المنبرالحر

الأم العاقة / ابراهيم الخياط

ضحايا شباط ومحتجزو رفحاء وضحايا حلبجة كلهم، صادق مجلس النواب في 3 أيلول 2013 على شمولهم بأحكام قانون مؤسسة السجناء السياسيين المرقم 4 لسنة 2006.
فسجن نقرة السلمان، الذي بناه الانكليز في العشرينات، يقع بمنخفض أو نقرة ناحية السلمان بالسماوة. وقد اشتهر بعد الكارثة الوطنية في 1963 وتسيير الانقلابيين قطار الموت اليه، فصار رمزاً للنضال. وكتب عنه كاظم إسماعيل الكاطع قصيدة رائقة صادقة على لسان أم قادمة لزيارة ولدها الشيوعي السجين: (يابنـي شحجيـلك هضمنــه.. من إجينـه انواجهـك، مصباح جمعة).
كما اشتهر السجن بنزلائه المثقفين الكثر، منهم: مظفر النواب، ألفريد سمعان، فاضل ثامر، جاسم المطير، جمعة اللامي، سعدي الحديثي، محمد الجزائري، فائز الزبيدي، رافد صبحي أديب، محمد جميل روزبياني، ناظم السماوي، هاشم الطعان وقدوري العظيم وكثيرون غيرهم.
بينما رفحاء محافظة سعودية، من أهم معالمها «درب زبيدة» وهو طريق مهم لنقل الحجاج من بلاد النهرين وما وراءها إلى الديار المقدسة، وتتخلله برك وآبار أنشأتها زبيدة زوجة هارون الرشيد.
واشتهرت المحافظة بسبب مخيمها الذي أنشئ لإيواء اللاجئين العراقيين بعد قمع الانتفاضة الشعبية 1991، فبلغ عددهم بعد سنة واحدة 32 ألفا منهم الشاعر يحيى السماوي، ثم تناقصوا اذ انتبذوا منافي أخرى ولم يتبق منهم سوى المئات، الذين عادوا للعراق بعد اغلاقه عام 2003.
أما حلبجة، فهي قصبة على الحدود الايرانية وتتبع السليمانية، وفي أصل تسميتها قول، بأنه مأخوذ من الجملة الفارسية (عجب جا) والتي تعني المكان الملفت للنظر، وقالها أحد قادة الفرس عندما رأى جمال المدينة.
ولكن هذا الجمال ذبحه النظام السابق في 16 آذار 1988 قصفا بغاز السيانيد، ما أدى إلى مقتل أكثر من 5000 من أهلها، واصابة 10000 مواطن بالعمى والعيوب الخَلقية. وعدت الضربة إبادة جماعية بوصف القانون الدولي، حتى كنيت المدينة بالشهيدة.
الآن، مؤسسة السجناء السياسيين التي هي بمثابة أمّ، ولاسباب لا يعلمها الا الله والراسخون في مجلس رعايتها، تنحي أبناءها من ضحايا 1963 وحلبجة، بينما تملأ موقعها الالكتروني وتايتل قناة «العراقية» بالاعلانات المتناسلة لدعوة محتجزي رفحاء فقط الى ترويج معاملاتهم، وتطلب من مديرياتها وأقسامها وفروعها العجلة.. العجلة في ذلك، وتسمح للمقيمين منهم في الخارج ـ منهم فقط ـ بالترويج عبر وكالات، وأخيرا ـ للتباهي ـ أصدرت المؤسسة احصائية بعدد المروجين منهم ـ حصرا ـ لمعاملاتهم.
ونذكر أمّنا بأن صدام كان «عادلا» في توزيع ظلمه على العراقيين، وحري بدولة القانون والمؤسسات أن تنصف المظلومين جميعا دون معايير حزبية أو طائفية أو قومية. فلنا في نبي الله «يوسف» أسوة في وصفه من معه في السجن، وهم ليسوا على دينه ودعوته، اذ ناداهما: «ياصاحبيّ السجن».