المنبرالحر

حكاياتهن .. أرملة جميلة.. ومجتمع قبيح / ايام عاصم الطائي

جميلة أرملة من ضمن الأرامل في بلدنا, لكن معاناتها كانت قبيحة لدرجة الاشمئزاز.
نشأت في عائلة فقيرة معدمة، مما دفع بذويها إلى اتخاذ قرار لتترك المدرسة وتلازم المنزل للاعتناء باخوتها ووالديها، فما كان منها إلا الإذعان لقرارهم لتقوم بخدمة العائلة دون كلل أو ملل و أشبه ما تكون بالخادمة لا رأي لها ولا حقوق، والكل يصرخ عليها لكي تلبي طلباته.بمرور الأيام كبرت البنت وأصبحت صبية جملية جدا فعيونها خضراء، وطولها فارع وسمارها خلاب، فخاف ذوؤها عليها من الآخرين أصحاب النفوس الضعيفة، وفكروا بتزويجها لاعتقادهم بان الزواج ستر للفتاة، وزوجوها لأول طارق لبابها.
هو رجل بلا شهادة ويعمل باجر يومي لكنه يستطيع أن يتدبر أمر إعالتها، فرزقت بثلاث بنات أكبرهن الآن بعمر التاسعة.
بعدها توفى زوجها في احد الانفجارات التي تقع في البلد بسبب الاضطراب الأمني، ليتركها وحيدة لا معيل لها مع بناتها الثلاثة بلاضمان، ولا مسكن يؤويهم، فقد طردها أهل زوجها بعد مقتل ولدهم من بيت العائلة الصغير الذي كانت تسكنه بمعية زوجها معهم، لأنهم من العوائل الفقيرة ولا يستطيعون التكفل بمعيشتها وأطفالها. فيما أهلها يسكنون في محافظة أخرى بعيدة عن محل سكناها، فأجبرت على المبيت في الشارع مع بناتها لحين الصباح.
وكثيرا ما طرقت الأبواب لتطلب المساعدة، لكن تجابه بعرض الزواج لجمالها الأخاذ، وحتى بعض المؤسسات الخيرية حين طلبت مساعدتهم، عرضوا عليها بالمقابل زواج متعة أو مسيار. إلا أنها ترفض من اجل تربية بناتها الصغار.
أخذت تعمل كخادمة في البيوت وتعتني بكبار السن والمرضى. وتواجه أقسى أنواع التعنيف والاحتقار لشخصها لكونها امرأة ليس إلا. إلا أنها مضطرة للرضوخ والعمل في سبيل توفير لقمة عيش لبناتها.وفي احد الأيام راجعت إحدى الدوائر الحكومية، باعتبارها أرملة كي تجد بصيص أمل ينقذها من العوز الذي تعانيه مع بناتها، والحصول على فرصة تعيين أو استلام مبالغ التعويض لضحايا الإرهاب، وقد تطلب منها جلب المستمسكات الضرورية لانجاز المعاملات الرسمية في هكذا حالات، صدمت للطلبات المفقودة، فقد جردت في بيت أهل زوجها من كل المستمسكات التي ت?بت هويتها حين تم طردها، بل أنهم لم يبلغوا عن وفاة ابنهم، لكي يستلموا مفردات الحصة الغذائية بدلا عنها. مما ترتب على ذلك وجود إشكالات قانونية بسبب التلكؤ في التبليغ، ويحال المذنب في ذلك للقضاء ويعاقب أخ الزوج بالحبس والغرامة، مما حدا به لضربها بوحشية وغلق الباب نهائيا أمام أي مستمسكات قانونية لها. الآن هي معلقة بين حلقات الروتين المفرغة والمعاملات في دوائر الدولة وعناد اخو زوجها. لا تعرف ما الذي تفعله في مجتمع ينصف الرجل رغم أخطائه ويعاقب المرأة.