المنبرالحر

وكل حزب بما لديهم فرحون / احمد عبد مراد

هذا هو حال الاحزاب الطائفية وهو ما ينطبق عليها اليوم تماما ،فكل منها يدعي المواطنة الحقة والنزاهة والعدالة المجتمعية بكل ما تعنيه .. وهوالرافض للطائفية وخطاباتها المحرضة على العنف وهو الذي يدعو للتاخي والتآلف ونبذ الفرقة والعصبية ، وانّ الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية الصحافة والراي من اُوائل
اهدافه، وكذلك هو يدين الارهاب والقتل على الهوية وكل انواع العنف الطائفي ويرفض كل التشكيلات الميليشاوية المسلحة، وان للعراق جيش واحد هو وحده له الحق بامتلاك السلاح وحماية الامن والنظام وما عدى ذلك فهويعد خروجا على القانون ..هذا ما تدعيه الاحزاب المتنفذة والتي هي الان تقود الدولة وتتربع على عرش حكمها المفصّل على قادتها من قبل الادارة الامريكية والذي البسه اياهم السيد بريمر بكل سهولة ويسر، وفاتهم ان الطائفية هي اللعنة التي سوف تغض مضاجعهم والتي سوف تطاردهم في حلهم وترحالهم وستنصب عليهم لعنة من سقط وقودا واحترق بنيران الصراع الطائفي من ابناء الشعب بكل طوائفه على حد سواء.. ولا بد من ان يتساءل المواطن العراقي.. اذا كانت هذه الاحزاب تتسم فعلا بهذه المواصفات النبيلة وتتبنى هذه المواقف الانسانية وهذا الحرص على الوطن والمواطن فلماذا اوضاعنا في ترد مستمر؟ ولماذا هذا التطاحن والتجاذب وتبادل الاتهامات ؟ ولماذا تتشكل الجيوش الخارجة على القانون امام سمع وبصر قادة العملية السياسية وتطلق تهديداتها بالضرب دون هوادة بهذه الجهة اوتلك ؟ ولماذا لا تتفق الاحزاب الحاكمة المدعية دوما بانها عابرة للطائفية والجهوية والعرقية والمتباهية بانتصاراتها الوهمية بوضع حد لتشكيل تلك الجيوش التكفيرية ؟.
ان ادعاءات الاحزاب الحاكمة تبدو فارغة وما عادت تنطلي على جماهير شعبنا، وبات الادراك يتجذر ويتسع ليشكل وعيا عاما لدى الجماهير الواسعة بأن اي حزب يتشكل على اساس الطائفة الواحدة والعشيرة الواحدة والجهة الواحدة والعرق الواحد لابد ان يكون طائفيا وعرقيا وعشائريا وجهويا وان تلك الاحزاب التي تقود العملية السياسية والفرحة بما لديها فهي لا تتعدا ذلك وتنطبق عليها كل الصفات الانفة الذكر مهما حاولت ان تغلف نفسها بلباس الوطنية والانفتاح على كل ابناء الشعب العراقي فهي مضللة ومخادعة وكاذبة فليس من المنطق والمعقول ان يجري تقسيم العراق على هذا الشكل ويسقط من ابنائه مئات القتلى والجرحى كل يوم ناهيك عن المشردين والمهجرين والمخطوفين فاذا كان هذا حال الوطن والمواطن فبماذا تتباها الاحزاب الطائفية التي اغرقت البلاد في ظلام دامس واصبحت الامال والامنيات سرابا؟.. ان ما يحصل في العراق من تمزق وتشتت وبعثرة وضياع في الوقت الذي تدق فيه طبول الحرب الطائفية و تنتشر في ربوعه عصابات القتل شاحذة سيوفها لتضرب في كل مكان وزمان واينما تريد ،بينما ينتشرون قطاع الطرق يصولون ويجولون بحرية ليقطعوا الرؤوس ويرموا بالجثث المجهولة الهوية التي تطفو في الانهار والوديان والصحارى، في الوقت الذي تنهب اموال العراق وخيراته عبر شتى الاشكال والوسائل، بينما نرى القيادات الطائفية منشغلة بالاعداد لما هو اكثرهولا وعتمة ، فماذا يريد اعداء الشعب العراقي اكثر من ذلك؟.. لقد اصبح العراق ساحة تجارب لكل من هب ودب وفقد سيادته وسيطرته على ارضه و سمائه فهاهي اجوائه مستباحة وارضه تسرح وتمرح فيها العصابات المسلحة وتجري عليها الاتفاقات الدولية دون معرفة وعلم الدولة وحكومتها الطائفية وبرلمانها المقيت، وهنا لابد من تحميل جميع الاحزاب المشتركة في الحكومة والبرلمان المسؤولية الكاملة عما لحق ويلحق بهذا الشعب والوطن من دمار وخراب.
لقد دعت القوى الديمقراطية والوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي بعد التقييم الموضوعي لطبيعة الظروف المعقدة والمسار المتعرج للعملية السياسية والمخاطر المحيطة بها وطبيعة تشكيل الحكومة ومارافقها من ازمات خانقة منذ قيامها ،دعت تلك القوى وفي وقت مبكر لعقد اجتماع يضم جميع القوى المشتركة في العملية السياسية لدراسة الاوضاع والمخاطر التي تحيط بالعملية الديمقراطية الناشئة والوصول الى خارطة طريق واضحة تجنب الشعب العراقي المآسي والويلات ، وعندما تجاهلت القوى المتغطرسة هذه الدعوات والمناشدات وبعد ان اصبحت الامور تنزلق الى منزلقات خطرة طالب الحزب بانتخابات مبكرة وبهذا الصدد نشرت الشرق الاوسط تحت عنوان بارز
( الشيوعيون العراقيون يطالبون بانتخابات مبكرة لتصحيح الاوضاع)
خرج المئات من أنصار الحزب الشيوعي العراقي في مظاهرة وسط بغداد، أمس، طالبوا خلالها بإجراء انتخابات مبكرة، وذلك بمناسبة الذكرى الـ53 لـ«ثورة» 14 يوليو (تموز) عام 1958. ورفع المتظاهرون شعارات مجدت تلك الثورة وزعيمها؛ عبد الكريم قاسم. واعتبر المتظاهرون خلال الشعارات التي رفعوها أن إجراء انتخابات مبكرة هو صمام الأمان الذي يقف حائلا أمام أي اضطرابات يمكن لها أن تحدث في الفترة المقبلة)
ولكن القوى الطائفية المغرورة والتي لايهمها الا مصالحها الانانية الضيقة لم تعبأ بالمناشدات الحكيمة والنزيهة ، واليوم وبعد ان تعقدت الظروف واستعصى الحل وسال الدم العراقي غزيرا جاؤا متأخرين لتبني تلك المطالب والحلول التي طرحها الحزب الشيوعي بعقد اجماع وطني وطرح موضوع اجراء الانتخابات المبكرة ..فأين كنتم ياسادة ياكرام عندما جائتكم المناشدات الموضوعية النزيهة.