المنبرالحر

الإرهاب ليس له دين! / مرتضى عبد الحميد

لا يختلف اثنان ممن يمتلكون عقلا او ربع عقل، على أن هذه المقولة صحيحة مئة بالمئة، بل يضاف اليها، ليس للإرهاب قومية ولا مذهب ولا أخلاق، لأن من يمارسونه ويحصدون أرواح الابرياء، دون أن يأبهوا بإنهاء حياة الأطفال والشباب والنساء والشيوخ هم احد اثنين؛ اما جاهل حد النخاع، بحيث لا يمكن التمييز بينه وبين الحيوان إن لم يكن الحيوان أكثر إنسانية منه! او لديه أجندة سياسية يريد تحقيقها حتى لو حلّ الخراب بالبلد، فهو مجرم متمرس، لا يستمتع إلا بمنظر الدماء والأشلاء المتطايرة دون أن يرف له جفن.
هذا الكلام وغيره كثير، أصبح من البديهيات التي يدركها المواطن العادي، ويتاجر بها العديد من السياسيين، الذين لا يفقهون شيئاً سوى الظهور في الفضائيات واضعين في مركز اهتمامهم بقاءهم تحت الأضواء، وليس خدمة أبناء شعبهم، او من انتخبهم، وحملهم على أكتافه الى المواقع والمناصب التي هم فيها، لأنهم يعتقدون أن ظهورهم المستمر في الإعلام ورؤية المشاهد لهم، هو الكفيل بإعادة انتخابهم مجدداً.
إن القضاء على الإرهاب وتحقيق الامن والاستقرار، يتطلب عقلاً سليماً وسلوكاً شريفاً وإرادة سياسية تضع مصلحة الوطن في القمة من سلّم أولوياتها. وان تكون هناك رؤية إستراتيجية في كيفية تحقيق هذا الهدف المصيري بالنسبة للوطن والمواطن على السواء. فكل شيء مرتبط بتحقيق الأمن والأمان، سواء كان ذلك سياسة أم اقتصاداً، او علاقات اجتماعية وثقافية وحتى النفسية. وهذا يعني في المطاف الاخير أن يتسع إطار الرؤية الإستراتيجية ليشمل إعادة بناء البلد على اسس صحيحة، بعيداً عن المحاصصة الطائفية والاثنية المقيتة، لانها العتلة التي جرت?العراق الى هذا الحضيض الذي نعيشه كل يوم وكل ساعة.
ان العمليات العسكرية التي تجري في الانبار ضد (داعش) وكل الإرهابيين تحظى بدعم واسناد وتأييد الغالبية العظمى من أبناء شعبنا، رغم انها تأخرت لفترة غير قصيرة وكان بالإمكان القيام بها قبل هذا الوقت على أن تردف او حتى قبلها بإجراءات وقدرات تستجيب حقاً للمطالب المشروعة للمعتصمين الذين مضى عليهم ما يقارب السنة، والتي اعترف بأحقيتها السيد رئيس الوزراء نفسه، ولو جرت الاستجابة لهذه المطالب بالتعامل مع الصحوات بشكل أكثر عقلانية في حينها، لكان بالمستطاع سحب البساط من تحت أقدام هؤلاء المجرمين والسياسيين الداعمين والمشجع?ن لهم، والذين بدورهم تمولهم وتساندهم دول لا تريد الخير للعراق ولا لشعبه.
ودون التقليل من الأهمية الفائقة للإجراءات الأمنية والعسكرية لقواتنا المسلحة الباسلة، إلا انها يجب ان تستكمل بحزمة من الاجراءات الاخرى ذات الطبيعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وان تعاد هيكلتها على اساس الكفاءة والمهنية والولاء للوطن، فضلاً عن التفريق آنياً بين ذوي المطالب المشروعة من المعتصمين، وبين الإرهابيين الذين يجب ان لا يكون التساهل احد عناصر التعامل معهم لأنهم ليسوا بشراً لكي يفهموا معنى التساهل والتسامح.
ليكن الشعار السليم والصحيح جداً «تحريم حمل السلاح خارج إطار الدولة، وبقاؤه بيدها حصراً» هاجساً يومياً للحكومة ورئيسها باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ولكل القوى السياسية والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الحزبية والمستقلة. كما يجب ان نسعى جميعاً للحيلولة دون توظيفها في الدعاية الانتخابية والكسب الرخيص؛ فمصلحة الشعب والوطن لا تقبل المساومة ولا تقبل القسمة على اثنين. ومن لا يتعظ من تجارب التاريخ، سوف لن يرحمه التاريخ، ولن يسكنه إلا في مزبلته.
فهل نحن قادرون على إنتاج هذه المعادلة المصيرية؟
لننتظر ونرى!