المنبرالحر

من يوقف سنونامي الطائفية في العراق؟ / عادل كنيهر حافظ

لامني احد الاصدقاء وقتذاك ، عندما جاء الأمريكان بخمسة عشر من شخصيات الطائفة السنية وأدخلوهم الى العملية السياسية ،حيث قلت وقتها : كان في المنطقة لبنان واحد اصبح اثنين ، قال لي هذا ضرب من التشاؤم .... الا انني كنت راسخ القناعة بما أقول ، لان تقاسم الطوائف لسلطة الدولة، تعني مما تعنيه ، العمل لمصلحة كل منها ، وليس العمل لمصلحة الوطن ، بمعنى اخر ليس هناك برنامج او خطة عامة لتطوير البلاد ،وإنما تبنى مؤسسات الدولة. المدنية والعسكرية ، وتدار على أساس الولاء للطائفة ، دون الوطن ، وكما يقول الحزب الشيوعي العراقي ،في الفقرة ١٠١ من الموضوعات السياسية المعدة للمناقشة في الموتمر العاشر للحزب ،وهو على كامل الحق فيما ذهب اليه ( ان نظام المحاصصة الطائفية ، يولد الأزمات تلقائيا ، فلا تقدم ولا رخاء حقيقيين ،ولا مواجهة للفساد والارهاب ، ولا ضمان لوضع الشخص المناسب. في المكان المناسب ، وتوفير الأمان والحياة المدنية، وتكافؤ الفرص للمواطنين، وبناء دولة المؤسسات والقانون ، طالما بقيت القوى والكتل السياسيةالمتنفذة متمسكة بنهج المحاصصة .
وهنا لا يجري الحديث عن الانتماء الطائفي ، وإنما عن التعصب الطائفي ، حيث ان الانتماء الطائفي ، هو عنوان طبيعي يكتسبه الانسان حين الولادة ، فمن يولد من عائلة كردية في السليمانية ، لا يمكن ان يكون غير كردي ومسلما سنيا ، والذي يولد في تكريت من عشيرة الكرابلة ، سيكون حتما عربيا ومسلما سنيا ، والذي تلده امه من بني مالك ووالده من عشيرة بيت مشتت لا يكون غير مسلم عربي شيعي ، والمولود في قرية القوش في الموصل فهو حتما مسيحي ، لذلك يكون الانتماء القومي والطائفي ، وحتى اللغة التي هي وسيلة للتفاهم ، وكثير من العادات والتقاليد ، هو معطى موروث ، وليس من خيارات الانسان المتاحة في الحياة .
ولكن الحديث يدور حول التعصب الطائفي ، حيث يقيم مواطن الدولة على أساس انتمائه المذهبي ، بغض النظر عن مؤهلاته الاخرى ، وهنا موطن الحيف والهظيمة التي تلحق بالمواطن ، جراء معاملته بهذا الشكل المجحف ، الذي لا يقيم اي وزن لحقوق الفرد الانسان ،الذي كفلته له اغلب قوانين الارض .
عليه يغدو النضال بكل اشكاله الشرعية ، من اجل التغيير، ليس فقط مشروعا وإنما واجب ضروري ، للدفاع عن كرامة. الناس المهدورة ، في فضاء السياسة الطائفية القذرة ، ومن هنا ينطلق التفكير الجدي والمطلوب ، عن الطرق والوسائل ، لاستنهاض الناس للدفاع عن نفسها ، لان نفق الطائفية المرعب ليس في نهايته ثمة نور ، كون الكتل السياسية المتمترسة خلف مليشياتها ،لاتأبه بمصيرالناس ومصير اطفالها ، وما يصيبهم من فقر ومهانة . وان هذا الحال سيستمر ،وستطحن سياسة الدولة الطاىفية ما تبقى من هيكل الفرد العراقي ، ما لم ينتفض الشعب العراقي ويوقف سنونامي الطائفية ، بشكل من الأشكال ، ومنها زيادة وتنويع أشكال الاحتجاج ، من تضاهرات وإضرابات واعتصامات ،وعصيان مدني ، وغيره ، حتي الثورة الشعبية، هذا اولا ، وثانيا ، ان تترك القوى التي لا تنتمي للإسلام السياسي ، كل خالافاتها وتباين الرأي والفكر وتضع أمامها هدف واحد ووحيد ، تصب كل جهدها من اجل تحقيقه ، وهو إسقاط الطائفية ، من خلال بناء جبهة عريضة ، تخوض الانتخابات ، تحت شعار ، من اجل حكومة المواطن ، العمل قدر الممكن على تحريك الاعلام ، في لقاءات ومؤتمرات ، وندوات صحفية ، لاطلاع الناس على ما يحيق بهم من مخاطر ، ستنهي البلاد الى اطلال ، تبكي الأرواح قبل العيون ، اللجوء الى المحاكم والمجالات الدولية ، ومنظمات حقوق الانسان ، تقديم الشكوى لمراجع الدين ، ليلعبوا دورهم الإنساني في نصرة المظلومين ، تكوين هيئة من كل القوى التي تريد الخلاص من المحاصصة الطائفية ، تأخذ على عاتقها ، تحريك الشارع ، وكل منظمات المجتمع المدني ، واللجوء للإعلام ، لتبصير الناس بالخطر الداهم ،الذي سيسحقهم ، اذا لم يتصدوا له بكل الممكنات الشرعية ، وليسمعوا كلام الامام علي ابن ابي طالب ع ( عجبي على امرء ينام جائعا ولايشهر سيفه .... ) وأقول من يرى الظلم ولا يرفع هامته بوجهه ،سيعيش ظالما بكل جوارحه ......