مجتمع مدني

الأرامل بلا رعاية او اهتمام من الجهات المعنية / تضامن عبد المحسن

قال الشاعر الكبير "معروف الرصافي"يصف أرملة وابنتها الصغيرة:
لقيتها ليتني ما كنتُ ألقاها تمشي وقد أثقل الاملاق ممشاها
أثوابها رثةٌ والرجل حافيةٌ والدمعُ تذرفهٌ في الخدِ عيناها
بكت من الفقر فاحمرت مدامعها واصفر كالورسِ من جوعٍ مٌحياها
مات الذي كان يحميها ويٌسعدها فالدهرُ من بعدهِ بالفقرِ أنساها
الموت أفجعها والفقر أوجعها والهمُ أنحلها والغمُ أضناها
كشف تقرير لوزارة المرأة العراقية في 2011، عن وجود أكثر من مليون أرملة في البلاد، كما أعلنت ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق في نفس العام، وجاء تقرير للأمم المتحدة نقلاً عن مواقع اخبارية ومنظمات مدنية ان ما بين 90 الى 100 امرأة عراقية تترمل كل يوم نتيجة اعمال القتل والعنف الطائفي والجريمة في البلد.
التقت طريق الشعب ببعض الارامل ممن يعلن انفسهن واسرهن بعد ان فقدن المعيل والزوج وباتت رياح العوز والفقر تتقاذفهن بين الشوارع والطرقات ومنهن ..
أم حْسَيِّن بائعة القيمر، التي تتشح بالسواد وفي كل صباح تتوسل زميلاتها بائعات القيمر كي يفسحن لها مكانا بينهن، لتبيع ما تصنعه من " القيمر " المحلي، والذي تحصل عليه من عملها لا يكفي قوت يومها و اعالة بناتها الخمس وولديها المعاقين، فالاول تعوق في الحروب الرعناء التي افتعلها النظام المباد والثاني عام 2006.
ام حسين لا تتكلم الا اذا سبقت حديثها بأغنية: ((ضيم الكَلب يا خالة حملت هيلات، وحمل ضيم يا خالة و عايزات، و ثاري البخت يا خالة ظل للمسعدات)).
ورغم انها مسجلة في دائرة رعاية الارامل لكن الراتب شحيح، وتشكو عدم شمول اولادها المعاقين وبناتها الصغار براتب الرعاية. وتنهي حديثها بأغنية ((البيدي وال بالكَاع والبيدي طاحت، بس كَلبي ظل مظلوم وكلها استراحت)).

أم ماجد

ام ماجد ارملة خطف الموت زوجها وهي ما تزال في ريعان شبابها، لكن تجاعيد الحزن خطت على وجهها المتعب تقاسيم بانت لناظريها. تبيع الشاي في شارع الرشيد، ولها بنات زوجتهن في سن صغيرة لشظف العيش وصعوبة تربيتهن لوحدها، وبقيت لها بنت صغيرة واحدة قررت ان تمنحها فرصة اكمال الدراسة، علّها تعوض ما خسرته في حياتها من العلم وما حرمت منه بناتها.
رغم انها شكت فقر الحال، الا انها ترفض تقديم معاملة لشمولها براتب الرعاية الاجتماعية وتقول: ان ما أخسره من مبالغ بسبب التنقل بين الدوائر وجلب الوثائق المطلوبة و الاستنساخات والوقوف في الشمس الحارقة سيتجاوز مئات الآلاف من الدنانير، ولا يوازي الراتب القليل الذي سأستلمه وبلهجتها الدارجة " راتب قليل ما يسوه ".

أم سلامة

امرأة جاءت من البصرة للحصول على العمل هي وزوجها منذ فترة طويلة، فخطف الارهاب زوجها وبقيت وحيدة بلا ابن و لا بنت ولا معيل ولا من يسأل عنها. فارتأت ان تفترش سوق هرج ببعض (السكراب) والالعاب المستعملة والموبايلات القديمة لبيعها، وتقول: ما احصل عليه "يا دوب" اعطيه لإيجار الغرفة التي اعيش فيها وحدي و اظل احيانا حائرة بطعامي كيف اوفره، احيانا اذهب الى اخوتي في البصرة ولكنهم مشغولون عني فلديهم عوائلهم. ام سلامة تضيف بقولها " لم تكتمل معاملتي الخاصة بتعويض ضحايا الإرهاب وسوف لن تكتمل، (صارت جرجرة طويلة، موظف يشمرني على موظف آخر، وكلهم جذابين وياي، ولم يعطوني راتبا لليوم، وقد اصبحت معاملتي "هااا كبرها".

أم زمن

ام زمن تركها زوجها للزمن وغدره ولم يسأل عنها. فاستأجرت بيتا خربا وعمرته وحولته الى محال مؤجرة، وفي ايام الاحتقان الطائفي تهدم منزلها بفعل وقوع صاروخ عليه، فتدمرت حياتها و تعوقت يدها، لملمت حالها وارتضت ان تفترش الشارع "بقدري لبلبي و باقلاء" لتوفر ثمن ايجار بيت آيل للسقوط ومصاريف بنت لازالت تدرس.
وتقول : اريدها ان تكمل دراستها فهي سلاحها ومصدر قوتها. ام زمن امرأة واعية بحكم عملها في الشارع، فهي ترفض قانونا يجيز تزويج البنات الصغيرات وتعده بيعا لهن، وتضيف لقد تناسنا الدولة فلا رعاية ولا اهتمام ولا قانون يضمن الحقوق، ووعدت بان تكون أداة تغيير في الانتخابات القادمة لمن يهتم بهن.