مجتمع مدني

عن واقع المرأة العاملة من الجانب القانوني والحقوقي / القانونية دعاء علي عبد

الاول من ايار هو يوم النضال والكفاح وتتويج لطريق طويل من نضالات الطبقة العاملة المنتجة ، العيد الذي تتجسد فيه مآثر روحها الثورية. ومثلما برزت مؤخرا قضايا المرأة عموما، على الصعيدين المحلي والعالمي ، كواحدة من اهم قضايا العصر الملحة في الظرف الراهن، فالمرأة العاملة كان لها حصة في ذلك. وقد اجتذبت اهتمام فئات واسعة من المجتمع حتى انها حظيت بعناية فائقة من قبل فئات كانت بالأمس القريب لا تستعطفها قضايا المرأة ومشاكلها، حيث كانت تبدي وبصورة واضحة معاداتها لتحرر المرأة اقتصاديا.
وما بلغناه اليوم ضمن رصيد ضخم من النضال خاضته المرأة مع مختلف الطبقات، وساهمت بشكل فعال في انجاح خطط التنمية والتطوير الاقتصادي. والمرأة العراقية بنضالاتها قطعت شوطا في طريق التحرر من تقاليد البيت والعلاقات البالية الموروثة، للمشاركة في الحياة العامة وتحقيق المكاسب للطبقة العاملة والجماهير الكادحة .
ان قانون العمل رقم 151 لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي رقم 39 لسنة 1971 حددا شروط العمل والظروف المناسبة لقابلية المرأة العاملة الاجتماعية والجسمانية، وشروط عمل المرأة العاملة الحامل والاجازات في الاعياد والمرضية. وتعتبر الأجور التي تتقاضاها المرأة العاملة متدنية قياسا بأجور الرجل العامل، وقد جاء قانون رقم 71 لسنة 1987 متجاهلا وبشكل واضح لمعظم هذه الحقوق ومتخلفا عن التشريعات والأنظمة، ولأن تكون المرأة العاملة في مراكز قيادية في اللجان والهيئات ، فلازلنا نعاني من ضيق السبيل امام المرأة العاملة ، بسبب موروث التركة الثقيلة للحكومات الرجعية والدكتاتورية وعهود السيطرة الاستعمارية، وبسبب ثغرات كثيرة في تشريعات حقوق المرأة العراقية العاملة.
ان في تجارب البلدان بشأن تنمية وتطوير المرأة العاملة ما يفيدنا في التخطيط لوضع مستقبلي افضل للمرأة العاملة ، وقد ساهم كثيرا اشتراكها في نشاط منظمات المجتمع المدني وفتح مراكز التدريب المهني . حيث ساهم في تجاوز النظرة المترفة لعمل المرأة وكونها قاصرة، وصار الكثيرون يدركون ان الرجل والمرأة مساهمان رئيسيان في بناء المجتمع، رغم الاعراف السائدة والتفسير الخاطئ للدين، بالإضافة الى نظرة المرأة نفسها، وكيف ترى نفسها وسط هذه الاحكام السائدة ، لاجل ادراك ان عمل المرأة لا يعتبر رفاهية وان حرمانها من العمل جريمة.
ما ادهشني حقا التأييد الواضح من قبل فئة الشباب، حيث رفض احد الذين تحدثت معهم ان يربط حياته بامرأة ليست عاملة واضاف ان الحياة شراكة ، بالاضافة الى ان عملها هام في بناء شخصيتها. ان عمل المرأة اليوم وفي الظرف الراهن يعتبر امرا ضروريا ، رغم من يراه سلبيا، الا انها تحديات علينا تجاوزها وازالتها، فهو ليس امرا كماليا كما يفسره بعض المحتجين.
من اهم التحديات، التي يراها البعض نقطة سلبية وضعف للحد من تقدم المرأة العاملة، هو التكوين البايولوجي لها، بينما يراه البعض الاخر نقاطا اضافية للمرأة العاملة في شتى المجالات. ويعتبر القانون الذي صدر بحق العمال بتحويلهم الى موظفين قانونا جائرا، وهو مكمل لنسق عمل السياسة السابقة في مناهضتها للحركة النقابية العمالية العراقية ومحاولة للتهميش والابعاد عن المسار التاريخي الذي بنته الطبقة العاملة العراقية منذ تأسيس اول نقابة عمالية في عام 1929.
ويعتبر القانون رقم 150 لسنة 1987 القانون المجحف بحق الطبقة العاملة والذي حرم ثلثي الطبقة العاملة من التنظيم النقابي، ولازالت الحكومات الحالية بنفس التوجه بعد تجميد اموال اتحاد النقابات قانون رقم 8750 لسنة 2005 ، وكل ذلك يتنافى مع التشريعات واتفاقيات مناهضة العنف ضد المرأة و الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمنظمة العمل الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ( اتفاقية سيداو)، والتي بدأت بمعاهدة حقوق المرأة السياسية عام 1973 واكملت اعدادها عام 1979 والتي تبنتها مفوضية مركز المرأة التابع للأمم المتحدة ثم اجازتها الامم المتحدة وبعدها قامت بإلغائها ورفع جميع القوانين الظالمة والعادات السائدة وتغيير المفاهيم التي شكلت تمييزا ضد المرأة واصبحت سارية المفعول في 3/12/1981 والتوقيع عليها من قبل خمسين دولة، وقد ارتكزت على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية حيث يمكن القول انها حقوق مطلقة. منذ عام 1981حدثت تطورات كثيرة رغم تحفظ الحكومات العربية على بعض بنود الاتفاقيات على المستوى الصناعي والزراعي والخدمات والسياسة. في العراق كان هذا التحفظ فيما يخص الأسرة والجنسية ، ولكن فيما يخص موضوع هذا المقال اصدرت الحكومة العراقية عام 1986 قانونا يضمن حقوق المساواة بين الرجل والمرأة يتوافق وروح الاتفاقيات الدولية التي اصدرتها منظمة العمل الدولية لتحقيق فرص العمل والتعليم والتدريب والمواقع الادارية والسياسية واتخاذ القرارات المهمة ، وهناك إشكاليات عدة منها:
1- النساء العاملات في الزراعة. واقع مر تعيشه المرأة العراقية العاملة في الريف والتي تحيط بهاء جبال الاستغلال حيث ان عملها مجاني وغير مشمول بحماية قانون العمل والضمان الاجتماعي ، وهذا حرمان من الحماية القانونية والاجتماعية للمراة التي تمنح للعاملات في القطاع الخاص والحرمان من تملك الاراضي الزراعية بسبب الأعراف والتقاليد.
2- اما العاملات في القطاع الخاص فهن غير مشمولات بالضمان الاجتماعي والتأمين لأن العمل في معامل غير مجازة قانونا او بسبب عدم تسجيل جميع العاملين وعدم وجود رقابة دقيقة من قبل الدولة لإلزام ارباب العمل بدفع التأمينات.
3- الهيكليات الادارية في المؤسسات العامة والقطاع المختلط والخاص فيها تمييز واضح ضد النساء بالرغم من عملهن في قطاعات كبيرة وتشكيلها نسبة اغلبية .
4- المشاركة السياسية ضئيلة جدا في ميزان صنع القرار رغم نسبة الكوتا 25% من مقاعد البرلمان المخصصة للنساء مما يحد من التقدم في المطالبة بحقوق المرأة وانجاز ما فات.
وايضا المرأة العاملة والتعليم ... فأن الحديث عنه يعتبر مأساويا فيما لو قيس بالنسب المئوية مقارنة بالرجال، وهي ثغرة لم تردم لحد الان، رغم المساعي المبذولة من قبل المنظمات المعنية.