مجتمع مدني

الحق في الحريات النقابية في قطاعات الإنتاج كافة ! / عدنان الصفار

في أولى خطوات عملها،حثت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية البرلمانية، الحكومة العراقية على التصديق على اتفاقية العمل الدولية 87 لعام 1948 والخاصة بالحريات النقابية. حبث ارسلت كتابها المرقم 123 في 2 / 11 / 2014 مؤكدة على صحة ما طالبت به في الدورة السابقة لمجلس النواب بموجب كتابها السابق المرقم 105في 10/ 7 / 2013.
ان خطوة مثل هذه إن تمت ستتيح حق التنظيم النقابي في القطاع العام. وجاء الان دور النقابات العمالية للتمسك بهذه الحقوق ومطالبة الحكومة العراقية الإسراع في تصديق تلك الإتفاقية ووضعها في سلة واحدة مع قانوني العمل الجديد والحريات النقابية التي تمت قراءتها في الدورة السابقة وإعادة قراءتها في الدورة الحالية.
أن وجود إطار قانوني يوفر الحماية والضمانات الضرورية ومؤسسات تسهل المفاوضة الجماعية وتعالج النزاعات المحتملة وإدارة فعالة للعمل ومنظمات للعمال ولأصحاب العمل تتمتع بالمتانة والفعالية، أنها عناصر أساسية لبيئة محفزة وتمكينية مؤاتية للحرية النقابية والمفاوضات الجماعية. ويتسم دور الحكومات بأهمية قصوى في توفير بيئة محفزة.
وأن التصديق على اتفاقيتي العمل الدولية رقم 87 ورقم 98 (مصادق عليها من قبل العراق)، اللتين تعالجان موضوع الحرية النقابية والمفاوضة الجماعية إنما هو تعبير عن التزام الحكومة العراقية لتنفيذ المبادىء والحقوق المعنية.
أن التصديق عنصر مهم بالتأكيد بيد أن التحديات الحقيقية تكمن في تطبيق الاتفاقيات تطبيقاً فعلياً. ويظهر العمل الإشرافي الذي تضطلع به منظمة العمل الدولية الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتشجيع احترام هذه الحقوق وتنفيذ مبادئها في الدول المصدقة عليها وغير المصدقة عليها على السواء.
وضمن هذا الإتجاه العام، توجد قضايا جسيمة ورئيسية تنتظر عمالنا والعاملين في القطاع العام والمختلط والخاص تشمل التهديد بتسريح واسع للعمال و للنقابيين نتيجة فرض سياسات الخصخصة غير الممنهجة ولسياسة الحكومة الاقتصادية التي يبدو انها لا تمتلك رؤية واضحة لمجمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية. سيما وان هناك تحديات جديدة مع بروز اشكال جديدة من العمل وأنماط جديدة من علاقات العمل تقسم القوى العاملة بين عمال دائميين (موظفين) وعمال عقود وأجور يومية داخل نفس القطاع او المؤسسة الإنتاجية.
أن التغيرات الهيكلية في العمالة، ولا سيما تلك الناجمة عن الخصخصة والتكنولوجيات الجديدة، إلى جانب انماط جديدة من علاقات الاستخدام، تؤثر في ممارسة مبادىء وحقوق الحرية النقابية والمفاوضات الجماعية.
من جانب آخر، ان وجود تنظبمات نقابية للعمال تكون « الاكثر تمثيلاً « هو من الجوانب المهمة في تنشيط مثل هذه الاتفاقيات لكي تؤدي دورها الحقيقي والمطلوب منها بعيداً عن النقابات الصفراء التي لا تمثل شيئاً في حياة التنظيم النقابي للعمال. لذا تحاول هذه النقابات الصفراء معارضة مبادىء الحريات النقابية وطبيعة التمثيل لكي تتمسك بادعاءاتها غير المنطقية بأنها « الممثل الوحيد «، وهي اسطوانة مشروخة لا تتواكب مع تطور التشريعات والقوانين والحياة العامة في بلادنا. حيث إن النقابات لعبت وستلعب دوراً إيجابيا في رفع مستويات الأجور وتحسين ظروف العمل، وكان لها دور فاعل ومؤثر في صياغة التشريعات العمالية والنقابية، وان من ينظر عكس ذلك يرى أنها تشكل خطرًا على مصالحه .
إن دور النقابات يجب أن يتعزز أكثر، وعلى النقابيين مهمات باتت اليوم أصعب لأنها لم تعد شريكا لاصحاب القرار، وما يتوجب ان لا يكون قراراً حكومياً يصدر من دون مراعاة النقابات، سواء فيما يخص قطاعات الاقتصاد الوطني أو فيما يخص التحركات والشؤون العمالية، وحماية الطبقة العاملة، خاصة بعد الدور الكبير الذي من المؤمل ان يضطلع به القطاع الخاص وتوسعه في مختلف المجالات والقطاعات. وفي هذا المجال لم تعد النقابات وإلى حد كبير وفي العديد من الشؤون في الخندق ذاته إلى جانب الحكومة، لذلك عليها أن ترسم من جديد معالم هذه العلاقة واتجاهاتها وكيفية تأدية الدور المنوط بها اقتصاديا واجتماعيا. ولا يخفى أن النقابات في الدول الرأسمالية تؤدي دوراً مهماً لمصلحة الطبقة العاملة، ولمصلحة قضاياها الاجتماعية والصحية والمهنية وغيرها. ‏
وأضافة إلى الدور النقابي للاتحادات والنقابات العمالية، يجب أن يكون ثمة دور سياسي لها جوهره دعم النظام السياسي وحمايته كي يعبر عن مصالح العمال والكادحين وبقية فئات الشعب الذي تمثله نقاباته ومنظماته الشعبية واتحاداته المهنية. وأيضاً من بعض المهمات التي يجب التأكيد عليها إضافة إلى المهمات المستجدة، حماية المكتسبات العمالية وتعزيزها كي لا تضيع، أو يتم التراجع عنها نتيجة ضغوط بعض أصحاب الرأسمال الخاص أو المؤسسات الدولية كالبنك والمصرف الدوليين، ومتابعة تحقيق الجانب الاجتماعي في اقتصاد السوق.
ويجب أن يكون وجود نقابات واتحادات غير شكلي دون فعل، وإنما نريد لها دوراً ايجابياً يخدم الوطن وقضاياه الاقتصادية والاجتماعية والوطنية. ‏