المنبرالحر

القوى المدنية .. حضارية التظاهرات / حسين علوان

تشهد كل ساحات التظاهرات التي تواجد فيها متظاهرو القوى المدنية احتجاجا على سوء الخدمات وظاهرة الفساد بأشكال غير طبيعية وتردي الوضع الامني وسوء أداء القضاء في محاسبة سراق المال العام ومرتكبي الجرائم وعدم اتخاذه الاجراءات القانونية بحقهم وترك ملفات احتلال داعش لثلث مساحة العراق وملفات أمنية كثيرة والتستر على شخصيات حكومية كبيرة (بدرجة وزراء) ضالعين بجرائم فساد وتحويل اموال الى خارج البلد بأسماء مقربين وعملاء لهم بفضل نظام المحاصصة السياسية والحزبية والطائفية المقيتة لذلك وضعت القوى المدنية نهجها الوطني في مجابهة هذه الخطايا ومحاولة الاصلاح والتغير بالطرق السلمية الحضارية في ادارة الحراك الجماهيري المنتفض بعد ان يئست الجماهير من وعود الطبقة السياسية باتخاذ الاجراءات الكفيلة بالنهوض بواقع البلد وتخليصه مما هو عليه لذلك انطلق الحراك في 30/7/2015 بشكل سلمي واسلوب حضاري راق بالمطالبة بالاصلاح وفي حينها طرح السيد رئيس الوزراء برنامجه الاصلاحي واستبشر الناس خيرا في انه قد يكون الصحوة الاولى في هذا الاتجاه لكن محاولات تسويف الاصلاحات بانت بممارسات غير جادة من قبل السلطة التنفيذية وبدأت بخطوات ترقيعية هنا وهناك للمماطلة وكسب الوقت والمراهنة على أن الجماهير سوف تمل وتتعب وتترك الميادين الاحتجاجية لكن اصرار الناس على مطالبهم البسيطة والمفقودة في نفس الوقت زادهم ايمانا وثباتا على مواقفهم واستمر الاحتجاج والحراك لمدة عشرة أشهر من دون ان تعطي الحكومة أية بوادر في الاصلاح سوى أضابير السيد العبادي المغلقة منها والمفتوحة والتي تضمنت أقصاء خمسة وزراء والتصويت في مجلس النواب عليهم دون ان يؤدوا اليمين الدستورية.
ان هذا التخبط والتشبث بقرارات غير متزنة تنم عن سوء أدارة واضح وكل ذلك لم يثن عزيمة المحتجين بل واصلوا ضغطهم على أصحاب القرار للتسريع باتخاذ الاجراءات الكفيلة بأنقاذ البلد وتخليصه من نظام المحاصصة المقيتة والبدء بالإجراءات الكفيلة بذلك وحين لم يجد المتظاهرون الاذن الصاغية لما يطالبون به اضطروا الى دخول المنطقة الخضراء والاعتصام فيها.
وكما أسلفنا طرح السيد رئيس الوزراء برنامج حكومة التكنوقراط وتغيير كل الكابينة الوزارية للحكومة واستبشر المعتصمون خيرا بذلك وانهوا اعتصامهم على أمل أن يكمل رئيس الوزراء مشروعة الاصلاحي الذي سانده به كل المتظاهرين والمرجعية الا انه أصطدم بمعارضة كبيرة من الكتل المتنفذة والمستحوذة على المواقع الكبيرة والحساسة في الحكومة والتي لا يروق لها التغيير اطلاقا لانها بذلك ستفقد الكثير من ابواب التمويل الذي يسهل لها جمع الثروة وتعزيز مواقعها داخل منظومة السلطة مما دفع المحتجين الى معاودة نشاطهم السلمي وبتنسيق جيد بين تنسيقيات الحراك الجماهيري للضغط اكثر بعد ان طفح كيل التسويف والمماطلة مما حدى ببعض قوى الحراك من أقتحام أسوار المنطقة الخضراء والدخول الى مبنى البرلمان وما رافقه من اصداء قصة ( القنفة ) التي أخذت اهتماما كبيرا في الاعلام ما يدل على عدم جدية اصحاب القرار بالاصلاح والمماطلة والعمل على أبقاء الوجوه ( الكالحة ) في مواقعهم وعزز الانفلات الامني من عزيمة المتظاهرين حين فجعت بعض المحافظات ومناطق بغداد مثل مدينة الصدر والكاظمية وبغداد الجديدة ومدينة الشعب وغيرها بالاستهداف الاجرامي للقوى الارهابية التي استغلت الفراغ الامني بالقيام بعملياتها الارهابية الجبانة التي طالت هذه الاماكن التي يقطنها الفقراء والمعدمون من ابناء الشعب مما خلق حالة استياء شعبي واقعي وطبيعي للاحتجاج على الخسائر التي يتعرضون لها بفقدانهم أبناءهم ونساءهم الابرياء ما دفعهم إلى الانضمام الى القوى المحتجة ضد كل من لم يؤمن لهم الامن والعيش كبشر حالهم حال البشر في كل دول العالم الامن، كل ذلك والقوى المدنية تعمل على تهدئة الشارع والتمسك بسلمية الاحتجاجات والتظاهرات وهذا ما يتضح من طبيعة الشعارات التي تطلقها في كل مناسبة لذلك كانت منصة القوى المدنية منظمة الى حد كبير وملتزمة بروحية اهداف التظاهرات بإيصال المطالب الى القوى المتنفذة بعد ان تهيئ بيانا يعبر عن ذلك ويسلم الى من يهمه أمر التنفيذ لاطلاع على المطالب التي ينادي بها المتظاهرون وهذا ما ينتهجه قادة الحراك المدني المستمر منذ فترة طويلة الا ان عدم الاستجابة والتمادي من قبل الحكومة وما تعانيه من فراغ وتعطيل لعدم عقد مجلس النواب جلساته ومقاطعتها من قبل كتل منها معتصمة واخرى محتجة على ما قام به المتظاهرون حين اقتحموا مجلس البرلمان وما رافق ذلك الدخول والبحث عن ضمانات تؤمن لهم عدم تكرار ذلك .
كل هذه العوامل عززت مواصلة المتظاهرون احتجاجاتها التي كفلها لهم الدستور باعتبارها حقا مشروعا للمطالبة بحقوقهم وتواجدوا في الساحات للتعبير عن مطالبهم وبالطرق السلمية واستمروا في ذلك وهم متعاونون مع القوى الامنية بعدم الاعتداء عليها باعتبارها حامية لهم وبشهادة قادة كبار في القوات الامنية بأن القوى المدنية حضارية في قيادتها للاحتجاجات ووفق ما جاء بالدستور وهناك انضباط عال بالحفاظ على ممتلكات الدولة وعدم الاصطدام بالقوى الامنية كما حدث في تظاهرات الجمعة 20/5، حيث كان تصرف القوى الامنية غير موفق بالتعامل مع المتظاهرين العزل وارتكبت خطأ كبيرا باستخدامها الذخيرة الحية مما اوقع الكثير من الخسائر بينهم هذا التصرف غير الدستوري والذي يعتبر خرقا لقيم الديمقراطية وتعاملاً غير مسؤول اتجاه حقوق المتظاهرين في الاحتجاج والتظاهر والاعتصام وفق ما جاء بالدستور الضامن للحريات ومنها حرية التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية وبالطرق الحضارية التي للاسف لم يتم التعامل بها من قبل القوات الامنية بمهنية وحكمة ووطنية .
المجد لكل الشهداء الذين ذهبوا ضحية هذا العمل المتهور. والشفاء العاجل لكل الجرحى والمصابين وتقديم كل الخدمات الصحية لهم.