المنبرالحر

الدروس الخصوصية وابتزاز الفقراء / د. صفاء سلمان

1- ان تفشي هذه الظاهرة الخطيرة في العراق يظل مالا مفسدا لتطوير التعليم، وواقع حال المدارس الحكومية ينطق بتجليات الدروس المشوهة لاكتظاظ الصفوف الدراسية من 50- 60 طالبا مما يولد مناخا غير مؤات للعملية التعليمية داخل الصف، ويتيح فرصا ضئيلة للطالب ان يسأل او يجد من يصحح له الاخطاء او يساعده على فهم ما قد يستعصي عليه.
2- فطرق اداء المعلمين والمدرسين قديمة تعتمد على التلقين والتدريب لا الحفظ، والمساعدة على الفهم للمتعلم الذي يمكن ان يتحقق من خلال استخدام التقنيات التربوية والوسائل التعليمية الحديثة، وتدريب المعلمين والمدرسين على البحث والتنقيب في مصادر المعرفة كافة التي تساند الكتاب المدرسي الذي ينبغي ان لا يكون وحده المصدر الوحيد والاساس للعملية التعليمية.
3- تنمية المتعلم تنمية شاملة ومتكاملة عقلياً وصحياً وجسمياً ونفسياً، وتنمي ميوله واتجاهاته وتنآى به عن اسلوب الحفظ والتلقين وتتجه به الى تنمية التفكير العلمي السليم والى الابداع والابتكار وتعمق مفهوم التعلم الذاتي وتسلحه بالمهارات اللازمة لضمان التعلم المستمر مدى الحياة.
4- ضرورة تطوير المناهج لتصبح مرتبطة بمتطلبات الحياة العصرية وعلى اسس علمية وتربوية من خلال خبراء متخصصين ومدرسين ومعلمين ممارسين وبحيث تتضمن المناهج الدراسية كتباً مدرسية تتسم بجودة الاعداد للمادة عرضا ومناقشة وتشويقا يصاحبه الاهتمام بالجوانب التطبيقية والعملية لكل محتوى دراسي وافساح المجال فيها للانشطة المكملة للمحتوى التي تبرز مواهب المتعلمين وقدراتهم وهو الامر الذي يساعد في النهاية على اختفاء الاعتماد المباشر على الدروس الخصوصية وخصوصا خارج اطار المدرسة.
5- اختيار شخصية اكاديمية كفوءة بعيدا عن المحاصصة الطائفية والحزبية لتولي مهام مديرية المناهج في وزارة التربية وذلك لضعف اداء مديرها الحالي وعدم قدرته على ادارة هذه المديرية المهمة، والابتعاد عن الايفادات الكثيرة وابتعاده عن مهام عمله وفشله في ادارة المديريات السابقة التي تولاها واكبر خطأ ارتكبته مديرية المناهج هو اقرارها كتاب العلوم العامة للصف الاول المتوسط بجزأين والغاء كتب الفيزياء والكيمياء والاحياء التي حصلت على درجة 85في المائة من منظمة اليونسكو لرصانة الكتب وجودتها. فما الذي دعا مدير المناهج الى قبول هذا العرض الذي يعتبر انتكاسة كبيرة في تأليف المناهج. ولكن لدينا مدرس يستطيع ان يدرس وبجودة عالية دروسا في الفيزياء والكيمياء والاحياء اي ما نطلق عليه مدرس (دمج)، لأن مخرجات كلية التربية لا تتوافق مع هذا النهج الذي اقرته مديرية المناهج بدون دراسة واستشارة وسبق ان رفض هذا المقترح من قبل المؤلفين والاساتذة العراقيين وفيه توصية بذلك، الا ان الوزارة تمعن في ارتكاب الاخطاء الفادحة والذي سيسري على الصفوف اللاحقة – الثاني متوسط – وهكذا.. ولنا رأي في ذلك مستقبلاً.
6- ضرورة اعادة النظر في نظام الامتحانات لان لها مواصفات وخصائص، من بينها ان تكون مميزة وانها تقيس قدرات متعددة في التفكير والابداع في طرق الاجابة وتنظيمها مع ابراز ذاتية الطالب واطلاعه والدفاع عن رأيه فيما يكتبه وهو ما لا يمكن ان تخدمه الدروس الخصوصية او التدرب على اجابات الروتينية.
7- تطوير وتحديث طرق التصحيح في الامتحانات بوضع درجات اضافية للابداع والتنظيم في الاجابات والحلول وعدم زج مدرسين او معلمين قليلي الخبرة في التصحيح واعطائهم هذا الكم الهائل من الدفاتر في اليوم الواحد بغية اعلان النتائج باسرع وقت ممكن، والدليل على ذلك كثرة الاخطاء في الدرجات خلال عمليات الاعتراض وهي قد تكون قاتلة مع تطوير وتحديث اللجنة الدائمة للامتحانات.
8- سلوكيات ومواقف الاسرة والمجتمع بسبب انعدام ثقة قطاعات واسعة وكبيرة في المجتمع في جدية العمل بالمدارس الحكومية وجدواها، لذلك انتشرت المدارس الاهلية التي هي عبارة عن معاهد للتدريس الخصوصي في مبان مبردة وهذا ساعده ظهور قيم في المجتمع العراقي بعد سنة 2003 لم تكن موجودة وبسبب الفساد الموجود في الدولة وحصول بعض المواطنين على اموال بطرق غير مشروعة وكذلك بينها التنافس المحموم والسعي الى بلوغ الغايات القريبة باقصر الطرق وايسر الوسائل دون الاهتمام بغايات اسمى وسلوك وسائل افضل وان بدت اصعب. لذلك تسابق اولياء امور الطلبة في الحاق ابنائهم بمراكز الدروس الخصوصية والدفاع عنها باعتبارها الطرق السريعة والسهلة للعبور الى الجامعة، ثم الحصول على وظيفة في ظل هذه الاوضاع الفاسدة.
9- ان الثقافة السائدة في المجتمع اكسبت الدروس الخصوصية بعض الصور المظهرية والقيمة الاجتماعية التي تدفع اولياء الامور إلى الحاق ابنائهم بالدروس الخصوصية باعتبارها احد مظاهر التميز الاجتماعي بين الاهل والمجمتع دون التدقيق و التحقق فيما اذا كان الابناء بحاجة ماسة الى هذه الدروس وتعود عليهم بالفائدة وتقدم لهم قيمة مضافة الى قدراتهم ومهاراتهم في التعليم حتى ان هذه السلوكيات قد تطورت الى درجة غير مَرَضية اصبحت بعض الاسر تلحق اطفالها وهم في مرحلة الابتدائية بالدروس الخصوصية دون الاعتماد على الذات وممارسة بعض العناء في المذاكرة والحل واستكمال الواجبات بانفسهم وفي دروس بسيطة كالتاريخ والجغرافية والاسلامية والعلوم، وانت تعجب وترى ان الآباء والامهات ينتظرون اولادهم امام هذه المعاهد او الدور لساعات طويلة لايصالهم الى دورهم.
10- فساد الاشراف التربوي وعدم قدرته على الحد من هذه الظاهرة يصاحبه فساد اكبر لمديري المدارس الذين يعلمون علم اليقين بالمدرسين والمعلمين الذين يمارسون التدريس الخصوصي لطلبتهم داخل البيوت عبر استقدامهم بمبالغ مالية او من خلال غرف او شقق قريبة من المدرسة، مع العلم ان بعض المديرين لهم نسب معينة من هذه الدروس الخصوصية التي يشجعون عليها ويوصون ويثقفون عليها. اما دور الادارة المدرسية والمعلمين وابلاغهم بمنع التدريس الخصوصي لطلاب المدرسة ومن يخالف ذلك يتعرض الى المساءلة القانونية، ولكن السؤال هو ما نوع هذه المساءلة؟ هل هو التجميد او سحب اليد ام عقوبة بسيطة كان تكون لفت نظر؟
11- ما دور المفتش العام في وزارة التربية في مكافحة هذه الظاهرة المستشرية في الجسم التعليمي؟ بمكاتبه وموظفيه، وهل سمعنا ان مدرساً احيل الى التحقيق في ظل هذه الظاهرة التي يعلم بها المفتش العام وموظفيه، بل هو يستقدم مدرسين ومعلمين لاولاده لتدريسهم، اما اجراءاته فهي خجولة او صفر، فلم تتخذ اية اجراءات صارمة لمنع التدريس الخصوصي بل استفحلت واصبحت ظاهرة، حيث اخذ الاعلام يروج لها عبر الصحف والمجلات للمعاهد والمدرسين والمعلمين الخصوصيين الذين يطلبون مبالغ طائلة وتتحول هذه المبالغ الى مدارس خاصة بعد استقطاب المدرسين المتقاعدين للتدريس في هذه المدارس.
12- هناك عيوب خاصة بالكتاب المدرسي من حيث المضمون والاخراج الفني، فالمفترض في الكتاب المدرسي ان يكون مفيدا للطالب وان يساعد المدرس على الشرح وان يقدم المادة العلمية بطريقة صحيحة وجذابة والا ان تكون طباعاته سيئة واخراجه غير جذاب من حيث الابتكار والتشويق او مملوءاً بالاخطاء العلمية لان الطبع الآن بالآجل وفساد اللجان التي تحيل طبع الكتب بسبب النسب المدفوعة إليها.
"مقتطفات"