المنبرالحر

البطاطا والأرهاب / يوسف أبو الفوز

كان مزاج صديقي الصدوق أبو سكينة طيبا مع اطلالة العام الجديد، فهو متفائل بكون العام الجديد سيحمل معه في الانتخابات القادمة تغييرات في الخارطة السياسية للبلاد، وبالتالي ستقود معها إلى إصلاحات في الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية. كنا نتابع نشرات الاخبار التلفزيونية، وتطورات الاحداث في مدن محافظة الانبار، فظهر من يعلق على تصريح وزير العدل العراقي بأن هروب سجناء تنظيم القاعدة من سجني أبي غريب والتاجي ببغداد في تموز الماضي، كان بتسهيل من رؤوس كبيرة في الدولة. وسرعان ما ظهر أحد المسؤولين على شاشة التلفزي?ن، ولم يترك احدا لم يوفره بأتهاماته عاكسا واقع تردي العلاقات السياسية بين القوى المتنفذه وتواصل عراكها على اقتسام المغانم بينما يتفشى الفساد الاداري والمالي والسياسي كمرض السرطان في جسد الدولة ما يوفر موضوعيا أفضل الخدمات لشبكات الإرهاب.
قال جليل، صديقنا الذي كان جالسا معنا هو وابوه: "شوفوا شلون حتى بتصريحاتهم يقدمون خدمة لعصابات الارهاب؟".
ضحك أبو جليل وسأل أبنه: وهل هذا المتحدث من الرؤوس الكبيرة أو المتوسطة؟
حاولت المشاركة فقلت: للاسف ان أمثال هذا المتحدث يتجاهلون واقع ان الاحداث لم تعد ينفعها الحجج والمبررات وان بلدنا بحاجة الى اجراءات جذرية، تنسجم مع امكانيات الارهابيين وهم ينفذون عملياتهم الاجرامية النوعية، في اغلب محافظات بلادنا .
تنحنح أبو سكينة وقال موجها كلامه للجميع ومشيرا للمتحدث في التلفزيون: لكثرة ما وزع اتهامات أعتقد جاء للتلفزيون ومعه حمل لوري بطاطا؟ وتبادلنا الابتسامات. كنت قبل أيام قرأت للجميع، وعن احد مواقع الانترنيت، حكاية "حبات البطاطا"، والتي تفيد بكون مربية أطفال طلبت من تلاميذها ان يلعبوا معها، ويجلبوا معهم كيسا يضعون فيه حبات بطاطا بعدد واسماء الاشخاص الذين يكرهونهم. شرط اللعبة ان يحملوا الاكياس اينما ذهبوا ولمدة اسبوع. مع الايام تعفنت البطاطا وانزعج الاطفال من الروائح الكريهة، وكلما كان عدد البطاطا اكثر كان الكي? اكثر ثقلا واشد ازعاجا بالعفونة. بعد نهاية الاسبوع كان الاطفال يشكون للمربية المصاعب والاحباط لحملهم الكيس بثقله وعفونته اينما ذهبوا. وشرحت لهم المربية مغزى الدرس: لم تستطيعوا تحمل عفونة البطاطا وثقلها لاسبوع فكيف بعفن وثقل الكراهية اذا حملتها معك في قلبك العمر كله؟
أضاف ابو سكينة:هذا وأمثاله لابد من ازاحتهم، وهذا يتحقق بواسطة صندوق الانتخابات، لذا لا بد ان نشد الهمة ما دمنا نحلم بدولة مدنية ديمقراطية اساسها مبدأ المواطنة والعدالة والحرية ويسودها السلام والتسامح!