المنبرالحر

اذا انعدم الحوار .. انعدم الابداع / سلام السوداني

الابداع فعل عقلي تمارسه الذات الانسانية من اجل تغيير البيئة الخارجية للتحكم فيها، ولا بد من تدريب معلم قادر على تنمية الابداع لانه يساهم في حل المشكلات المعقدة عن طريق اخضاع الافكار للنقد. وينبغي للمعلمين والمدرسين تشجيع الطلبة على التحكم في انتاجهم وفي تقييم افكارهم، والمعلمون والمدرسون لا يمكنهم ان يكونوا مبدعين الا اذا كان المنهج الدراسي مناسباً والادارة المدرسية داعمة للمشروعات الابداعية ومساندة المجتمع، ولا بد للمعلم او المدرس ان يتنازل عن كونه المصدر الوحيد للمعلومات مع الكتاب المنهجي وان يتنازل عن التسلط وان يسمح لطلبته بممارسة تطبيق التقنيات الحديثة في الوصول الى المعلومة علماً ان اغلب معلمينا يجهلون ذلك، وان ينبذوا طريقة التلقين التي تعوّدوا عليها لانها مدمرة للابداع، وان المعلم يلجأ الى الحوار لان الحوار ينطوي بالضرورة على تباين وجهات النظر والتباين ويستلزم اعمال الفكر وان يشجع حب الاستطلاع واثارة عمليات التفكير الابداعي، اي ان المدرسة لا بد ان تكون مزودة بمواد متنوعة ومنشطة بشرط ان لا تكتظ الصفوف الدراسية بالتلاميذ، وهذا هو الواقع المؤلم الذي تعيشه معظم مدارسنا، اي ان مدارسنا اصبحت بيئة طاردة للابداع. مثلا نظام الامتحانات يسوده التهديد بالعقاب عند الشك، في التلميذ اثناء تأدية الامتحانات وتوقف مستقبله ومصيره على نتائج هذا الامتحان، علما ان هذا المناخ غير صحي وله آثاره السلبية على الابداع لدى الطلبة، كذلك نوعية الاسئلة التي على الطلبة حلها تقيس في معظمها قدرة الطلبة على الحفظ والاسترجاع لبعض الدروس والقواعد والمبادىء الرياضية في حل مشكلات روتينية رياضية وهذا بطبيعته يحد من قدرة الطلبة على الابداع علما ان الامتحانات هي وسيلة للتعليم والتعلم وليست وسيلة من وسائل التهديد والعقاب، وان المناخ الهادىء والمنضبط خلال الامتحانات يتيح فرصة للطلبة في امعان التفكير وإيجاد الحلول المطلوبة، ولا بد من أن تشتمل الاسئلة على النشاط البحثي الذي يتطلب من الطالب القيام ببحوث للاجابة عليها، وفي هذه الحالة يسمح للطالب بارتياد المكتبة والاستعانة بالكتب والمراجع للوصول الى الاجابة الصحيحة وضرورة تدريب المعلمين والمدرسين على استخدام انشطة فكرية تباعدية وتقاربية وتقويمية، يقللون فيها الاعتماد على الذاكرة ويشجعون على دقة التعبير اللغوي وتوفير مناخ مستقل وبيئة منوعة وغنية ومثيرة، ويطرحون اسئلة استكشافية ومتشعبة لتقدير الاصالة والافكار الجديدة ومهارات البحث والاستكشاف لدى الطلبة، واخيرا فان الاداء المبدع يأتي بثمار طيبة اذ اتسم المناخ المدرسي بالتوجيه والعمل الجاد والاستفادة من الفراغ في متابعة الطلبة، فالحوار والعصف الذهني يعين الفرد على التعبير عن افكاره والافادة من افكار الآخرين، وان التعلم بالحوار تعلم مثمر في المجموعات الصغيرة، وان العمل الجاد في مجال المعرفة ضروري ويؤدي الى اختراعات تفيد المجتمع، اي ان المدرسة تعطي للطلبة فرصاً لكي يركزوا على موضوع واحد بحرية وبدون قيد طالما هم لم يتركوا دروسهم اليومية وان لا تحصر اهتمامهم بالنجاح السريع كما معمول به في مدارسنا، وان يكون النظام المدرسي مرنا ومنوعاً يساير المواهب والاهتمامات المتنوعة اي ان المدرسة منشغلة بالابداع وان مدير المدرسة مسؤول عن تنشيط التفكير الابداعي بحكم اتصاله بالهيئة التعليمية، لكن واقع المدارس الحالية غير ذلك، المهم هو تزويد الطلبة باكبر قدر ممكن من المعلومات من الكتاب المقرر، واجراء الامتحانات الشهرية بكثرة وبلا منهجية، وتنظيم الدوام الرسمي اليومي لـ 6 او 7 دروس حتى لو أدى ذلك الى كبت الابداع وتحقيق نسبة متقدمة من النجاح حتى يبقى المدير في منصبه لسنة قادمة، وارضاء المشرفين التربويين والخلاص من انتقاداتهم ومحاسبتهم وهذا كله يجهض الابداع في مدارس لا يتوفر فيها مرسم ولا مسرح ولا حانوت نظيف بل صفوف مكتظة بالطلبة.