المنبرالحر

اتقوا الله وارحموا القاصرات / عبد الزهرة حسن حسب

أي دراسة تتناول اسباب تفوق الدول الأوربية ومجتمعاتها على نظيراتها في العالم، ولاسيما تفوقها على المجتمع العربي الإسلامي، لابدّ ان تقف وقفة جادة عند دور المرأة في كلا المجتمعين الغربي والعربي. فالحكومات الغربية ومجتمعاتها لم تكتف بمساواة المرأة بالرجل، بل وفرت لها الظروف اللازمة لتكون قائدة ومبدعة ومفكرة وفي هذا المجال لا ننســــــــــى انديرا غاندي، انجيلا ميركــــــــل, هيلاري كلنتون، نزيهة الدليمي, زها حديد, و نوال السعداوي.. ونساء أخريات تبوأن المقاعد العلمية والإدارية ووقفنَ على قمة الإبداع الفكري، وانعكس ذلك الدور المتميز للمرأة على تطوير دولها ومجتمعاتها علمياً وصناعياً وثقافياً واجتماعياً.
ومن الأسباب الأخرى التي وفّـرت للمرأة دورها الفاعل هي علاقتها بالرجل في بناء الأسرة التي هي الأساس في بناء المجتمع، يحق للمرأة أن تختار زوجها دون تدخل من المقربين لها، ويحق لها حضانة اطفالها ضمن عقد الزواج. وعقد الزواج نفسه شرع ليكون اتفاقاً بين المرأة والرجل لبناء اسرة فاعلة في المجتمع. ولكن ماذا عن مجتمعاتنا العربية؟ ...رغم ان المرأة نصف هذه المجتمعات، وربما تزيد لكنها مهمشة ولا دور لها. ولم تفكر هذه المجتمعات بمساواتها بالرجل منذ أن تأسس المجتمع الإسلامي حتى اليوم . ويبدأ اذلالها بعقد الزواج الذي ينص على ان الزواج هو عملية تمتع الرجل بالمرأة وليس عملية بناء اسرة فاعلة في المجتمع فيكون عقد الزواج هو صك التملك لها ولأولادها وحتى المجتمعات لا تنظر الى المرأة نظـــــرة تعبر عن مساواتها بالرجل بل انها في جميع مؤهلاتها دون مستوى الرجل.
المرأة العراقية انصفت بقانون الأحوال الشخصية رقم 188 المشرع سنة 1959 حيث ثبّـت في هذا القانون مساواة المرأة بالرجل ورفض الوصاية عليها في اختيار الزوج واعطائها الحق في احتضان اطفالها، وعرّف هذا القانون عقد الزواج بأنه عملية اتفاق بين المرأة والرجل على بناء اسرة فاعلة في المجتمع فتنفست المرأة حريتها وامتلكت حياتها. لكنها لفترة قصيرة جداً هي عمر ثورة تموز. بعدها بدأ الألتفاف على هذا القانون. ويقال ان بعض المراجع أيّـدوا انقلاب 63 الاسود بشرط ان يجمد قانون الأحوال الشخصية, فكان تجميد القانون ثمناًلانتصار انقلاب المجرمين واستمرت المحاولات في التخلص من هذا القانون، واكثرها صراحة كان قانون الأحوال الشخصية الجعفري. واليوم والبلد معرض للانهيار والتقسيم والتقاتل وانهيار الاقتصاد, كلها مشاكل تستوجب الاهتمام, لأن بقاءها لا يبشر بالخير , يظهر علينا أعداء قانون الأحوال الشخصية رقم188 بالتفاف آخر تحت اسم تعديل القانون ولكن أي تعديل هذا الذي يعطي الحق للأب او قريب آخر تزويج طفلة بعمر تسع سنوات. فأين المساواة بين الرجل والمرأة ؟
ومن المفارقات الصارخة ان الدول التي اعتبرت الممارسة الجنسية حاجة طبيعية شأنها شأن الأكل والشرب فلا تقتل المرأة غسلاً للعار كما هو الحال عندنا. قوانين تلك الدول حرّمت على الشابة دون عمر الثامنة عشر ممارسة الجنس مبررة ان عقلها لم يكتمل نضجاً، فأي قرار تتخذه يكون عاطفياً متسرعاً فلا يحقق لها المساواة مع الرجل وربما يسبب لها الأذى.
على النقيض من ذلك، في العراق وفي هذه الأيام يستعد البرلمانيون لتعديل قانون الأحوال الشخصية المشرّع سنة 1959 والذي ساوى بين المرأة الرجل ومنع الزواج من القاصرات، والتعديل المزمع اجراؤه يجعل من المرأة تابعاً للرجل ويسمح بالزواج من القاصرات، مشرع الفقه الجعفري ومشرع الفقه السني يعلمان علم اليقين ان القاصر بعمر تسع سنوات لاتعرف عن الجنس شيئا ولا تحس بالحاجة اليه فأناطا الموافقة على زواج القاصرة بولي امرها كالأب أو الأخ الأكبر أو الجدّ.
ولأن القاصرة في عمر التاسعة لاتزال مرتبطة بأمها واخواتها ومجموعة العابها، ولاسيما دميتها الجميلة، ففي يوم زفافها الى بيت عريسها سترفض الخروج من بيت اهلها ولكنها ستساق كما تساق الخراف لتذبح في عيد الأضحى.
أيها البرلمانيون اتقوا الله وارحموا بناتكم واخواتكم القاصرات ولا تصوتوا على تعديل القانون .. وإلاّ ماذا سيقول العالم عنا؟ هل تريدونهم أن يقولوا: ان عقل العراقي ليس في رأسه انما بين فخذيه!