المنبرالحر

الاقتصاد الريعي ودوره في اخلاقيات المجتمع / جلال رومي

الدولة الريعية هي الدولة التي تحصل وبشكل منتظم على الريع المدفوع من الخارج اي اقتصادها معتمد على دخل لا يعتمد على انتاجها الداخلي بل نتيجة بيع مواردها الطبيعية او تأجير موانئها او أجواءها ....الخ ولم يوضح الاقتصاديون الكثير من خصائص هذا الاقتصاد بالرغم من كونه قديما جدا. اول من استعمل هذا المصطلح في التاريخ الحديث باعتباره شكل من اشكال المردود المالي هو عالم الاقتصاد الاسكتلندي ادم سمث في كتابه (ثروة الامم) ولم يحدد نمطه الاقتصادي لكن كارل ماركس حدده كنمط اقتصادي في كتابه (راس المال) حيث قال في الاقتصاد الريعي (تقوى علاقات القرابة والعصبية اما في التشكيلات الاجتماعية الرأسمالية فتسيطر علاقات الانتاج)
ولابد ان اوضح بان معظم دول العالم يمتلك اقتصادها نسبة محددة من الريع لكن عندما يعتمد دخلها القومي بشكل شبه كلي على مصادر ريعيه هنا تكمن الكارثة. كثير من الدول الصناعية المتطورة تستغل هذا المصدر لتطوير صناعتها واستعماله بشكل معقول لتقديم خدمات وضمانات لشعوبها وهناك امثلة لدول تدخر معظم هذا المصدر للأجيال المقبلة باعتباره مصدر سوف ينضب واستغلاله بشكل غير سليم يعتبر سرقة موارد الاجيال المقبلة وافضل مثل على ذلك النروج حيث تعتبر سابع دولة بتصدير النفط بالعالم.
من هنا يمكن ان نوضح خصائص هذا الاقتصاد
1.مصدر الدخل خارجي وممكن ان يكون هناك جزء من الريع داخلي
2.يشكل الريع العامل المهيمن على الاقتصاد
3.ينخرط معظم السكان في الاستهلاك او توزيع الريع وليس انتاجه
4.الحكومة هي المستلمة للريع في الدول المستقرة واوضح مثال على ذلك الدول الخليجية ، اما الدول غير المستقرة وتعاني من ضعف مركزيتها يتوزع الريع بين القوى المهيمنة في المجتمع اكانت قبائلية او مليشييه ومثال ذلك العراق وليبيا
5.التبعات لهذا الاقتصاد اهمال كافة المجالات الصناعية والزراعية
الاقتصاد الريعي (المفهوم )
1.ماذا تكون الدولة وكيف تدار ؟
2.تغييرالسلوكيات وتبدل منظومة القيم
3.المجتمع الريعي هش وسهل الانهيار
5.نظام استثنائي لا يدوم طويلا
6.يمثل حالة التسيد والتملك بين الشعب وراعيه
7.الحكومات او الجهات التي تمتلك الريع تمتلك الرعية
8.هو مصدر نكبة الدول التي تعتمد عليه
كيف ننطلق من القاعدة الاقتصادية لفهم تطور المجتمع
نظرية الدولة والايديولوجية عند ماركس الدولة (تعني اداة سلطة في خدمة الطبقة المهيمنة )والايديولوجيات( تعبير عن مصالح طبقة معينة) وان اساس المجتمع يقيم في الانتاج في العمل الذي ينتج الانسان من خلال ذاته وينتج المجتمع وان البنيان الفوقي ، السياسة القانونية والايديولوجية تبنى على قاعدة الانتاج من هنا انطلق من القاعدة الاقتصادية لفهم تطور المجتمع العراقي والمجتمعات الخليجية بشكل عام لان النشاط الاقتصادي واحد من اهم جوانب السلوك الانساني العام ووحدة شخصية الانسان تؤدي الى انعكاس الاوضاع الاقتصادية في مختلف المجالات القانونية والسياسية والفكرية .
هل العراق يمر بمرحلة العلاقات الاقطاعية ؟
حسب اعتقادي واستنادا للمعطيات على ارض الواقع العراق يمر بهذه المرحلة الاجتماعية المتخلفة للعلاقات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين في زمن العولمة وبالرغم من الغاء قانون الاقطاع بعد ثورة تموز 1958 حيث ظهرت النزعة الوطنية على حساب مصالح الاقطاعيين والشيوخ ومالكي الارض ولكنها ظهرت بشكل اخر وفي المدن بالذات حيث هيمنت العلاقات العشائرية والقوانين العشائرية واصبحت مؤسسات الدولة قائمة لخدمة مصالحهم واصبحت مصالح هؤلاء متطابقة مع مصالح رجال الدين الذين فقدوا الكثير من سلطتهم بعد ثورة تموز وهم الان يتعاونون من خلال النظام الطائفي الفئوي من المتاجرة بالنفوذ وبالتالي ايجاد ريع داخلي بمختلف الأساليب وهذه المهمة الاولى للطبقة الحاكمة هي تقاسم الغنائم عبر نظام المحاصصة للحفاظ على مصالحهم وهذا ليس غريب على المؤسسات الدينية ، ففي اوربا في الاقطاعية كانت الكنيسة هي الغطاء القانوني لاستغلالها للفلاحين .
الحصول على الموارد الريعية في العراق اخذ اشكال جديدة لم تكن معروفة سابقا فالأحزاب المسيطرة على السلطة شكلت مليشيات تحول بكل الوسائل الحصول على اكبر قدر من الريع وبطرق مختلفة من خلال الاستيلاء مباشرة على مصدر الريع كآبار النفط او السيطرة على موانئ التصدير او ابتزاز الشركات الاجنبية او المؤسسات المحلية للحصول على اكبر ريع ممكن وهناك حالات لا انسانية مثل تصفية الخصوم المنافسين لتقاسم الريع .
عقول القوى المهيمنة على اقتصاد البلد تفكر بشكل مرعب ومخيف ومؤلم على كيفية تطور امكانيتها الاقتصادية بعيدا عن مصلحة الشعب تستثمر اموالها الطائلة في المشاريع الخدمية السريعة الارباح كالعقار والاسواق او استيراد السلع الاستهلاكية من الخارج دون التفكير ببناء صناعة وطنية لان ذلك يتناقض مع مفاهيمها المتخلفة لان ذلك يؤدي الى خلق طبقة تحتك بوسائل الانتاج المتطورة وبالتالي يتغير الانسان العراقي ويصبح تفكيره بعيدا عن تخلفهم وهم يدركون ذلك بشكل جيد.