المنبرالحر

تحديات اقتصادية يتعين مواجهتها / ابراهيم المشهداني

ان الحديث عن التحديات التي تواجه عملية التنمية الاقتصادية ليس بالجديد بالنسبة للمعنيين بالشأن الاقتصادي ولكن في الاعادة افادة ليس من اجل تكرار قضية شغلت الاقتصاديين على مدى عشر سنوات بل لغرض البحث في ادوات وأساليب مواجهة التحديات والجهد البحثي الاكاديمي الذي ينبغي ان ينصرف الى هذه الأهداف ووضعه في مقدمة اولوياته.
ولئن كانت هذه التحديات وجدت تعبيرها، في استمرارية التركيز على الجانب النفطي رغم اهميته في توفير الموارد المالية التي يحتاجها البلد في اعادة صياغة منظوماته الاقتصادية وإعادة اعمار بنيته التحتية إلا ان هذا التركيز قاد كما هو معهود الى ابقاء الاقتصاد احادي الطرف والتركيز على قطاع التجارة وما يرافقها من هدر مالي كبير عن طريق الفساد المصاحب، الذي يجد فيها بيئة منعشة والتكاليف التي تسببها من خلال البضائع الرديئة وكونها وعاء لتسريب العملات الصعبة المتأتية من تصدير النفط، اي باختصار فان التجارة بواقعها الراهن تعد?اسوأ مخرجات عملية الانتاج في القطاع النفطي. ولم تتوقف التحديات على هذا القطاع بل تصاحبها تحديات اخرى لا تقل ضررا بالاقتصاد تتمثل في فشل ادارة الاستثمار في القطاعين العام والخاص وفشلها في جذب رؤوس الاموال العراقية الموظفة في العديد من البلدان وخاصة دول الجوار، هذا الفشل يجد تعبيره الواضح في بعض المشاريع الاستثمارية القائمة، في الفجوة بين الاستثمار المخطط والفعلي التي تؤثر على كفاءة التنفيذ، في المكان المناسب وفي الوقت المناسب مما يؤدي الى مضاعفة التكاليف وتدهور في مستوى الخدمات العامة والبنية التحتية. والتح?ي الاخر يتجلى في ضعف مساهمة الانشطة السلعية في توليد الناتج المحلي الاجمالي ناهيك عن ضعف كفاءة النشاط المصرفي في القيام بدوره في عملية التنمية الاقتصادية وتفعيل دور الاستثمار في النشاط الاقتصادي في قطاعات الانتاج ولا يفوتنا ونحن نستعرض التحديات الاقتصادية تغليب السياسة على الاقتصاد بحيث تحول الصراع بين الكتل النافذة على السلطة على المستويين الحكومي والتشريعي الذي اصبح مضيعة للوقت على حساب الاهتمام الجدي في اعادة بنية الاقتصاد والاهتمام بالتنمية الاقتصادية المستدامة من خلال تحقيق اهدافها الاجتماعية وأولها ?نشيط سوق العمل وامتصاص البطالة لما لها من مردود ايجابي على عملية التهدئة بين المكونات الاجتماعية وإعادة الانسجام بين صفوفها وتوحدها في مكافحة الارهاب حامل رايات القتل والترويع بوصفه الخطر الاساس على الاستقرار السياسي والاجتماعي، ومع كل هذه التحديات يحتل ضعف النشاط المؤسسي مكانا بارزا في ضعف عملية التخطيط ومتابع التنفيذ ومراقبة الانحرافات في مسارات العملية التنموية التي تعاني بالأصل من تباطؤ وإعادتها الى وضعها الطبيعي. ان التشخيص السليم لهذه التحديات واستخلاص اسبابها يكون نصف العلاج ويبقى النصف الاخر مره?نا بإصلاح الخلل ونعتقد ان هذا الاصلاح يتوقف على المراهنة على ثلاث دعامات اساسية:

الاولى سياسية تتمثل بما يلي:
اعادة النظر بالنظام السياسي الراهن القائم على المحاصصة الطائفية الاثنية التي كانت وراء معظم الازمات ليست السياسية فقط وإنما الاجتماعية والاقتصادية والأمنية وكقاعدة فان الاختلالات في الوضع الامني هي مخرجات لصراع سياسي بين القوى الفاعلة والحل يتوقف على:
1- تعديلات دستورية اساسية تنقل النظام السياسي من نظام المحاصصة الى النظام المدني الديمقراطي وهذا كفيل بحل منظومة الاختلالات السياسية.
2- تشريع قانون الاحزاب الذي بدوره يحدد القوى الفاعلة في المجتمع.
3- تعديل قانون الانتخابات بما يؤدي الى انتقال سلمي للسلطة.
4- اجراء تعداد عام للسكان لما له من أهمية اجتماعية اقتصادية سياسية. إن الإصلاح السياسي هو مقدمة ضرورية لا مناص منها في الاصلاح الاقتصادي بحكم العلاقة العضوية المتبادلة التأثير بينهما.

الثانية اقتصادية وتتلخص بما يلي:
1- اعادة التوازن في الاقتصاد من خلال الاهتمام الجاد بتطوير قطاعات الانتاج الاخرى وتطبيق القوانين الحمائية لها، قانون التعرفة الكمركية وقانون حماية المنتج المحلي وقانون الامن الغذائي وقانون منع الاحتكار وقانون المنافسة وغيرها.
2- دعم القطاع الخاص ولاسيما الصناعي وتمكينه من اداء دوره الفاعل في الانتاج المحلي الاجمالي بوصفه شريكا استراتيجيا للقطاع العام.
3- تأهيل الشركات الصناعية التابعة للقطاع الحكومي وإعادة دراسة الجدوى الاقتصادية لها.
4- انعاش البيئة الاستثمارية من خلال التشريعات القانونية وتوفير الأرض والخدمات اللوجستية.

الثالثة الموارد البشرية وتتجلى في:
1- الاهتمام الجدي والسريع في تعيين حملة الشهادات العالية وأصحاب المؤهلات العلمية ووضع برنامج علمي متدرج لامتصاص البطالة.
2- اعادة النظر بالمناهج التعليمية وخاصة التعليم المهني وربطها بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والقيام بحملة واقعية للقضاء على الأمية التي تعد من ابرز الأمراض الاجتماعية.
3- إعادة النظر بالدورات التأهيلية لموظفي الدولة الداخلية والخارجية وتخليص الاخيرة من طابعها السياحي لتحقيق الفائدة منها وتقليل تكاليفها.