المنبرالحر

الهروب من الحل / عاصي دالي

من أهم المشاكل التي واجهت الحكومات المتعاقبة بعد التغييرعام 2003 مشكلة التضخم أو الترهل الوظيفي في القطاع العام والمختلط، والعشوائية في توزيعهم، وخاصة بحسب الكفاءة والاختصاص. ويمكن إعطاء أمثلة واضحة على ذلك، ففي مؤسسات وزارة الصناعة والمعادن نسبة لا يستهان بها من الموظفين من خريجي كليات التربية والعلوم الإسلامية والآداب والفنون الجميلة ومعاهد المعلمين واللغات وغيرها، بدلا من الاختصاصات الصناعية التي تدخل في صلب احتياجات وزارة الصناعة. وهذا يسري على بقية الوزارات الأخرى، فأين هي وزارة التخطيط من ذلك كله؟ ألم يكن من واجب وزارة التخطيط إعادة توزيع درجات كل موظفي الدولة على قاعدة بيانات موحدة، وحسب حاجة كل وزارة، والعمل على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب لاستخدامه استخداماً أمثل، والحفاظ عليه وتطويره بما يحقق أهداف بناء الدولة الحديثة. وقد اقترحت الحكومة العراقية لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد من خلال معالجة الترهل الوظيفي منح موظفيها اجازة لمدة خمس سنوات براتب اسمي، وهذا سيؤدي إلى سعي موظفين في أعمال مهمة لكنها شاقة إلى الحصول عليها بينما لا يقدم عليها من لا يتجاوز عملهم الساعات بين شرب الشاي والانشغال بالاتصالات الشخصية، أو من يستغلون وجودهم الوظيفي لابتزاز المواطن !
فان أرادت الحكومة فعلا التخلص من الترهل والتضخم في الدولة، فعليها التحلي بالشجاعة ومصارحة الشعب بحقائق النفقات الهائلة جدا التي تبذر على الطبقة الحاكمة، من حمايات ومستشاري الرئاسات الثلاث، وعليها أن تقول صراحة إن هذا العدد الكبير من النواب وأعضاء مجالس المحافظات والاقضية يشكل عبئا وعالة كبيرة على ميزانية الدولة .
أما كان الأجدر التفكير بتنشيط القطاعات المهملة منذ 13 عاما؟ وهي القطاع الصناعي والزراعي. فلدينا الاف الشركات والمصانع الحكومية المعطلة، والتي كانت تدر على العراق أموالا طائلة، وبمقدورها استيعاب هذه الموارد البشرية من الموظفين ( الحائرة الحكومة بهم )! اما القطاع الزراعي الذي كان في وقت ما يحقق الاكتفاء الذاتي من الخضار والفواكه والحليب،ونسبة كبيرة من المحاصيل الإستراتجية فيجب تنشيطه ايضا، وكذلك قطاع السياحة لوجود مناطق غنية بالجذب السياحي ،تتوفر فيها ركائز ومقومات السياحة الأثرية والدينية ، اما الهروب من هذه المشاكل وعدم مواجهتها فليس هو الحل اطلاقا.