المنبرالحر

كيف نصنع السياحة .. القسم الأول .. / جلال مرقس عبدوكا

ليس غريبا أن تتوج هه ولير بعروسة السياحة العربية لطبيعتها الساحرة وكثرة المرافق السياحية الأثرية المنتشرة في أغلب مدنها التي تعم بالأمن والطمأنينة . حمّلت هذه الزفة المباركة حكومة الاقليم ، بدوائرها المعنية ، مسؤولية الرقي لهذه المهمة الجسيمة التي ستسموا من شأن المنطقة بجميع جوانبها .
خلال زياراتي لبعض الدول التي تتميز طبيعتها بالجو السياحي ، إنبهرت، لا بسبب تطور هذا المرفق الإقتصادي الهام فيها ، بل لعدة فوارق قاتلة قياسا بما هو موجود ومهمل من مرافق سياحية لدينا وهي بطبيعتا البسيطة تكاد تضاهي روعة وجمال ما نراه في تلك الدول . ربما يعود السبب الى أحد الأمرين أو كليهما معا ، 1- الإهمال المتعمد والتجاهل ، 2- قلة الخبرة والدراية . وكل ما يخرج عن هذه الفرضية هو محض المحاججة ليس إلآ .
تعتبر السياحة منظومة متكاملة لإنعاش إقتصاد البلد إذا ما توفرت مستلزماتها وتكاد بمجملها موجودة في أرضنا لكننا تجاهلناها وإن لم تكن موجودة فإقامتها لا تدخل باب المجازفة، ونوجزها كالآتي.. 1- وجود مناطق سياحية طبيعية - آثار ومياه وغابات - 2- وجود منشآت - متاحف وفنادق وأسواق وكراج للسيارات- 3- وجود أماكن للتسلية والترفيه- كازينوهات وأحواض سباحة وبارات وحدائق حيوانات ومدينة ألعاب ، لا نحتاج الى جهود متميزة في بناء أسس متينة لإقتصاد متنوع المصادر ، والسياحة هي الأبواب التي يطل خلالها البلد الى المجتمعات المتطورة ..
كيف نكمل هذه المنظومة .؟ لابد من دخول التكنلوجيا المتطورة في عالم السياحة والإقتداء بمن سبقونا في هذا المجال ، ولا يتأتى ذلك إلا عبر إجراءات ضمن التخطيط المبرمج والإهتمام بالموجود الوفير المهمل ومنها..
1- إيلاء إهتمام أكثر بالأماكن المقدسة العريقة في القدم وخاصة الأديرة لما تتمتع بالجهد الذاتي للراهب بما صنعه من دهاليز وصومعات لتنسكه في عيشه وعبادته ، فهي بحاجة الى رعاية سواء من قبل الدولة أو المنظمات الإنسانية .
2- ترميم وإعادة تأهيل دور الشخصيات والوجهاء المشهورة وجعلها متاحف لعرض مقتنيات أصحابها لإبراز دورهم في حقبة من الزمن ، أو جعلها مطاعم سياحية تقدم للزبائن ما كانت تقدم إبان العصر الذهبي آنذاك ، كم هو طيب المذاق وجبة طعام في كوخ من اللّبن والطين.!؟
3- للإعلام والدعاية دور مهم في إبراز المعالم السياحية وجذب السواح لها وكما يلي:
أ‌- عرض برامج تلفزيونية هادفة وخاصة في الملحقيات الثقافية في الخارج والداخل،
ب‌- طبع كراسات وخرائط جغرافية خاصة للسياحة.
ت‌- وجود دور عرض للسينما والمسرح ضمن المناطق السياحية المهمة ،ولتكن متنقلة ، لإقامة حفلات ترفيهية إو عرض أفلام وثائقية عن المنشآت السياحة.
ث‌- توفير عدد من الأدلاء والمرشدين السياحيين لمرافقة المجموعات والوفود السياحية وخاصة القادمة من خارج البلد وإدخالهم في دورات تنشيط السياحة.
ج‌- إقامة دورات تثقيفية لأصحاب المرافق السياحية وللعاملين فيها حول كيفية التعامل مع السائح بشكل عام والإهتمام بنوعية ما يقدم من مأكولات وما يعرض من مقتنيات..
السياحة ليست محصورة صيفا لأن شتاءنا يُلَبس ثوب العرس جبالنا معظم ايام السنة وهي الأكثر جمالا وروعة من مزالج أوربا لواستثمرت بشكل جيد وزودت بخطوط نقل كهربائية- تليفريك -
الآ ينبهر السائح عندما يرى العين السحرية في جنديان قضاء سوران ، مثلا، وهي تتفجر بينبوع ماء غزير وبارد جدا ليراها بعد فترة وقد جفت لتعاود الجريان ثانية..؟ ! كم هو رائع كهف شاندر ومغزاه الأثري الذي يرمز الى قدم الإستيطان في كوردستان .. من المؤسف له أن نرى شلالات بيخال بطبيعتها القديمة البسيطة كانت أجمل وأروع من هذه الأكشاك المتناثرة عشوائيا حولها فأفرغت سحرها والحان خريرها ، ألآ تستحق هذه الأماكن الرعاية اللازمة وذلك بإنشاء شقق وأكشاك عصرية وبقية مستلزمات راحة السائح.. أما قلعة أربيل فهي من المعالم الأثرية العالمية التي كانت مهملة الى وقت قريب ، وما هو مخصص لها من مال سواء من حكومة الاقليم أو من منظمة اليونسكو لا يرقى الى مستوى الطموح ..
إن السائح لا يزور بلدا تصد رغباته المقبولة جملة من الممنوعات بسبب العقيدة أو الدين أو العرف الإجتماعي المتخلف ، فلو نزعنا رداء التخلف عن مداركنا ، لجعلنا من ربوع كوردستان قبلة للسياحة العالمية وستكون منطلقا لهدف سياسي يعزز ثقل الرقعة في الساحة الدولية..
أخيرا وليس آخرا لأن للموضوع صلة بالجزء الثاني - وهو الأهم -..كل هذه النقاط الموضحة في هذا الجزء من المقال ، إذا ما نُفذت ، هي من أجل راحة السائح والمردودات الإقتصادية للبلد..