المنبرالحر

المتفائلون بمستقبل الاقتصاد الوطني! / محمد شريف أبو ميسم

يكرر المتشائمون عرض الصورة المشوهة لما يمكن أن يكون عليه هذا الاقتصاد خلال السنوات المقبلة بدفع من مواقف يسحبونها على المشهد الاقتصادي، فيما يصر المتفائلون على أن المستقبل سيكون أفضل بكثير عما هو عليه الآن على اعتبار ان الاقتصاد العراقي وبما يملكه من امكانيات ، سيكون الاقتصاد الواعد والأبرز من بين اقتصاديات الدول التي صنفت بانها دول نامية.
وما بين هذا وذاك ثمة آلاف الملاحظات عن الخطط والاستراتيجيات والتشريعات وعن سوء ادارة الأموال بجانب سوء الادارة المؤسسية والقطاعية وهذه الملاحظات يمكن أن تساهم في تغيير مسارات التكوين والتشكيل الاقتصادي وربما ستعطي ملامح قد لا يمكن التكهن بها ( اذا لم تتم معالجتها ) لاقتصاد يمتلك كل المقومات (ويراد له أن ينخرط وعلى عجالة بالمنظومة الاقتصادية التي يقودها الثمانية الكبار..) .
المتشائمون عرفوا برفضهم واعتراضهم وتشكيكهم بكل شيء لأسباب متنوعة ومختلفة كل حسب حالة التشاؤم ، فما بين المنتفعين من المنظومة السياسية الشمولية والذين أزيلت عنهم مزايا التفوق والسيادة على أبناء جلدتهم وبين الذين أحبطوا فيما كانوا يأملون بمرحلة التغيير خيرا في واقع اقتصادي جديد يزيح عنهم ما خلفته مرحلة الاستبداد ويمنح شخوصهم أماكن يحلمون بها، ثمة نقطة التقاء تبشر دوما بفشل حتمي في ادارة الملف الاقتصادي ، ولمعان هذه النقطة يبدو سياسيا بامتياز ويفتقر الى الرؤية الموضوعية .
فيما عرف بعض المتفائلين برؤية غد أفضل بتبرير كل أشكال الأخطاء التي شهدتها وتشهدها المرحلة الانتقالية معللين ذلك بعوامل وأسباب مختلفة ومتنوعة .. اذ يروجون لعوامل التفوق الريعية بوصفها سمة تمخضت عن جهد حكومي أجادت ادارته القوى المتنفذة الحالية على الرغم من حجم الصعوبات والتحديات التي شهدتها وتشهدها المرحلة الانتقالية .
فيما يرى البعض الآخر من المتفائلين بفعل غزارة الثروة النفطية التي تمتلكها البلاد، ان ثمة أدواراً خارجية كانت لها الكلمة الفصل في اعادة الحياة للقطاع النفطي بوصفه العمود الفقري للاقتصاد العراقي بهدف دعم التجربة الديموقراطية وترك المشهد السياسي ليعيد تشكيل التركيبة السياسية والاجتماعية وفق نتائج الصراعات التي أسست لها تلك القوى الخارجية، وان هذه الأدوار ستساهم في المستقبل القريب والبعيد في ديمومة احياء قطاع النفط لكسر احتكار دول نفطية للأسواق العالمية من جانب والدفع باتجاه المزيد من الايرادات المالية التي ستنعكس حتما على مفردات المشهد الاقتصادي العراقي.
وثمة من يقف بعيداً عن التشاؤم والتفاؤل المفرط مؤمنا بمستقبل أفضل متمسكا بمنهج الشك العلمي في تصويب ما يراه منحرفا، غايته في ذلك اقتصاد الناس وليس اقتصاد السوق، حرية الناس بعد أن تشبعهم وتؤويهم وتضمن لهم حق التعليم والصحة وليس حرية رأس المال على حساب الفقراء، هدفهم مكافحة الفقر والبطالة وضمان معدلات دخول لعموم الناس تحفظ لهم انسانيتهم من الانتهاك.. هؤلاء وان اختلفوا مع من يدير الاقتصاد حاليا ، ومع نمط النظام الذي استحال اليه،الا انهم متفائلون بامكانيات هذا الاقتصاد، وبدور وقدرة الارادة الوطنية التي ستكون لها بصمة وعلامة فارقة في تحديد مسار شكل النظام الاقتصادي من خلال الضغط على القوى المتصدية لصنع القرار بهدف التصحيح دوما وعدم مصادرة الاقتصاد الوطني لصالح ارادات خارجية على حساب الشعب العراقي .
هؤلاء لا تعنيهم ارتفاعات معدلات النمو دون ارتفاع لمعدلات التنمية ولا ارتفاع لمستوى الدخل المجرد دون انخفاضات لمعدلات الفقر، ولا التراكمات المالية دون استثمارها في التنمية المستدامة ، هؤلاء متفائلون ولكنهم يؤمنون ان الأرقام لا تأبه بما يشعر به المعدمون.