المنبرالحر

تسطيح الثقافة/ حيدر ناشي آل دبس

نتوقف امام ظاهرة اختزال الثقافة وتسطيحها التي انعكست نتائجها على بنية الوعي الاجتماعي، حيث التسطيح المستمر للثقافة واختزالها ببعض جوانبها التي تعتبر قليلة التأثير قياساً بجوانب الثقافة الاخرى، من علم الاجتماع وعلوم الفلسفة والسياسة والتاريخ وغيرها التي لها تأثير مباشر في بلورة فكر حر ديمقراطي ومؤامته مع التحولات السياسية والاجتماعية الحالية ، اضف الى ذلك ابتعاد المثقف عن المشاركة في العملية السياسية كموجه وناقد على اقل تقدير، وتسويغ ابتعاده بمبررات الاستقلالية والاضرار المترتبة على التداخل بين الثقافة والسياسة وانعكاساتها السلبية على رسالة المثقف كحامل لمشعل التنوير الثقافي ، وما يترتب من المزج بينهما في تحجيم الابداع. تحت هذا التناقض الواضح يرزح المثقف مسوغاً لنفسه عدم مشاركته الفاعلة في الحراك الجماهيري الذي يعيشه البلد في هذه الفترة الحرجة من تاريخ العراق المعاصر ، فما نشهده الان هو ضعف مشاركة المثقفين العراقيين في هذا الحراك الذي اخذ ينمو باطراد في سبيل تحسين اوضاع البلد العامة ، وما مشاركة القلة القليلة من المثقفين الذين وعوا مسؤوليتهم في توجيه وصياغة هذا الحراك بالصورة والشكل الامثلين بحيث يتم الحفاظ على التوجهات التي تتلاءم مع المناخ الديمقراطي الذي يسعون الى ترسيخه وتثبيته كمنهج اساس في ادارة الدولة العراقية وفي البنية الاجتماعية عموماً ، الا دليل على فهمهم واستيعابهم للدور المناط بهم كصفوة منتقاة للمجتمع. ان من شارك في هذا الحراك هو فعلاً حريص على حاضر ومستقبل البلد ومحاولة منه لسلك الطريق الصحيح من اجل عراق ديمقراطي حر ، تضمن فيه الحقوق والحريات ، ومن لم يشارك واعتبر هذا الامر لا يعنيه وليس من صلب عمله او دوره ، وما زال يرزح تحت ضغوط الذات المتقوقعة في اطار ضيق لا تستطيع التحرك الا في حدوده المرسومة سلفاً ، ما هو الا تبسيطه للوضع الراهن وفهمه المبتسر لطبيعة الصراعات والتحديات التي تواجه البلد. فالمطلوب الان مراجعة الذات من قبل الذين انزوت مشاركتهم وحضورهم في التصدي والوقوف بوجه قوى التهميش والاقصاء ، مراجعة شاملة وحقيقية تترتب فيها الاولويات لغرض صياغة برنامج واضح المعالم له من القدرة والنجاعة للوقوف بوجه ترسيمات الحدود الفكرية التي تسعى وتعمل عليها قوى التسلط والاستبداد ، قوى الفكر الواحد والنهج الواحد والنمط الواحد ، القوى التي استأثرت بخيرات البلد " قوى الاسلام السياسي " المبتعدين عن الشعور بمعاناة ابناء بلدهم ، هي مرحلة مهمة وصعبة تحتاج تكاتف وتضافر الجهود وما مطلبنا منكم يامثقفي العراق الا تصدركم الصفوف واختطاط مناهج سليمة لها المقدرة على مقارعة فكر القهر والاستبداد الذي اخذ يلوح بالافق من قبل القائمين على شؤون الدولة. في هذه الفترة تتحدد ملامح المستقبل وانتم ادوات مهمة في التغيير فأختاروا ايها الافاضل هل تنشدون التغيير للافضل ام للاسوأ ولكم الخيار؟!