المنبرالحر

بوحدة اليسار وبالتنسيق مع القوى التي تدعو للإصلاح والتغيير الحقيقي سيقبر نهج المحاصصة / د. علي الخالدي

شهدت العقود الماضية ، تواصل المزيد من المكاسب التي حققها اليسار على الصعيد العالمي ، بالرغم من تأكيد البعض من المنظرين والساسة ، والمرتدين من أن الحركات اليسارية ، لن تقوم لها قائمة بعد انهيار المعسكر اﻷشتراكي . وإن المستقبل هو لنظام السوق والعولمة ، وكأنهم يريدون بذلك ان يضعوا نهاية لحركة المجتمعات البشرية ، غير آخذين بنظر اﻷعتبار الدور المتنامي لليسار الذي برز بشكل ساطع بإحتفالات عيد العمال العالمي ، حيث عكس مشاركة قطاعات واسعة من المواطنين في تظاهرات و مسيرات دعا اليها اليسار، وشهدتها شوارع عواصم ومدن عديدة في بقاع المعمورة ومنها العراق ، مما أكد حقيقة ان اليسار يعود لمواقعه أكثر قوة وأينع شبابا ، وأكثر صفاءأ بتفهم نبض العصر، ليحتل مواقعه ضمن الادوات التي صنعت وتصنع التاريخ تبعا للظروف الموضعية والذاتية ، التي تعيشها أوطانهم ، باﻹستفادة من ما خُلق من قيم مادية لتجذر مواقع برامجها بين الناس ، من أجل وضع حد للمنغصات والعثرات التي توضع في طريق بنائها حياة حرة كريمة ، تسودها العدالة اﻹجتماعية ، المفضية في نهاية المطاف الى إلغاء استغلال أﻷنسان ﻷخيه اﻷنسان.
ففي بلدنا بالرغم من ما تحمله قواه اليسارية من طموحات قيمة ومتماسكة في برامجها الوطنية والطبقية ، إلا أن البعض منها ﻻزال بعيدا عن القناعة واﻹدراك، بأن بناء عراق ديمقراطي مدني مزدهر يتم عبر وحدتها أوﻻ ، وقبل كل شيء من جهة ، وتظافر جهودها مع بقية قوى شعبنا الوطنية من جهة ثانية ، حتى تتمكن من غلق أبواب هيمنة المتحاصصين وأحزابهم اﻹسلامية ، و الولوج لمواقع القرار . فبغياب وحدة قوى اليسار التنظيمية، افقدها إمتلاك القدرة على تحقيق برامجها على أرض الواقع ، وأبعدها عن مواصلة تملكها الوعي الذاتي بضرورة توحيد قوى شعبنا الوطنية للخروج من عالم يتواصل فيه تبني نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، الذي أعاق بناء عراق جديد ، ﻻ يكتوي بآثام المتحاصصين . فبوحدة اليسار وبالتنسيق مع القوى التي تدعو للإصلاح والتغيير، ستتمكن الجماهير من إمتلاك اﻵلة التي تقبر بها هذا النهج المقيت.
في هذا اﻹطار جاءت دعوة الحزب الشيوعي العراقي لتطرح عدة دﻻﻻت لمواجهة واقع التشظي ، ومن ما يُخطط لعراقنا من سياسات توضعه في آخر الصف على مختلف إﻷصعدة . أفليس من المطلوب إذن ، وضع حد للتشذرم والتقوقع على الذات ، وتحقيق أمل الجماهير بوحدة تنظيمية جمعية للأحزاب والسير قدما بالتنسيق مع دعاة اﻹصلاح والتغيير الحقيقي ، لتفادي إنزﻻق الوطن الى الهاوية التي ُوضع على سكتها . أفلأ يعيب بقاءنا متفرجين على ما يحققه اليسار مجتمعا في كثير من اﻷقطار، وبين ايدينا مبررات توحيد صفوفنا ، التي بها فحسب ستُمَِلكنا القوة القادرة على سد الطريق أمام أعداء الشعب والوطن، حيث سترتفع اﻷصوات بأكثر جهورية وحكمة تقربنا من المصالح العامة للشعب ، و تبعدنا عن الجزئيات واﻷنا ، وبالتالي ستسطع شمس الثوابت واﻷهداف السامية ، المؤدية إلى إنقاذا للشعب والوطن ، ويُهمل التزمت بالجزئيات ، وستخلق مسؤولية تضامنية الجميع دون تهميش وإقصاء ، ويؤخذ بمبدأ التكافؤ ومساهمة الجميع بفتح أبواب التحرر من الظلم ، والسير نحو التقدم اﻹجتماعي ومقاصده اﻹقتصادية والسياسية واﻹجتماعية.
لقد أحيت الظروف الموضوعية ، بعد إسقاط الصنم ما طرحه الحزب على الدوام من ضرورة الوحدة والتنسيق بين قوى اليسار أوﻻ ووضع وحدة تنظيمية ، تكون حجر أساس تُشيد عليها مباديء وطنية عامة تحقيقا لهدف قووا تنظيمكم ، قووا تنظيم الحركة الوطنية ، لمواجهة اصحاب القرار الذين جعلوا من العملية السياسية تسير في حقل ألغام شخصه الحزب مواقعه في أكثر من مناسبة ، وما كان على القوى الوطنية إﻻ العمل سوية من أجل إفشال تفجيرها ، كي تواصل العملية السياسية مسارها على سكتها الصحيحة وصوﻻ لمحطتها اﻷخيرة ، متلافية مطبات تلك اﻷلغام التي زرعت كي ﻻ يحقق العراقيون حلم ما بعد إسقاط الصنم . ومما زاد الطين بله تمتع اﻷحزاب اﻹسلامية بحصانة أوجدتها لنفسها، ( البعض منها شاطر القوى الوطنية وقدم معها الدماء الزكية في مقارعة الدكتاتورية ) بتجيير مردودات إسقاط الصنم ، لمصالحها الحزبية ولذاتية القائمين على مواقع القرار، الذين وحدوا صفوفهم بإصرار مرحلي ، وتصدوا لمطاليب الجماهير المنادية بالأصلاح والتغيير. مما إستدعى الجماهير أن تلبي نداء حاملي هم الوطن ، بضرورة التنسيق فيما بينها في ساحات اﻷعتصامات ، رافضة تسخين تراص صفوفها على حديد بارد ، حيث يأخذ وقتا حتي يستعر لهيبه ، فاﻹنتظار ﻻ يطاق ، في ظروف تتطلب تحمل مسؤولية تصفية اﻷجواء من الضباب، اذي ساد سماء العراق ، سيما و قواتنا المسلحة تزف لنا اﻹنتصارات على داعش يوميا ، فماذا بعد ذلك ، غير تلبية دعوة الحزب الشيوعي العراقي للوحدة والتنسيق مع كل من رفع شعار اﻹصلاح والتغيير الحقيقي ، لما سيحدثه ذلك من نقلة نوعية قد تتعدى حدود العراق للرد على اﻹرهابيين من أجل أستقرار البلد ، وتمتعه بالسلم اﻹجتماعي ، ليتحول العراق الى دولة مواطنة ﻻ ُتميز بين مكوناته العرقية.
لقد تعمقت تجارب حاملي الهم العراقي عبر نضالهم الموسوم بدماء شهدائهم ، فرسم في فكر كل وطني غيور، مرتبة العمل واﻹتفاق على صيرورة الوصول الى وحدة اليسار، وفتح اﻷبواب أمام من ﻻ يجهل قوانين التطور الاجتماعي ، ويجيد لعبة السياسة ، فلن يخسر سوى القيود التي تحول دون وحدته، سيما والوطن ميدان كبير لفروسية متواصلة لا تنتهي ، المهم فيها ، أن لا يدخل اليأس فينا ويتم اﻹنسحاب من تحقيق وحدتنا ، فالمسؤولية قائمة على عاتق كل من يريد اﻹصلاح والتغيير ، ليوضع اوطن الحبيب على سكة الوصول الى الدولة المدنية الديمقراطية ، ذات العدالة اﻹجتماعية.