المنبرالحر

مظاهر العنف داخل المدارس / سلام السوداني

شهد مجتمعنا مظاهر عديدة للعنف داخل المدارس. فالمدرسة مؤسسة اجتماعية ليست منعزلة عن المجتمع المحيط بها، لذا فهي مرآة تعكس نمط القيم والثقافة الساندة في المجتمع بصورة او باخرى، من خلال الطلبة والمعلمين، ويعتقد البعض ان تلك المظاهر جديدة على الحياة المدرسية وعلى ثقافة المدرسة بوصفها مؤسسة تربوية تسعى نحو تعديل السلوك والقيم في المجتمع من خلال التوسع في التعليم ونشر المدارس في انحاء العراق. وهناك اسباب عديدة للعنف داخل المدارس.
فقسم من هذا العنف يعود إلى المدرسة ذاتها وادارتها والعلاقات الاجتماعية وانماط التفاعل الاجتماعي القائمة بين افراد المؤسسة التعليمية. وقسم آخر يعود الى طرق التدريس واستراتيجيته التي تعتمد التلقين وسلطة التعليم. وبعض ثالث ناجم عن المناهج الدراسية المنعزلة تماما عن حياة الطلبة وعدم اشتباكها بواقع الحياة المعاشية، ارتباطاً بأساليب ادارة الصف الدراسي من قبل المعلم. كل ذلك يؤدي الى نشوء ظاهرة العنف داخل المدرسة:
قسم من هذه يعود الى ما يسود داخل المجتمع الكبير من ثقافة العنف واستخدامه اسلوبا للتعامل على ايدي طلاب يحملون آلات حادة داخل المدرسة، وفي سلوكهم مع بعضهم ومع ادارة المدرسة ومع المعلمين.
وهذا كله يعود الى غياب العدالة في المجتمع. وهناك كذلك بعض صور العنف التي تبدر من المعلمين داخل المدرسة، وذلك بسبب الدروس الخصوصية او في محاولة لاجبار الطلبة على التزام سلوك معين، او عدم قدرة المعلمين على السيطرة على سلوك الطلبة. وهذا راجع الى ضعف ادارة المدرسة وسيطرة الخوف في العلاقة بين المعلم والطالب مما يسيء الى هذه العلاقة. بالاضافة الى اشكال التسلط الزائد.
ولا ننسى فشل المعلم في خلق مناخ من الاحترام المتبادل بينه وبين الطلبة واستعماله طرق عقاب صارمة ولجوئه مباشرة إلى العصا. وكثير من المعلمين لا يؤمنون باهمية استخدام اسلوب الثواب الامثل لتربية الطلبة، ولجوء الكثير منهم الى العقاب البدني الشديد مما يولد العنف لدى الطالب. كما ان لذلك آثاراً نفسية سلبية حيث يصاب الطلبة الذين يقع عليهم العقاب بالاكتئاب والشعور بالقسوة وفقدان الثقة بالنفس والمستوى المرتفع من القلق والكره للمدرسة والمعلمين.
ان العقاب البدني الشديد يولد اعتقاداً لدى بعض الطلبة بان العنف طريقة ملائمة لحل المشاكل، وهذا ما هو سائد في مدارسنا في الوقت الحاضر. ويبرز هنا انعدام دور المشرف التربوي داخل المدارس بحيث تحول هذا المشرف الى كاتب في المدرسة وانيطت به مهام اخرى غير مهامه الاصلية، حتى انه بعيد جدا عن حل مشاكل الطلبة وحتى عن دوره في المدرسة كمتابع للطلبة ومشرف على البطاقة المدرسية. بحيث اصبحت هذه البطاقة عبئاً ثقيلاً على المدرسة وهي مكدسة في غرفة تملؤها الاتربة. يضاف الى ذلك عدم احتواء المعلمين للطلبة بصدر رحب ولجوئهم مباشرة إلى العقاب البدني كأسلوب للتربية انطلاقا من مقولة (العصا لمن عصا) او (اللحم لكم والعظام لنا).
ويعاني الكثير من المعلمين من الضغوط النفسية والاجتماعية النابعة من العمل او الحياة اليومية، فاخذوا ينقلون هذه المعاناة او المشاكل الى داخل الصفوف لتنعكس على الطلبة وعلى الحياة التعليمية. ويفتقد الكثير من المعلمين الاساليب الحديثة والطرق المتطورة لضبط الوقت. كما يلاحظ ان الكثير من المعلمين ليس لديهم القدرة على ابداع وابتكار انشطة تعليمية ثرية تستوعب طاقات الطلبة المتعلمين وقدراتهم ونشاطاتهم. هذا بالاضافة احيانا الى ضعف شخصية المعلم وعدم قدرته على استيعاب سلوكيات المتعلمين التي قد تؤدي الى اثارة المشاكل والعنف داخل الصف.
وهناك مشكلة اكتظاظ الصفوف بحيث يحتوي الصف الواحد ما بين 50 الى 60 طالبا مما يولد الشغب، فلا يجد المعلم سوى العقاب البدني وسيلة سهلة وسريعة للتحكم بالطلبة. كذلك عدم تفعيل العلاقة السليمة بين المدرسة والاسرة من خلال الندوات والزيارات، وفشل مجالس الآباء والمعلمين في معالجة مشاكل الطلبة، وانعدام الانشطة التربوية داخل المدرسة بما يحقق اهدافها.
ان تخلف المناهج الدراسية عن الارتباط بحياة الطلبة ومواجهة مشاكلهم يولد لدى الطلبة كرها للمدرسة والمعلم معاً. وهذا الكره يغذي الرغبة في العنف عندهم من دون ريب.