مجتمع مدني

النقابي سـعد ملاخا: في اول أيار، أوزّع "الجكليت" على العمال !/ كمال يلدو

ربما لا يوجد مشهد اغرب من الذي يتكرر سنويا في الولايات المتحدة الامريكية، وخاصة في صفوف عماله وشغيلته في يوم الاول من أيار. فهذا العيد الذي يرمز الى وحدة نضال كل عمال العالم وتضامنهم من اجل الحقوق والأجور العادلة والسلامة في العمل والضمان الصحي والأجتماعي، وحيث كانت الولايات المتحدة وبالذات مدينة شيكاغو، نقطة مولده في العام 1886 عشية اضراب عمال معمل (ماكورمك) ومن ثم الهجوم عليهم واعدام قياداتهم النقابية في محاكم صورية وبتهم ملفقة، هذا العيد، يقول عنه النقابي السيد سعد ملاخا، انه يمر كأي يوم عادي في اروقة المعمل، وللأمانة فربما هنا? ما نسبته 1 أو 2% من العمال الذين يعرفون معناه الأممي والطبقي، لكني، وبهذه المناسبة فقد نقلت تجربتي (العراقية) لهم، حيث اقوم بتوزيع "الجكليت" عليهم، وأقدم لهم التهنئة تعبيرا عن فرحي وأعتزازي بهذه المناسبة، ولا اتثاقل من شرح المناسبة ولو بشكل سريع لمن يستغرب من تصرفي هذا!

بداية العمل النقابي

لمناسبة احتفالات الأول من آيار، عيد العمال والشغيلة الأممي كان لنا هذا الحوار مع النقابي سـعد ملاخا ليطلعنا عن اولى خطواته في هذا الحقل فقال:
أستطيع القول ان مجموع عمر عملي النقابي يصل الى حوالي 20 سنة، ولم اقضها في معمل واحد، بل في عدة معامل، وأطولها كان في معمل كنّا نطلي فيه قطع غيار السيارات بمادة (النيكل)، اما هذا المعمل الذي اعمل به الآن، فقد مضى على عملي فيه حوالي 3 سنوات، ونقوم بتصنيع قطع الغيار للسيارات، والشركة كندية بالأصل وتتعامل مع كل شركات السيارات، وعملي هناك هو (ســائق رافعة هاي لو). وعندما اردت المزيد من التفاصيل حول نقابتهم في المعمل ودوره هناك قال: نقابتنا تابعة الى نقابة عمال السيارات الرئيسية (يو أي دبليو)، وهي اكبر نقاب? عمالية في الولايات المتحدة، وأسمنا الرسمي وموقعنا هو: (UAW local 174- Region 1 A ) يبلغ عدد منتسـبي النقابة حوالي 300 عامل، وقد تمكنت رغم فترتي القصيرة معهم ان احصل على مركز طيب حيث اتحمل (مسـؤل الشفت للسلامة الصناعية سيفتي جامبيون). وفي هذه النقطة طرحت عليه استفسارا فيما تقدمه النقابة من امتيازات للعمال، فقال:
ان وجود النقابة هو صمام الأمان للكثير من حقوقنا، ولولاها لكانت معظم حقوقنا في خبر كان، ويمكن ان اعدد بعضها مثلا: ضمان السلامة الصناعية في كل فروع الشركة، ضمان استمرار عمل العامل وعدم تعرضه للفصل الكيفي، ضمان لعدالة في الأجور والزيادات السنوية والإجازات الممنوحة والمستحقة، الضمانات الصحية والتقاعد، ضمان حقوق الأقدمية، ومحاربة التمييز العنصري والحد من الأفضلية في تقلد المهام او ادائها. ان هذه الحقوق وربما غيرها، هي التي تجعل عملنا اكثر انتاجا وابداعا وتقلل من حجم الضغوط النفسية التي يوضع فيها العمال الآن في المعامل الأخرى التي لا تخضع للتنظيم النقابي.
وبعد حديثنا عن اهمية النقابة، اردت ان اسمع منه عن آفاق هذا العمل ، فقال:
بالحقيقة ان الوضع النقابي يتدهور، والهجمة على المكتسبات التي حققها العمال ونقاباتهم تتعاظم، من قبل الحكومة الفيدرالية او من قبل الحكومات المحلية، وهذا بالحقيقة يرتبط كثيرا بميزان القوى بين الجمهوريين الذين يناصبون العداء لنا وبين الديمقراطيين الذين نعتبرهم مناصرين لنا وربما يكون اقرار (قانون حق العمل) في بعض الولايات، واحدا من اسوأ الأمثلة على ذلك، اذ انه يشرعن وبصورة رسمية عملية الغاء دور النقابة في العملية الإنتاجية. اما الأزمة الاقتصادية وأغلاق المعامل او نقل بعضها خارج الحدود للدول الفقيرة فأنه?يضاعف من معاناتنا، وخذ على سبيل المثال، فأن معملنا توقف منذ فترة غير قليلة عن تعيين العمال بعقود ثابتة، ولجأ الى (لعبة) العقود المؤقتة 89 يوما- قابلة للتجديد، حتى يفلتوا من تقديم الحقوق للعمال، وبالتالي يكونون عرضة للابتزاز والدفع القليل والقبول بالأمر الواقع، ومعروف ان من ابرز مظاهر الأزمة الأقتصادية ان يخضع سوق العمل الى قاعدة العرض اكثر من الطلب، ولهذا السبب فعندنا ما لا يقل عن (100) عامل مؤقت، لا يمكننا تنظيمهم في النقابة او اشراكهم بأي عمل نقابي رسمي. لكن لو نظرنا الى الصورة بشكلها وحجمها الأشمل، لأني متفائل بأن العمل النقابي سوف لن يموت، بل ربما تأتي الظروف والأيام ليتطور اكثر، فأنت ترى ان التصنيع يتطور، والآلة تتطور، ومعها العامل يتطور، وآمل ان يتطور معها الوعي النقابي بالحقوق والواجبات ايضا. وربما سيكون من الطرافة ان اقول لك، بأن شركة (فولكس فاكن) الألمانية لصناعة السيارات كانت قد منحت الحق لعمل النقابة في مصنعها الجديد (غرب الولايات المتحدة)، وحينما حان موعد التصويت النهائي لأقرار شرعية النقابة، تدخلت الحكومة المحلية وضغطت بكل الأتجاهات لأفشال هذا المشروع، وفعلا فاز الآخرون بفارق ضئيل، ولم تقر شرعية النقابة.

البداية

ولد السيد ســعد اوراها بولص ملاخا في مدينة القوش التابعة لمحافظة نينوى في العام 1955( في المحلة التحتاني محلة ختيثـة)، وزرع المناخ الثوري التي عرفت به القوش، الروح الوطنية عنده منذ صباه، وفعلا فقد عرف دروب النضال السري عبر القائد توما توماس وهو لما يزل شابا يافعا، بعد قدومه الى بغداد، تعرض كغيره من الوطنين لحملات المضايقة حتى وصلت الهجمة الفاشستية مداها، فقرر مغادرة العراق عام 1980 وتوجه الى ايطاليا حيث اقام فيهاعاما ونصف العام، وأستقر به الأمر في ديتروت مذ ذاك التأريخ. وكغيره من الوافدين الجدد فقد عمل في محلات البقالة والشركات التي يملكها ابناء الجالية، لكنه وجد فرصة افضل للعمل في الشركات الكبرى حيث الضمانات اكثر والدفع افضل. منذ وصوله لهذه البلاد نشط في الأتحاد الديمقراطي العراقي، وكان دائما في الصفوف الأولى حينما تكون الحاجة ومازال لليوم، يحضر النشاطات ويؤازر الحركة الوطنية العراقية هو وأفراد عائلته الكريمة.

امنيات بالمناسبة

طلبت منه ونحن على ابواب عيد الأول من آيار ان يذكر لي امنياته للطبقة العاملة العراقية فقال:
اولا اتوجه لكل شغيلة اليد والفكر والوطنيين بالتهاني في هذا العيد الجميل، وثانيا ادعو الى الغاء قانون (صدام حسين) السئ بأعتبار العمال موظفين، فهذه مهزلة، كيف يرضاها هؤلاء الحكام الجدد. اما لأخوتي العمال فأني اتوجه لهم بأعتبارهم بناة هذا الوطن ان يتعلموا، وأن يطوروا من معارفهم ويطالبوا بحماية صناعاتنا الوطنية ، ويعززوا من تنظيمهم النقابي العتيد ويحفظوه من اي نوع من التدخلات والأملاءات، كما اتمنى عليهم ان يعززوا من علاقاتهم الطبقية والأممية مع النقابات الوطنية في كل العالم، حتى تزداد تجاربهم، وحتى يكونوا ظهيرا لنضالاتهم في مواجهة القوانين الرجعية وقوى الأرهاب بكل اشكالها.
اما للعراق الحبيب، فأمنياتي له لا تعد ولا تحصى، فأنا أتمنى الأمن والأمان لأبنائه وبناته، تعزيز الديمقراطية في مسيرته القادمة، ان يكون العراق وطنا للكل دون ان تفرقنا المذاهب والقوميات والأديان، فقد احتضننا لآلاف السنين، فلماذا لا يحتضننا الآن. كما اتمنى ان تتكحل عيوني وأن اشهد نصرا ملموسا يحققه التيار المدني الديمقراطي ومرشحوه ، وذات الشيء للمناضلة شميران مروكل وقائمتها العتيدة (الوركاء)....في الختام اتمنى ان يتكلل العمل الطيب والخيّر، بالنتائج الطيبة لمصلحة كل العراقيين.