المنبرالحر

تهاليل ومسرات بعيد آذار المهيب / جواد وادي

المجد لعيد ميلاد حزبنا المقدام
لم تتبق سوى أيام قلائل وتحل علينا الذكرى الخالدة والمتجددة العطاء والشموخ لميلاد حزبنا الشيوعي المجيد، الذكرى الثالثة والثمانون الرافلة بالعز والمهابة والتجدد الدائم. مصدر فخرنا وعزتنا نحن الشيوعيين العراقيين وكل القوى الخيّرة في الوطن وخارجه، بأريجها الدائم.
ومرة أخرى، وأخرى، يستنهض الشيوعيون هممهم من جديد رغم قسوة الضربات التي تلقوها عبر حقبة البعث الفاشي وما قبلها، وما زال ليومنا هذا من يتربص بمسيرة الحزب والتشكيك بوطنيته التي يعرفها القاصي والداني، وهي من النقاء والتفاني وبذل الغالي والرخيص من أجل العراق وكافة مسحوقيه من شغيلة فكر ويد وحسب، وسعيه الدائم والحثيث لبناء وطن خالٍ من الطبقية، والفساد، والتسيب السياسي، والطائفية، ومحاولات تفتيت المجتمع، من أجل تمرير مخططات الخراب والتخلف، وعدم تمكنه من الوقوف معافى من جديد بعد مسلسلات المحن والكوارث التي ما توقفت يوميا، بسبب السياسات الطائشة والرعناء، ومسلسلات الحروب والمغامرات التي فعلت ما فعلت بمجتمعنا العراقي المحب للحرية والعدل والمساواة وبناء دولة الحق والقانون والحريات، الدولة المدنية التي ينشدها الجميع، رغم كل محاولات التسويف والألاعيب التي تمارسها اليوم كتل وأحزاب ومكونات، لخوفها من المد الجماهيري الآخذ بالتنامي لصالح الحزب وقوى المجتمع المدنية المحبة للديمقراطية والبناء الحقيقي للإنسان والدولة، وإعادة هيبة العراق التي عبث بها الجهلة والطارئون وأنصاف المتعلمين من بعثيين وسواهم، والذين ما فكروا يوما بمستقبل الوطن والمواطن، كبقية دول العالم المتحضرة والتي تسعى للاستشراف على المستقبل الزاهر للأجيال كافة، لهذا نجد أن الحراب كلها تبقى منسلة صوب حزبنا الذي يعرفون جيدا أن لا مستقبل للعراق إلا بتحرره من ربقة الطائفية، والأثنية، والمحاصصة المقيتة، لأنها سببت وما زالت تسبب الكوارث والأزمات المتلاحقة، وحرف مسار البناء الحقيقي، أمل كل العراقيين بشتى مشاربهم وانتماءاتهم. والأمل معقود ومن خلال تزايد القناعات أن التغيير المنشود يأتي من القوى الديمقراطية وقوى المجتمع المدنية الحية، وفي مقدمتها حزبنا الشيوعي المقدام. ومن يسعى وبوطنية مخلصة من إعادة الاعتبار لهذا الوطن المنكوب. وذلك هو السبيل الوحيد لخروج البلاد من عنق الزجاجة الني حشره بها سماسرة ومدّعين ورافضين لأي تغيير قد يطيح بامتيازاتهم، ونفعيتهم، وعبثهم بمستقبل المواطن الذي ما برح يعيش في حيص بيص من أمره الآخذ بالتعقيد، وفقدان أي أمل لأن من سلّمهم ذقنه، ولون أصابعهم البنفسجية، عبثوا بإرادته وثقته وأمله في العيش الكريم.
لم تكن تلك الضربات الحاقدة التي تلقاها الحزب الشيوعي منذ الأيام الأولى لتأسيسه المجيد، بكل صلابة وقوة شكيمة، بنت وقتها، بل سبقتها طعنات غادرة وتحت يافطات عديدة، كلها كانت تستهدف الخطر المحدق الذي تشم رائحته قوى الظلام والتخلف من الشوفينيين والحاقدين والطارئين وغيرهم.
كانت مراهناتهم بأن تلك الضربات ستكون القاصمة لتنهي ذلك الأرق الدائم والخوف من وجود حزب لا كباقي الأحزاب والكتل التي مرت وتمر، ولعلها ستبقى تتناسل في أقبية الكذب والرياء، بمراهنات يقينا ستكون كسابقاتها من الاستهدافات التي أحبطتها صخرة الحزب التي جبلت من تراب العراق، لتصبح أصلب وأجلد مما يتصور الحاقدون. إنه حزب من طراز خاص لم يألفه القتلة، ولم يفقهوا سر صموده.
كم كانت فرحتي في تلك اللحظات الآسرة التي كان يغمرها الفرح والمسرات وهي تستحضر تاريخ الحزب الذي عشناه بكل تفاصيله منذ أن وعينا على أبجديات العمل السياسي، وترعرعنا على مبادئ مغايرة للسائد آنذاك لأننا وجدنا، رغم يفاعتنا السياسية وبداية إعجابنا برجال ونساء عاصرناهم، بأننا أمام عراقيين يختلفون بالمطلق عن الراهن السياسي آنذاك، وما كان عليه سياسيو تلك المرحلة من ترهل فكري وسطحية في الوعي، وقصور في الفهم الحقيقي للنضال الطبقي الذي تجسد وبوضوح في حجم التضحيات التي كان يقدمها أولئك الرفاق، لتشكل دروسا حقيقية في الوطنية، عزز موقفنا وتعلقنا بأفكار الشيوعيين، ذلك الحماس والتوجه المدروس في ضرورة التزود بالمعرفة والتحصيل الثقافي والفكري الذي كان يشكل حجر الزاوية والأساس الذي يبني شخصية الرفيق، ويمنحه وعيا متميزا كفيلا بأن يكون أكثر صلابة ودفاعا وتضحية، انطلاقا من كون الثقافة تشكل العتبات الأولى للانتماء لذلك الحزب الذي يزاوج بين النضال وقوة الشكيمة والإيمان العارف بقدسية الفكر، وبين ما للوعي الحزبي والثقافي والفكري والاستشراف على ثقافات ومفاهيم وأفكار توفر للرفيق الحصانة الفكرية الحقيقية والبناء الصلب للشخصية الشيوعية. وما نحن فيه الآن مرده الوعي الذي تربينا عليه والتوجه الفكري الذي كان ولا زال مرجعية للمناضل الحقيقي.
هذا التوصيف لما كان عليه الشيوعيون لم يكن عابرا أو مؤقتا أو ابن لحظته، بل كان من أساسيات الانتماء لهذا الفصيل السياسي العراقي الشامخ، من هنا عرفنا سر بقاء الحزب بهذا الصمود المذهل، رغم ما عاناه من قمع وقتل وتصفيات واعدامات وملاحقات وتهجير ومحاولات شراء الذمم وغيرها من الممارسات التي كان يراهن عليها القتلة، تصورا منهم بأن تلك الضربة ستكون نهاية هذا العملاق المخيف.
وها نحن اليوم بعد مرور من يناهز 83 عاما من الحضور النضالي المتفاوت، ضمن فترات رخاء نسبي، وعمل سري وملاحقات فاشية، نجد الحزب يخرج من جديد، ليقف بشموخ وبحضور جماهيري لافت وحب يمنحه العراقيون له، وضخ دماء جديدة تجدد شبابه الدائم، رغم كل محاولات القتلة والحاقدين وما قدمه الحزب من جيوش وقوافل من العسير عدها، من الشهداء والمغيبين والمناضلين الأشاوس الذي نذروا حياتهم من أجل المبادئ النبيلة وما تربوا عليه من شكيمة وصمود مذهلين أدهشت الطغاة، فبقى الحزب صامدا ليجدد حضوره ويبدأ مرحلة جديدة من النضال اليوم تواصلا مع ما مر من تضحيات، فلا غرو أن نقارنه بطائر العنقاء الذي يجدد رغم حرائقه، وجوده من رماد تلك الحرائق، ومثلما ذلك الطائر الخالد كذلك، متميزا بالجمال والقوة والنضارة الدائمة.
تحية اكبار واجلال لحزبنا الشيوعي العراقي، بقوافل شهدائه ومناضليه، والأوفياء لمبادئه، من شيب وشباب، نساء ورجالا، وكل من انتمى وينتمي لهذا الحزب المقدام، وبقي وفيا لتاريخه النضالي الحافل بالعطاء، من رفاق الأمس، وشباب اليوم الطالعين مثل نخل العراق بسموقه وتحديه ومقاومته لكل الأعاصير.
نبارك لحزبنا المقدام بعيده الثالث والثمانين، وكلنا آمال جسام ما خبت يوما ولا هدأت جذوتها، بتحقيق إنجازات قادمة على الصعيد الوطني والتنظيمي، والسعي لبناء الدولة المدنية، طريق الخلاص مما يعيشه العراق اليوم من اشتباكات سياسية، اختلط فيها الحابل بالنابل، لمحاربة الفساد والتفرد السياسي، مكررين ذات أخطاء النظام البعثي المندحر، والوقوف بوجه تيارات الظلام والتخلف لتغييب الحرية الشخصية، وهدر كرامة الانسان العراقي، التي ينبغي أن تكون أثمن شيء في الوجود، وتصحيح المسار الأهوج الذي تسير عليه العملية السياسية، والقضاء على المحاصصة والطائفية المقيتة، وصولا لبناء الانسان والوطن.
وهي الأهداف الأسمى والاقدس من محاولات طمسها، لتغليب المنافع الحزبية الضيقة التي لوثّت وتلوثّ الوضع برمته، بسياسات خرقاء، ستحرق أصحابها قبل معارضيها.
لكم رفاقي داخل وخارج الوطن الغالي كل الود والتقدير والاعتزاز بعيد ميلاد حزبنا المقدام.
ستبقون مفخرة لنا ورفعة رأس ما انحنى ولن ينحني أبدا، ما دام حزبنا بذات الشموخ والاباء.
المجد لحزبنا العتيد بعيد ميلاده المتجدد
والخلود لكل قوافل الشهداء التي روت بدمائها هذه النبتة المباركة لتمنح الفرح والمسرات والأمل بعراق جديد يتنعم به العراقي ليذكر تلك الدماء الزكية التي أريقت له ولمستقبله وأجياله وعراقنا الحر الموحد.