المنبرالحر

كتب اسم أمهم.. فدخل المستشفى! / سارة العادلي

من أقسى أنواع العنف ضد المرأة هو تهميشها، ولا اقصد هنا الإقصاء السياسي من قبل الكتل السياسية لدورها في مراكز صنع القرار والسلطة التنفيذية وهيمنة الرجال على جميع المناصب العليا، حيث انها تمثل اكثر من 50 بالمئة من المجتمع العراقي، كذلك لا اطرح هنا افتقار البرنامج السياسي للقوى الحاكمة والمتنفذة الى معالجة مشكلة المرأة بشكل جاد وواقعي. فمعظم المطلعين على الاحداث الجارية يعلم يقيناً أان مشاركة المرأة الفعالة في الانتخابات كان لها التأثير الايجابي لنجاح الفعالية الديمقراطية السياسية،التي تمخضت عن منح 25 بالمئة ?نص مقاعد البرلمان للنساء وأقرت دستوريا، وما يؤسف له عدم قدرة البعض من النائبات على ان تكون ممثلة حقيقة للمرأة العراقية بطرح معالجات لمعاناتها، وغالبا ما تكون تابعة الى رئيس الكتلة وتعيش تحت هاجس إقصائها من الكتلة اذا ما اعترضت او ابدت رأيا يخالف رأي رئيس الكتلة.
ما أود الإشارة له هنا، هو ظلم المجتمع للمرأة فما يزال مجتمعنا يغمط الكثير من حقوقها وفي شتى الميادين، ومنها الإنسانية، وينظر لها كأنها مواطن من الدرجة الثانية، تحدد واجباتها بتقديم الخدمات لأفراد العائلة. وتحرم من حق التعليم.
وكثير من الرجال يجبرون زوجاتهم أو بناتهم على اختيار من يرونه مناسباً، من دون الاكتراث بما تراه أو تريده هي، بل حتى المثقفات والمتعلمات منهن يصادر رأيهن وتمسخ ارادتهن، فالمجتمع العراقي ذكوري الى حد النخاع.
بل ان اغرب تهميش يصيب المرأة هو بعد موتها، حين يتم التغاضي عن كتابة اسمها في لافتة عزائها من قبل ذويها، وتنسب الى احد أقربائها كأبيها او أخيها أو ابنها، فيكتب «كريمة فلان او عقيلة علان» وهكذا، وبغض النظر عن دورها الاجتماعي او مركزها الوظيفي وربما تصيب العدوى حتى السياسيات منهن، وسأروي لكم حكاية الخطاط حين اتفق مع اقربائه على كتابة لوحة عزاء والدتهم، «بحكم انه خطاط وقريب لوالدتهم» لكن من سوء حظه انه نسي العرف الاجتماعي المقلد في بلده، وقام بكتابة اسم الام المتوفاة في اللوحة، ليكون أجره عبارة عن ضرب وركل وكدمات زرقاء تملأ جسده، اضطر بعدها لدخول المستشفى للمعالجة، فقد اعتبروا الامر سبة لهم وشتيمة لوالدتهم بإشهار اسمها.
ولا يقتصر تهمشيها على هذا فحسب ففي الأحياء الشعبية تكنى المرأة عند ولادتها باسم أبيها، ثم باسم اخيها، وزوجها ليختم الامر باسم ولدها، ويبقى اسمها في بطاقة الاحوال المدنية وتتداوله عند الدراسة وعقد الزواج فقط، والطريف ايضا انه حين يتشاجر الصبية فيما بينهم، يتقاذفون باسم الام تعبيرا منهم لتبادل السب بينهم. هنا يأتي دور المنظمات النسوية للتعريف بأهمية دور المرأة في المجتمع وتطوره وازدهاره.