المنبرالحر

الأسلحة الفتّاكة من حلبجة الشهيدة حتى غوطة دمشق الجريحة/ جواد وادي

كل من يشك، رغم انهيار النظام البعثي الفاشي المجرم، بأن صدام حسين لا يمتلك الأسلحة الكيماوية الفتّاكة، ينبغي أن يودع مستشفى المجانين، أيا كان موقعه ومنصبه وجنسيته، وتحديدا المتشككين بأن الغزو الأمريكي للعراق بحجة امتلاك صدام حسين للسلاح الفتّاك، بكل أنواعه وشروره، كان مجرد اتهام باطل، كما سوّق له وطبّل وزمّر، المقربون للنظام المباد من عرب وآجانب، ليتحول الملف بقدرة المرائين والمغفلين، من اتهام ثم إدانة للنظام الفاشي، إلى تجني عليه وإلصاق التهم الباطلة من أجل تبرير الغزو ثم الإطاحة باعتى نظام فاشي كوني مدمر عرفته البشرية في تاريخها برمته.
والحقيقة يا سادة يا كرام، أن صدام نسج خيوط اللعبة بتمكن وحبكة وبطرق احتيالية، من غمط للحقيقة وإخفاء اسلحته القذرة، بطرق لا تخطر حتى على ألأبالسة، حتى أقنع الجميع أنه مظلوم، وأنه لا يمتلك من هذا السلاح الفتّاك غير الاسم، فكانت لعبة من أعدائه وبمعونة معارضيه لإيجاد مبرر لإسقاطه والتخلص من شروره، كما يدّعون، ولا زلنا حتى اللحظة نسمع هذا الكلام الممجوج.
أية لعبة سمجة تلك التي مررها النظام حتى فعلت فعلها، وراح الغرب يكيل التهم لبعضه البعض، بأنهم لم يكونوا على يقين من هذا الأمر، وأن كل ما قيل عن صدام ونظامه، مجرد معلومات مغلوطة وصلت للمخابرات ألأمريكية فأخذها على محمل الجد، وحصل ما حصل، وإلى اليوم والغرب وانصار النظام المجرم لا زالوا على قناعة بهذا الطرح المفبرك.
قبل كل شيء، وحتى لو افترضنا جدلا أن صدام لم يكن يمتلك السلاح المدمّر بكل أنواعه وشروره، فان وجوده في السلطة وبقائه واستمراره بارتكاب الحماقات، ليضع في جدول امراضه ونواياه الصبيانية، الدول التي سيغزوها و(يكاونها) بالتدريج، بعد أن يفلح بغزو الكويت، ليبتلع المنطقة برمتها، ولعله يصل بحروبه المنتكسة، لأرض الكنانة. هذا بحد ذاته يشكل خطرا كبيرا يفوق بكثير الأسلحة الكيمياوية. فوجود صدام حسين وتشبثه بالسلطة كان هو الخطر بعينه وعلى الجميع، عراقيين وعربا وغيرهم، وكم ارتعبت دول من سطوته حتى انها كانت على استعداد للتنازل عن كل شيء، حتى عن جزء من أراضيها، لقاء تجنب شروره وبلطجيته،
فهل نسي الجهابذة، منصفو صدام، أن الكويت كانت على استعداد للتنازل عن كل ديونها، وكذلك التنازل له عن الجزر الكويتية الثلاث، لقاء العزوف عن غزوها، أي نظام دولي يقبل بهذه البلطجة العسكرية وإخضاع القانون الدولي لشريعة الغاب، ولعل التنازلات الكبيرة تقدمها له وعلى طبق من جواهر، دول خليجية ودول جوار اخرى، وعلى الرحب والسعة، تلافيا لشروره ونوازعه المريضة في السلطة والجبروت.
هذا بحد ذاته يعد أمرا أخطر بكثير من اسلحة التدمير الشامل، قد تصل الى الأسلحة النووية، لكن العالم وهو بهذه الهشاشة من التفكير وفقدان مجسات الخطر الصدامي، اغلقت كل قنواتها وتعاملت مع الملف العراقي، ببساطة وببرودة مواقف، والعلم يبقى في دهاليز أروقة السياسة وألاعيبها.
طيب... يا سادة يا كرام، اذا كان صدام لا يمتلك السلاح الكيمياوي، وهو برئ من التهم الملفقة ضده، براءة الذئب من دم يوسف، فمن قصف حلبجة إذن؟ أهي قوى خفية هبطت من أجرام أخرى؟ لتتجنى عليه ظلما وعدوانا، ومن استعمل الكيمياوي ضد الأكراد في عمليات الأنفال القذرة؟ أهي مخلوقات كونية خفية لا يعلم مستقرها ومآلها إلا المؤمنون ببراءة صدام من فعلته هذه؟ ومن اطلق الاسلحة الفتاكة ضد الجيش الايراني على الحدود العراقية الإيرانية بمجرد ما اتهمته ايران باستعمال السلاح الكيمياوي ضدها، وما أن تناهى لعلمه بتوجه لجنة دولية بتقصي الحقائق حول الاتهامات الإيرانية، بادر هو بإطلاق الكيمياوي على قرى عراقية، راح ضحيتها المئات من العراقيين الأبرياء، بدعوى أن ايران هي من استعملت هذا السلاح لقتل العراقيين، ليتبرأ من افعاله الخسيسة.
ان صدام حسين العن من اللعنة ذاتها، وأشد شيطنة من الأبالسة جميعا، طبعا من خلال تجنيده لزبانيته من العسكر والمخابرات، وأجهزته الأمنية والحزبية،
بتجنيد طبّاليه من الكتبة المرتزقة، وفاقدي الضمير والقيم.
والغريب في الأمر أن السلطات العراقية الحالية، لم تكلف نفسها بالتحقق من وجود الكيمياوي الصدامي من عدمه، بتشكيل خبراء وبمرجعيات قانونية ووثائق، لتحريك هذا الملف الذي بقي متسترا عليه، لأمر لا يفقهه غير المتسمرون على الكراسي خوفا من هروبها، لتبقى الدعوة مفتوحة للتحقق من هذا الملف الخطير جدا جدا، ولعل المنظمات المجتمعية كفيلة بتبني هذا المقترح.
كيف كانت تصل لأسماعنا، أن صدام حسين كان يستعمل شاحنات عملاقة، متحركة، تحمل كل اسلحته الفتاكة وارسالها للصحراء ومناطق بعيدة عن فرق التفتيش؟ وما أن يزول الخطر مؤقتا، يعيدها لأماكن اخرى، ليمارس لعبة القط والفار مع تلك اللجان، ومن خلال شهادات قرأناها وسمعناها واطلعنا عليها من المقربين لصدام، ممن نفذوا بجلودهم خوفا من قتلهم وعوائلهم، بعد أن طوقته الشكوك حتى من أقرب المقربين له.
انه لأمر يثير الحيرة والاستغراب والألم كذلك، أن يخرج الجميع بحصيلة أن صدام لم يكن يمتلك الأسلحة الفتّاكة، كيمياوية كانت أو بيولوجية، وكأن السنوات الطويلة التي قضاها باستقدام الخبراء الاجانب، وبمساعدة العراقيين، وملايير الدولارات التي انفقها على الاسلحة القذرة، كيمياوية ونووية، كلها مجرد افتراءات عن نظام برأسه مجرم وبلطجي، ليس لها من الوقائع ما يجعل الخبراء، الامساك بخيوط اللعبة المحكمة الترتيب والنسج، بأقصى ما تكون عليها الحيل الشيطانية.
من اين اكتسب اللعين علي حسن المجيد لقب كيمياوي؟
أكان حاملا لشهادة الدكتوراه في الهندسة الكيمياوية وعلومها؟ أم هو خبير قتل وفتك وتدمير، جاءته التسمية، لأن لغته كانت الابادة الكيمياوية، دون غيرها من لغة خطاب لا تتسم بالمسؤولية، وكيف أدين وأعدم في محاكمة نزيهة ومهنية، اعترف بها القاصي والداني، بعد أن اطلعنا على خبايا هذا الملف؟

وماذا كانت وظيفة هدى صالح مهدي عمّاش، المقربة جدا من صدام؟ أليست هي المسؤولة عن الملف الكيمياوي؟ وكيف قام المجرمون الجبناء بقتل وإبادة الآلاف من الكرد الأبرياء وبكل ألأعمار، عوائل آمنة، تمت ابادتها جميعا ودون رحمة، بين ليلة وضحاها، والعالم كله تبيّن فضاعة الفعل الشنيع بالصور والأفلام والوثائق، هل كان ذلك فبركة وتجني على صدام وأزلامه؟ منهم من أعدم ومنهم من ينتظر، اللهم لا تشفي ولا شماتة، الا بقدر احقاق الحق، لأن انين الموتى أشد وأمضى على المتخاذلين وكل من يسعى لطمس الجرائم البشعة، لأنهم ببساطة سيصنفون، والحالة هذه، في عداد المخلوقات غير الآدمية.
هذا غيض من فيض الأسئلة التي ندعو فرسان النفاق جميعا بتدليس الحقائق، الاجابة عليها...........
من أين جاء الطاغية الاسد بكل هذه الترسانة الضخمة من الأسلحة الكيمياوية والجرثومية؟ ألم يكلف أحد نفسه أن يطرح هذا السؤال ليجيب هو بنفسه بعون من المكلومين بهذ الفجائع الانسانية الرهيبة؟
ليكن في علم الجميع أن اسلحة صدام، جلها إن لم تكن جميعها هي الآن بحوزة نظام الأسد، والسؤال، كيف ومتى توصل بها؟ أقول وبلغة الواثق من طبيعة ما عليه النظام البعثي السوري، كامتداد للبعث العراقي المنهار، ان اسلحة الأسد كلها صدامية، وسيعرف العالم أجمع أن قناعاتهم ببراءة صدام، هي إما مجرد استغفال مارسه عليهم بطانة الطاغية وأبواقه، أو شراء ذمم من قام بطمس الحقائق، ولننظر ما يكشفه الزمن، طال أم قصر، عندها ستتذكروننا بالكلام الطيب.
وإن غدا لناظره قريب
والمجد والذكر الطيب لكل ضحايا الانظمة الفاشية