المنبرالحر

تهشيم الطبقات اﻷجتماعية المحركة للتغيير/ د. علي الخالدي

ثانيا – الفلاحين
من يستطلع الريف العراقي حاليا, يرى أن تخلفا واضحا قد جرى على كافة مستوى مرافق حياته اﻹقتصادية واﻹجتماعية, بالقياس الى فترة ما بعد ثورة تموز المحيدة, فبفضل اﻷصلاح الزراعي ومؤسسات اﻷرشاد الزراعي, بجانب حملة القضاء على اﻷمية وما تأسس من جمعيات فلاحية, بدعم مطلق من لدن القوى الوطنية تطورت اساليب الزراعة ووسائل اﻷرواء, محدثة إرتفاعا في مستوى معيشة وثقافة الفلاح العراقي, حيث أنتشرت المدارس حتى في القرى النائية, وتقلص تأثير العلاقات اﻷقطاعية والعشائرية في حياة الريف اﻹجتماعية, وإنهمك الفلاح بالتنمية وتحسين إنتاجه الزراعي والحيواني نوعا وكميتا ليغطي حاجة الشعب, ويصدر منه لدول الجوار, إلا أن هذا لم يرق الى أعداء شعبنا في الداخل والخارج من إقطاعيين, ومن ضربت ثورة الفقراء تموز المجيدة, مصالحهم الطبقية, فإتحدوا مع فلول البعث للإجهازعليها وعلى مكتسباتها التي حققتها لصالح الشعب بكافة قومياته. فاول مهمة قام بها اﻹنقلابيون إصدار بيان رقم 13المشؤوم القاضي, بإبادة الشيوعيين والوطنيين من قادة الثورة الميامين, ومن ثم اﻹجهاز على مكتسبات العمال والفلاحين, ومنذ ذلك الحين تواصلت أساليب السيطرة على النقابات العمالية والجمعيات الفلاحية, بتنصيب من ليس لهم إلمام بالعمل النقابي والفلاحي على قياداتها, ومن إنتهازيين تبنوا أفكار متماهية مع فكر القائمين على النظام, وإستمر هذا اﻷسلوب كتقليد يمارس لفَلْ عضد, ونشاطات هاتين الطبقتين المحركتين للتغيير.

لقد وجد القائمون على السلطة بعد إجلاء قوات اﻹحتلال, أن تطبيق ذلك اﻷسلوب, ينسجم و رغباتهم في فصم العلاقة الطبقية بين العمال والفلاحين, وإفقارهم بمواصلة البطالة, بعدم إحياء نشاط المصانع , وتقديم المساعدات لفقراء الفلاحين. ومما زاد الطين بلة, شحة مياه دجلة والفرات بسبب بناء السدود التركية, وتحويل مجاري اﻷنهار والجداول, الى داخل اﻷراضي اﻷيرانية, في أجواء صمت مطبق من لدن القائمين على الحكم, لما تربطهم, وإياهما روابط فكرية وعقائدية حميمة, صعدت من ميزان التجارة بإستمرار لصالحهما, على حساب مصالح الشعب والوطن, بحيث أصبحت أسواقنا عاجة ببضائعهم دون رقابة, بما فيه التمر ( كنا نملك 30 مليون نخلة ) و لقد تواصل
التودد لرؤساء العشائر , على غرار ما كان يقوم به القائد المقبور. عبر تقديم الهدايا واﻹكراميات, وبدورهم يتم حشد الفلاحين ليساقوا الى أمكان اﻷحتفالات, بالمناسبات التي يحددها القائمون على النظام, ليسمعوا كما كان يحلو للدكتاتور هتاف, بالروح بالدم نفديك يا.... , ويتواصل حاليا أﻹستحواذ على أراضي فقراء الفلاحين من قبل أﻷغنياء في المدينة والريف من الذين لا يتطلعون , إلى إعتاق فقراء الفلاحين, من اﻷستغلال الطبقي والظلم اﻷجتماعي, وأﻷضطهاد السياسي, و من قبل من تسلق بمساعدة العامل الخارجي السلطة ولبس لباس تدين جديد, صُبغ بالوان زاهية جذابة تجذب الجماهير التي تتقاذفها أمواج الفقر واﻷمية المشبعة بالشد الطائفي, تاركة نتائج سلبية على وحدة الفلاحين وتضامنهم خصوصا بعد أن جرى أﻹلتفاف كليا على قانون اﻷصلاح الزراعي.

وحاليا يتسابق القائمون على النظام بزرع مفاهيم الفصل الطبقي بين هاتين الطبقتين, بعلاقات مذهبية وبتقاليد طائفية, باﻹضافة الى العلاقات الرأسمالية والإقطاعية السائدة في المدينة والريف. بينما تشير الحقائق, أن كلا الطبقتين لا تستطيعان تحقيق أهدافهما إلا بتحالفهما الوثيق. اما بالنسبة ﻷغنياء المتدينين الذين يلعبون على وتر الطائفية والمذهبية أيضا, من كلا طرفي الصراع الطائفي, يتزاحمون على كسب الفقراء والطبقات المسحوقة التي تشكل 18 بالمئة من السكان, ليحصلوا على تأييدهم بحجة اطاعة أولي الأمر.

إن تلك اﻷجراءات التعسفية, زادت من هجرة فقراء الفلاحين من الريف الى المدينة بحثا عن لقمة العيش, منظمين الى صفوف سكان المدن الذين يتوزعون بين موظفين صغار, ومستخدمين, وكسبة وحرفيين, يبحثون عن عمل, مضاعفين رقعة الفقر في المدينة, متحولين الى عينة سهلة اﻷنجرار نحو الشعارات والوعود الهوائية, متسمين بالتردد واﻹزدواجية المتأتية من تأثير الرايات المذهبية, التي يقف خلفها الوهم القائم على أمكانية إرتقائهم عبرها الى مستويات أفضل في معيشتهم اليومية. لقد قادهم هذا الوهم الى الخطاء في إختيار ممثليهم الحقيقيين, على حساب مصالحهم الوطنية والطبقية, أﻷمر الذي سيستغل مرة ثانية في اﻷنتخابات القادمة, ما لم تسعى مكونات التيار المدني الديمقراطي بالعمل الجاد بين صفوفهم , وتنويرهم من مغبة إنحيازهم لمن أفقرهم خلال العشر سنوات العجاف.
يتبع