المنبرالحر

العلاقة بين فضح الفساد والإرهاب / د. محمود القبطان

منذ أشهر وإحدى القنوات العراقية في سباق مع الزمن في فضح الإرهاب,وما ترشح من وثائق ومعلومات ,لو حدث هذا في بلد آخر,لكان أطاح بكل الرؤوس الكبيرة وبدون استثناء.
وثائق الفساد
علنا ومباشرة نشرت الوثائق الدامغة في صفقات الفساد والرشاوى بعلم الجميع وبتواقيع الوزراء ووكلائهم وبمعرفة من المفتشين العاميين ومدراء العقود.ورئيس الوزراء قال ما لم يقوله آخر حول الفساد::فساد بمليارات الدولارات!...لكن أين الرادع الإجرائي؟
فيما يخص الفساد في عقود الأسلحة لم يبقى أحد إلا وأعترف بها ولكن لم تتوصل اللجان التحقيقية إلى ما يجب فعله و حتى لو توصلت الى حقيقة الفساد في تلك العقود فالمحاصصة في السلطة هي قانون لم يكتب لكنه يلزم الجميع بالسكوت.وجاءت فضيحة أجهزة كشف المتفجرات ومن وقف وراءها ,ومثل سابقاتها لم تتوصل أية لجنة إلى إجراء رادع للفاسدين ولمن اشترك في شراء هذه الخردة من لعب الأطفال,وما يحز في النفس إن بريطانيا تسجن وتغرم بائع تلك الأجهزة المضحكة والعراق لم يتقدم خطوة في إدانة أو حتى الاعتراف بوجود فضيحة فساد كبرى في هذه الصفقة.ويستمر الصياح في الإدانة من جهة "بائع" الوثائق وبين من يدافع عن الأجهزة تلك.استمر نشر الوثائق وبالأسماء لان هيئة النزاهة حاولت عدم إثارة الموضوع وتركه بسبب ترابط المصالح في تلك الصفقة,يقول بهاء الاعرجي رئيس هيئة النزاهة البرلماني.
هنا يأتي السؤال :هل هناك علاقة بين فضح الفساد في صفقة أجهزة كشف المتفجرات وبين تصاعد وتيرة الارهاب؟طبيعي جدا كنتيجة حتمية في فضح أسوء جهاز لكشف متفجرات الارهابين وسياراتهم المفخخة وبين استيقاظ خلاياهم النائمة ومرة واحدة لتضرب بغداد ومحافظات أخرى في ساعات وأيام وحملتهم متسمرة ليومنا هذا منذ أسابيع وبدون توقف,مما أربك الأجهزة الأمنية بشكل قد يعطي انطباعا إنها أما مشتركة في الإرهاب وتمرير مفخخا تهم وأسلحتهم وعبر نقاط التفتيش المنتشرة أو أنها عاجزة تماما عن التعامل معها والكشف عنها حتى لو بالتفتيش اليدوي.وسؤال آخر:هل إن كشف الفساد وبالوثائق عن هذه الصفقة ومعرفة المجرمين,مهما كانت أسمائهم,بعدم فاعلية تلك الأجهزة هو الذي سَرّعَ في تنفيذ العمليات الإجرامية لتقتل وتجرح المئات خلال فترة قصيرة ويوميا؟في مقالة لي سابقا حول أحداث القتل الإجرامي اليومي ذكرت,أو هكذا سقط سهوا عدد القتلى 6222 بدل 622 في نيسان الماضي ولكن يبدو,وأرجو أن أكون مخطئا ,يبدو إن الرقم يقترب يوميا من الرقم الذي سقط سهوا. ففي يوم 29 مايس كما في كل يوم ,تعددت الانفجارات وسقط العشرات بين قتيل وجريح وبعض منهم جروحه خطيرة جدا وفي عدة مناطق في بغداد,حسب ما قالته أكثر من فضائية.الإشاعات تنوعت وازدادت بين الناس مما يشكل خوفا وذعرا بينهم وألما نفسيا يوميا. معظم العمليات الإرهابية تحدث في أماكن مكتظة بالناس و أولها الأسواق.
من يقف وراء فضح الفساد ولماذا؟
أول المنادين بكشف الفساد على شاشات الفضائيات علنا هم من التيار الصدري,وفي مقدمتهم بهاء الاعرجي,ومها الدوري,ومن المستقلين صباح ألساعدي وحسين ألأسدي. كل ما يقولوه هو حسب الوثائق الرسمية التي لا غبار عليها.لكن..ماذا يريد هؤلاء الساسة أعضاء البرلمان العراقي من فضحهم الفساد والفاسدين؟جزاهم الله خيرا ,وهم من كتل إسلامية,في عملهم.. لكن ماذ ا بعد؟هل هم مستعدون للوقوف ضد الفاسدين وكتلهم التي تحميهم؟إذا كانوا كذلك لماذا لا يخرجون من الكتلة الكبيرة التي هم أعضاء فيها؟كتلة الأحرار بكل رموزها التي تعلن على الملأ إنها ضد الفساد في الحكومة والدولة بشكل عام.إذا لماذا هم باقون في الحكومة التي تسترت على الفاسدين وفسادهم؟وإذا هم ضد الفساد حقا لماذ هم باقون في كتلة التحالف الوطني الى يومنا هذا؟هنا يبادرني سؤال آخر هل المصالح الفئوية الضيقة واقتسام كعكة المحاصصة هي أولى من الخروج من كتلة بُنيت طائفيا وخطأ شأنها شأن الكتلة الطائفية الأخرى والتي ينتابها التقسيم و التشرذم ؟لكن يبقى الهاجس الطائفي هو المحك.يقول جبر الزبيدي عن كتلة المواطن في مقابلة مع أحدى الفضائيات والتي أنزل التهم على الحكومة كالمطر وبيّن مواقع الخلل والفساد وووو,ولكن في سؤال لمقدم البرنامج أين سوف تكون كتلته مع كل هذا الفساد أثناء الانتخابات وهل ستختار نفس الائتلاف؟قال نعم.من هنا أنطلق في إن كل الزوبعة التي تثار حول فساد العقود ,أية عقود,سواء كانت في الأجهزة المذكورة أعلاه أو في عقود الكهرباء أو الأسلحة هي لا تتعدى التسقيط السياسي لحسابات انتخابية لا أكثر.
فائدة نشر وثائق الفساد
هل نشر غسيل الفساد في الفضائيات أدى مهمته؟من الجانب الآخر "لنصف الكأس"نرى أن هذا قد تحقق وبدليل أن بعض الأجهزة الحكومية أخذت الأمور بشكل أكثر جدية,ومن آخرها حول بارجات الطاقة الكهربائية في البصرة والمبالغ بالمليارات من الدنانير التي طالبت الحكومة بها لاسترجاعها والمطالبة بأموال أجهزة كشف المتفجرات وتعويضات لضحايا هذه الأجهزة.لكن الأمر سوف لن يكتمل ألا إذا استرجعت الأموال وحُوسب الفاسدون ووضع حد للتلاعب بقوت وأرواح الناس.على الحكومة أن تعلن وعلى الملأ وبدون محابات أسماء المقصرين والفاسدين والمرتشين ومسببي تعطيل الأعمار والبناء.
وعلى دولة القانون أن تبدأ بنفسها أولا لتؤكد مصداقيتها ومن ثم تأتي على باقي الفاسدين,لان الفساد هو إرهاب من نوع آخر وجريمة كبرى يعاقب عليها القانون وفي كل العالم. بدون هذه الإجراءات الكبيرة والجريئة سوف لن تكون هناك نهاية للفساد حيث الأرض "خصبة" جدا,عندما لا يكون هناك عقاب جراء تلك الجرائم.وإذا لم تحاسب الحكومة الفاسدين فهي,دولة القانون ,سوف تكون مشتركة فعلا بتلك الجرائم,وهي كذلك.
" الشبح" والإرهاب
ما يجب ذكره هو استطاعة قوات الشرطة الاتحادية والجيش والطيران في خطة الشبح من ضرب موجع
لمخابئ الإرهاب وشكلت هذه العملية ضربة قوية لخلايا الإرهاب ولحاضناته في صحراء الرمادي والرطبة وقتل واعتقال العديد من الإرهابيين وهذا يسجل للجيش العراقي على أن لا يتم تسوية مصير المجرمين الإرهابيين من العرب وغيرهم بصفقات مع بلدانهم بعد كل ما قاموا به ضد العراق وطنا وشعبا.