخابات رقم١٦لعام٢٠٠٥)حيث ادار بقرصنة لامثيل لها انتخابات٢٠١٠وجل الإشكالية تكمن في مادته٣ف٤لتقف بصف الكتل الكبيرة الفائزة والتي بموجبها صودرت اصوات الكتل التي لم تحقق القاسم الوطني او ما يسمى بالعتبة الانتخابية (دون وجه حق) لتذهب إلى الكتل الكبيرة الفائزة وكأنها استمرأت فعلتها اللا دستورية في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت بموجب القانون رقم ٣٦لعام٢٠٠٨المعدل في مادته سيئة الذكر١٣ف٥والتي أودت بعشرات الآلاف من الاصوات الانتخابية الصحيحة الى غير مرادها، حيث اوصلت هذه المادة سيئة الصيت ما يقارب ال٩٧ مرشح غير شرعيين إلى البرلمان والقانون الغاشم الجديد جعل المقاعد التعويضية بنسبة ٥بالمئه من مجموع مقاعد البرلمان بعد ان كانت في القانون السابق١٦بالمئه والغريب ان السلطة التشريعية قد بدأت تحارب التيارات المدنية واللبرالية فبعد اعتمادها نظام سانت ليغو الاصل في انتخابات مجالس المحافظات ٢٠١٣ وبسبب بروز دور هذه التيارات في الساحة السياسية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي.. حيث حصل على مقاعد له في بعض المحافظات وخشية منها على مصالحها بدأت تحاربها تشريعيا فاعتمدت نظام سانت ليغو المعدل الذي يقسم عدد الاصوات الصحيحة على1,6.... هذا ما حصل في انتخابات مجلس النواب٢٠١٤بعد ان كان قد قسمها على ١في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في العام٢٠١٣،واكيد ان هذا النسف التشريعي او التعديل قد ضيق الخناق على الكتل الصغيرة ومنها الحزب الشيوعي العراقي ان المشرع السياسي سوف لن يسمح للتيارات المدنية بالهيمنة لا اليوم ولاغدا واساليبه وادواته من اجل ذلك، التزييف والمال السياسي وتحريف ارادة الناخبين وتعريضهم إلى شتى انواع الضغوط وعدم حيادية المفوضية العليا للانتخابات وتحكم المحاصصة السياسية بقراراتها الخطرة ،ان عدم ثبات القانون الانتخابي وان مجلسا تشريعيا تحكم دوراته الانتخابية تشريعات تعدل بين شهر وآخر وتعديلات تكتب وتفصل بمقاسات الاقوياء لا يمكن له ان يبني نظاما قانونيا سليما تفخر به الاجيال.
ــــــــــــــــــــ
* مشاور قانوني