المنبرالحر

كيف نصنع السياحة .. نظام المرور 2 / جلال مرقس عبدوكا

إن لم أكن خبيرا في شأن السياحة ، فمن المؤكد لست خبيرا مهنيا في النظام المروري ، لكن نوعية خبرتي تكدست عبر(36) سنة من قيادة مختلف المركبات الخصوصية دون إرتكاب مخالفة مرورية.
وجه السياحة يصقله نظام المرور المتطور، إذ بدون هذا لا تبزغ شمس ذاك، وهولير مقبلة على عرسها السياحي العربي بحلول عام (2014) وإختيرت عاصمة الأقليم لهذا المهرجان العالمي إستنادا الى معايير خاصة تؤهلها لنيل هذا التقدير من قبل المجتمع العربي .لذا ستشهد المدينة وللأعوام القادمة إقبالا شديدا من مختلف دول العالم وهي فرصة لا تعوض ولا يجب أن تزول دون ترك أثر إيجابي لمستقبلها . العين ترتاح للجمال والنفس تطمئن براحة البال ، فالسائح أيا كان ومن أي بلد وأي زمان يبحث عن مصدر التمتع في إستخدام حريته وخاصة في سهولة وسرعة تنقله وترحاله...
نركز في هذه السطور القليلة على نظام المرورالذي يجب أن يخدم حركة السياحة بشكل خاص والبلد بشكل عام. يكاد نظام المرور عندنا يتراوح وببطء في تنظيم السير للمركبات بكافة أنواعها والمشاة والدراجات، شوارعنا وإن وسعنا في طولها وعرضها لا تزال تخطط لمبدأ العبور الجماعي لطابور من المركبات للشارع بكامل مسارات الجانب لمختلف الإتجاهات مما يؤدي الى فوضى في العبور لا تحمد عقباه بسبب تسابق المركبات للإجتياز دون مراعات إتجاهات مسارات الشارع والإلتزام بها، فلا نسغرب لجوء سائق ما الإنتقال من أقصى اليمين الى أقصى اليسار وبالعكس متخطيا حقوق زملائه من السواق في الإستخدام الأمثل للعبور.
لا أدخل في سلبيات السوق الحرة لتجارة السيارات - أو بالأحرى – لإستراد السيارات وما تسببه من الإختناقات المرورية في غالبية الشوارع الداخلية للمدينة ، لكن بودي أن أرسم صورة أخرى لشوارعنا علها تؤدي الى إنسيابية سلسة وتخفف من ظاهرة الطوابير المنتظرة في التقاطعات.. لو أمعنا النظر في المخطط رقم (1) لإحدى التقاطعات الرباعية الكبيرة المنتشرة على الشوارع الرئيسة في مختلف أنحاء المدينة ، الشارع مقسم الى قسمين وفي كل قسم أكثر من مسارين محددة الإتجاهات . بإمكاننا تشغيل أكثر من مسار واحد من نفس الخط أو الخطوط الخرى وفي آن واحد دون وجود عائق لحركة مركبة لأخرى من خط آخر.. لنعيد الدقة في المخطط (1) المركبات في المسار رقم (1) في انسيابية مستمرة وهو معمول لدينا بشكل جيد، لكن لو أظفنا الرقم (4) في كل من (ا- ب) الإنطلاق معا ثم نفس الرقم (4) في كل من( ج- د) معا ، ستكون عملية إفراغ الشارع من زخم تواجد السيارات بسيطة وآمنة في نفس الوقت . كذلك بإمكان المسارات المحصورة بين الإتجاهين المحددة بالإستقامة سيرا حصرا في كل من(ا- ب) الإنطلاق معا ثم نفس أرقام المسارات في (ج- د) معا . ربما نصطدم بمشكلة وتتأزم حالة الفوضى المرورية في حال إنقطاع التيارالكهربائي ، والحل يكاد يكمن في إجرائين ،
1- نصب مصابيح قابلة للشحن في التقاطعات بالإعتماد على الطاقة الشمسية.
2- ربط خطوط الأضوية المرورية بخطوط التغدية الدائمية وما أكثرها.
لكن يبقى السؤال الأهم مثيرا للجدل هل نحن سواق المركبات مؤهلون لهكذا نظام .؟ على السائق إيا كان مركزه وبدون تحديد المسميات أن يتواجد في المسار المراد اللجوء اليه بمسافة لا تقل عن (50) مترا ولا ينحرف عنه لحظة الإنطلاق . بهذا النمط في توجيه المسارات سنخفف من طوابير المركبات المنتظرة ، إلا أن الوعي المروري بشكل عام سيبقى سيد الشارع ، فإذا تطاول كائن من كان على هكذا نظام ، فللشوارع حرمة وللقانون قدسية وليس أفظل من فرض عقوبات صارمة لحماية الممتلكلت العامة والخاصة..
أبدأ بالسؤال الأهم ، هل أعد المسؤولون إنسيابية مرورية سلسة توفر الجهد وتقلل الحوادث وترشد السائح..!؟ السياقة فن تاجه الأخلاق ثم الوعي المروري ، والأخير ما وجد إلاّ لخدمة الناس أولا ثم المركبة وصاحبها .. هو دليل يرشد السائق ما عليه من واجبات لضمان أمن وسلامة المواطنين وإطاعة الأنظمة والقوانين ، وما له من حقوق يتمتع بها وفق المعطيات المقبولة..بإمكاني القول أن النظام المروري لدينا لا زال في طور النمو ولكنه متخلف قياسا بما هو متبع في الدول المتقدمة من تخطيط الشوارع وتطبيق الأنظمة ولا تسمح بالتطاول عليها من أي من كان ومهما كانت مكانته ، وشوارعنا مباحة المسارات لكل المخالفات قد نراها هينة ، لكن بعرف القانون تسجل مخالفة ، يجب ألآّ نشبك أيدينا خلف ظهورنا .. إن كنا عاجزين عن العمل الجاد فلا يجب أن يغلبنا العجز عن التفكير ، ربما ملحوظة بسيطة تفجر فينا بركان العمل..
لنعد ثانية الى المخطط رقم (4) الذي هو خاص للطرق الخارجىة التي يتفرع منها مسارفرعي وخاصة بالجهة المعاكسة لخط السير .. لو أراد السائق الولوج الى الشارع الفرعي , عليه أن ينحرف نحو اليمين بقوس يتراوح قطره حوالي (50) مترا تاركا الشارع مفتوحا للسيارات التي خلفه وينتظر خلو الشارع من الجانبين ثم يعبر بسلام.. والمخطط رقم (3) هو الآخر مخصص للطرق الخارجية التي يصعب التوسع في عرضها إما لأسباب فنية - منطقة جيلية صخرية شديدة الإنحدار- أو لأسباب إقتصادية، وهي عملية ذكية جدا لمستها في إحدى الدول التي زرتها ، يستحق الخط الذي يقسم الشارع الى (3) مسارات فقط بتسميته بالخط السحري ، تارة يفسح الطريق لمسارين في إتجاه واحد وبمسار واحد للإتجاه الآخر ولمسافة لا تتجاوز(5) كيلومترات ، ثم يبدأ الخط السحري بالزحف نحو الجانب الآخر يضيق المسافة على ذي المسارين فيتحول الى مسار واحد فاسحا المجال للجانب الآخر ليتحول الى مسارين ولنفس المسافة ، هذا التحول هو لأجل الإجتياز فقط وليس لعبة- الميكانو-.. يبقى المخطط رقم (2) وما أحوجنا اليه وخاصة في الأزقة والشوارع الداخلية ذات المسار الواحد، يتم وضع مرءآت أو أي قرص مصقول في الركن المشرف على المسارين يعكس رؤية الخطين للقادمين من الجانبين دون لجوء السائق الى إستخدام منبه الصوت أو الرمش الضوئى..
لا زلنا في كيفية العبور الأمثل للمركبات.. لكن كيف تحل الإختناقات في الشوارع الداخلية للمدينة ..؟ الحل الأمثل وعلى مدى سنين قادمة ستخفف الأزمة بإنشاء جسور عملاقة مقلعة للنقل السريع تطوف في فضاء المدينة التي تحتاج الى ميزانية مكلفة والى خبرة خاصة ، أطرحها كفكرة قابلة للتنفيذ في كل المدن الكبيرة وفي أربيل على وجه التحديد ، فلو أقمنا أحد هذه الجسور طرفه عند المنطقة الصناعية الشمالية على طريق مصيف صلاح الدين ونهايته عند كلية الهندسة طريق كركوك ، والجسر الثاني يربط طريق كويسنجق عند ماجدي مول بطريق الموصل دوارة (100) مترعلى أن تتفرع منها وإليها شوارع للتغذية والتصريف..
تبدأ الدول في تقنين أساليب النقل وإحدى هذه الوسائل هي خطوط السكك الحديدية لربط المدن ببعضها لنقل المسافرين والبضائع كي تخفف من إستخدام المركبات الخاصة المكلفة أحيانا .. ترى متى ترى مصايفنا قطارا يقل المصطافين من كل الأقوام والجنسيات..؟! أما الخط الكهربائي الناقل – تليفريك – فهو الأرخص وهو الأروع في التمتع بجمال الجو وطبيعة كوردستان الساحرة من فوق قمم الجبال فيما لو ربطت ببعضها .