مجتمع مدني

أزمة الغاز تتفجر وسعر القنينة تجاوز العشرة آلاف / أكرم الخاطر

فجأة ومن جديد ولدت أزمة غاز في العاصمة بغداد، وسرعان ما أمست حديث الشارع، وتسيدت بسهولة حوارات السابلة والراكبين ومرتادي المقاهي والمتسوقين وأصحاب الشكاوى المتصلين بالعديد من إذاعات الـ"f m"، ثم تسللت بسهولة إلى جمهور شبكات التواصل الاجتماعي "تويتر والفيس بوك"، وشيئا فشيئا غدت أزمة "غاز الطبخ" سيدة الأزمات، ولم يعد أحد يتحدث عن انقطاع التيار الكهربائي أو تلول نفايات الأحياء الشعبية والشوارع والساحات، أو عن زحام الشوارع والسيطرات. أما تردي الوضع الأمني وحجم الخسائر اليومية في الأرواح والمعدات فقد وصفه أحد المتندرين بـ "هاي صارت زلاطه"!
في العراق تبدأ أي أزمة بسهولة، وغالبا ما يمر شهر بلا أزمة أو حديث عن وجود أزمة. حتى محصول الطماطة يعاني من أزمة موسمية يتذمر منها المواطنون، خصوصا ربات البيوت، ويصل سعر كيلو الطماطة إلى أكثر من ألفين حتى ثلاثة آلاف! كما تعاني المحاصيل الأخرى من أزمات مماثلة من حين لآخر. ومع حلول بعض المناسبات الدينية هناك أزمات دورية ثابتة وحوارات دورية ثابتة عنها. وهل ينسى العراقيون ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية التي يكثر استخدامها في شهر رمضان، كالبصل والبطاطا والبقوليات والحلويات وغيرها!؟

توجس وقلق

علائم القلق ارتسمت على وجوه الرجال والنساء، شيبا وشبابا، وسرعان ما شرعوا باطلاق الأسئلة والتساؤلات عن مدى حجم الأزمة، وتهافتوا سريعا على البحث عن "السيدة القنينة"، ومحاولة شراء أكثر من قنينة أو استبدالها. لمِ لا، وتاريخهم مع الأزمات عتيد، خصوصا الغاز والنفط، وبالذات مع حلول موسم الشتاء وما يجلبه من موجات برد قارسة وسيول أمطار، تتحول فجأة بسبب انعدام أو تهالك شبكات الصرف الصحي الى اعصار متكرر، أطلقوا عليه تندرا " اعصار تسواهن" التاريخي! ربما لأن ذاكرتهم الجمعية تستعيد سريعا أزمات الغاز والبنزين والنفط المتكررة، ومنغصات رحلات البحث اليومية، وملازمة محطات الوقود طيلة النهارات، بعضهم كان يجلب معه الأغطية والأفرشة ويبيت بجوار المحطات، ناهيك عن الطوابير الطويلة والانتظار والمنغصات التي "اتشيب الراس" وسط مخاطر الانفجارات الارهابية التي يرقص مدبروها طربا أمام كثرة التجمعات وتفعيل الأزمات واثارة الفتن والقلاقل واشاعة حالة عدم الاستقرار والفوضى في الشوارع والمدن والنفوس.
في العراق تمر الحياة من أزمة لتدخل في أزمة، حتى أن البعض تندر على هذا الوضع الغريب قائلا: الحياة بلا أزمة تبدو "فاهيه، بلا طعم"!

هل هناك أزمة؟

السؤال يبدو محيرا لأول وهلة، خصوصا من يملك قنينتي غاز في بيته لم يستخدمها لحد الآن، ولكن مع كثرة الاشاعات وتداولها الدقائقي، يغدو فجأة ضمن المحتاجين الى غاز، وضمن الباحثين عن قنينة غاز، وضمن الشاكين والمتذمرين من شح الغاز وحلول الأزمة!
وهكذا تتسع دائرة المستهلكين بسرعة "ضوئية" في ظل مناخ القلق من حصول أزمة، وتفعيل هذا القلق بمؤثرات عديدة، أغلبها من قبل ضعاف النفوس والمنتفعين من حصول الأزمات بأنواعهم، بدءاً من بائع الغاز البسيط، مرورا بعامة الناس وانتهاء بأعداء الشعب والعراق، من إرهابيين وأزلام النظام البائد وحلفائهم.
ثمة من ينتفع من أزمة الغاز بالفعل، فأصحاب عربات الغاز، لنقل غالبيتهم، "يرقصون بكفِّيه" مع بداية شعورهم بحصول أزمة غاز، وسرعان ما يتنافسوا على زيادة سعر القنينة حتى تصل فجأة الى ستة عشر ألفا وأحيانا الى خمسة وعشرين ألفا. بل أنهم ووفق شبكة معارفهم وعلاقاتهم ووجود "لوبي" خفي في محطات الوقود ومن له سطوة أو حظوة على ادارتها يستطيعون احتكار تبديل اسطوانات الغاز بيسر وبيعها بأسعار خيالية، في حين يقل بيع الغاز من قبل المحطات على المواطنين بل يكاد ينعدم، خصوصا مع حصول الطوابير الكارثية وعزوف الأهالي من الذهاب الى المحطات بسبب هذا الاختناق وما يرافقه من بؤس الانتظار وغيره. كما أن باعة الغاز، وفي ظل التهافت غير المعقول على خزن قناني الغاز فإنهم يجدون فرصة مغرية لزيادة الأسعار بطريقة احتكارية ظالمة، على حساب انعدام الشعور الوطني، والإحساس بالمواطنة والجشع والتخلف.
في الأزمات، الكل يربح باستثناء المواطن، فغالبا ما يتداول الناس حالات الرشاوى مع العاملين في محطات الوقود ذاتها وطالما تم ضبط مثل هذه الحالات وتم تناولها اعلاميا، كما ينتفع باعة الغاز برمتهم. وكذلك تنشأ فرصة عمل "مقيتة" يغتنمها فورا "الشقاوات" وأصحاب النفوذ بمختلف أصنافهم ويتحولون إلى "وكلاء- فتوه"، ويتحكمون ببيع الغاز طبقا لمنافعهم الشخصية وولاءاتهم وغيرها.

وهل هناك أزمة؟

ولكن، يعود المواطن ويتساءل، كيف حصلت الأزمة؟، ولماذا حصلت؟، مع سؤال مازال قائما، هل هناك أزمة غاز؟
مجلس محافظة بغداد، أكد وضع اليد على مداخل ومخارج العاصمة بغداد لمنع تهريب اسطوانات الغاز من قبل العصابات الاقتصادية.
وأضاف في بيان تناقلته وكالات الأنباء انه " تم التنسيق مع الجهات الأمنية لمراقبة خروج ودخول اسطوانات الغاز إلى بغداد"، مشيرا إلى أنه" تمت السيطرة على الوضع وستنتهي الأزمة في القريب العاجل".
وأضاف ان" أزمة الغاز التي تشهدها العاصمة بغداد في طريقها للانتهاء قريباً، حيث ان السبب يعود للأحداث الأمنية في مصفى بيجي ونشاط عمليات التهريب وتسريب الاسطوانات إلى محافظتي صلاح الدين والأنبار".
وبين ان "كمية انتاج الغاز السائل في مصفى بيجي تأثرت وهو ما أثر على تجهيز بغداد"، موضحاً ان "هناك عمليات تهريب تنفذها عصابات اقتصادية الى محافظتي صلاح الدين والرمادي".

و.... هل هناك أزمة؟

ويعود المواطن ويتساءل: كيف حصلت أزمة الغاز في بلد النفط والغاز، ومع هذا التساؤل يبقى سؤال آخر قائما: هل هناك أزمة غاز بالفعل؟
مجلس بغداد، عاد وأعلن عن اتخاذ إجراءات عدة للقضاء على أزمة ارتفاع أسعار أسطوانات الغاز شرقي العاصمة، وفيما لفت إلى رفع سقف الإنتاج اليومي إلى 120 ألف أسطوانة، توعد المتسببين بالأزمة بـ"إجراءات صارمة"!
وأضاف في حديث تناقلته وكالات الأنباء، إن "المجلس تلقى شكاوي عدة من المواطنين في مناطق شرق القناة، بشأن ارتفاع سعر أسطوانة الغاز إلى عشرة آلاف دينار، وبدورنا راجعنا الشركة العامة لنقل وتوزيع الغاز واتخذنا قرارات عدة".
وأضاف أن "القرارات تضمنت رفع سقف الإنتاج اليومي من 80 ألف أسطوانة غاز إلى 120 ألف أسطوانة، وزيادة منافذ التوزيع، وتمديد مدة العمل لغاية الخامسة عصراً بدل الثالثة".
وتابع أن المجلس سيراقب الوضع بهذه القرارات وإذا لم يحدث تغيير بعد 48 ساعة ستكون لنا إجراءات أخرى"، لافتاً إلى أن "سعر أسطوانة الغاز لم يجرِ عليها أي تغيير من قبل الشركة العامة ولا يزال سعرها ثابتاً".
وتوعد من يستغل الناس والمتسبب برفع أسعار أسطوانات الغاز بـ"إجراءات صارمة وشديدة".

وزارة النفط: لا أزمة!

بدورها نفت وزارة النفط ان تكون هناك أزمة في أسطوانات الغاز في بغداد، مؤكدة أنها رفعت إنتاج الأسطوانات من 80 ألف أسطوانة باليوم إلى أكثر من 120 ألف أسطوانة، مشيرةً إلى أن سعر الأسطوانة في المحطة هو 7 آلاف دينار.
وأضافت:"لا توجد أي أزمة لوزارة النفط فيما يخص أسطوانات الغاز في المحطات، وعلى العكس تماماً فقد رفعت الوزارة من ضخ الغاز من 80 ألف أسطوانة باليوم إلى أكثر من 120 ألف أسطوانة"، معتقداً بأن "انخفاض درجات الحرارة في بغداد، هو أدى إلى خلق الأزمة من قبل ضعاف النفوس".
وأضافت:"لا يوجد لدينا خط متوقف لكي تحصل أزمة في ضخ الغاز وان سعر الأسطوانة الواحدة في المحطة هو 6 آلاف دينار، ويحق لكل مواطن أن يقدم شكوى للمجالس البلدية والمحلية عن اي محطة تبيع الأسطوانة خلاف هذا السعر"، مبينة ان "من روج للأزمة هم الباعة المتجولون حيث يستغلون ظروف معينة لخلق الأزمة وهذا بالتأكيد هو من اجل منفعتهم الخاصة على حساب المواطن، وأن وزارة النفط لديها تنسيق مشترك مع الحكومة المحلية وهي بذلك تستطيع أن تضع حداً لمن يقوم برفع سعر الأسطوانة الواحدة في المحطة".

وهل هناك أزمة فعلا؟

ويعود المواطن ويتساءل: كيف حصلت الأزمة؟، وهل هناك أزمة؟
مجلس محافظة بغداد حمّل المواطنين مسؤولية التسبب بأزمة ارتفاع أسطوانات الغاز في العاصمة، قائلا: ان "الإشاعات التي يروج لها البعض يتأثر بها المواطن بشكل سريع مما يتسبب بزيادة طلب الأهالي على شراء أكثر من أسطوانة في وقت واحد من محطات التعبئة"
ولفت إلى أن "بعض الباعة المتجولين بدأوا برفع أسعار بيع الغاز"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "الأزمة سوف تحل بشكل كامل خلال أسبوع واحد"!.
وأضاف المجلس في تصريحات صحفية:" ان لجنة النفط والغاز في مجلس محافظة بغداد من مهمتها متابعة عمل المحطات بالتعاون مع المجالس البلدية والمحلية، ولكن ليس من الممكن ان نقضي على الأزمة بيوم واحد فقط"، مضيفاً ان "الحل الوحيد الذي نستطيع به ان نضع حداً للازمة المفتعلة هو ضخ أسطوانات بشكل مضاعف ونشر العربات الجوالة التابعة لوزارة النفط وهذه الطريقة ستقلل الطلب على الأسطوانات التي يبيعها الباعة الجوالون في كل منطقة لكي تقلل من الضغط الذي تولد على المحطات".
هذا وكشف مجلس المحافظة عن تهريب عدد من "ضعاف النفوس" لقناني الغاز مستغلين الأوضاع في محافظتي الأنبار وديالى، حيث قال
ان "عددا من ضعاف النفوس استغلوا الأوضاع في محافظتي الأنبار وديالى وقاموا بتهريب قناني الغاز الى المحافظات الأخرى".
وأضاف البيان "تم تشكيل لجنة من المحافظة لمحاسبة المهربين ورفع سقف الإنتاج اليومي للغاز من 85 ألف قنينة إلى الـــ 120 ألف قنينة لتلافي النقص الحاصل".
محافظ بغداد علي محسن التميمي نفى بدوره وجود أي أزمة بالغاز السائل وتوعد مفتعلي الأزمة بمحاسبتهم، مؤكدا ان معامل الغاز مستمرة بالإنتاج والتجهيز ".
وقال السيد المحافظ خلال زيارته لمحطة إنتاج الغاز السائل في جانب الرصافة:" إن هذه الزيارة تأتي للاطلاع على سير الخط الإنتاجي لمحطة تعبئة وإنتاج الغاز السائل في جانب الرصافة وتبين أن إنتاج المعمل مستمر وان التجهيز جيد إلى أصحاب ساحات بيع الغاز دون انقطاع، مؤكدا عدم وجود أي أزمة بهذا الخصوص وستتم محاسبة جميع من يحاول استغلال المواطنين من أصحاب ساحات بيع الغاز ".
وذكر التميمي " ان محافظة بغداد قد أصدرت توجيهات مفادها محاسبة أصحاب ساحات بيع الغاز غير الملتزمين والمتلاعبين بالأسعار ومستغلي المواطنين بسحب إجازات البيع ".

ويستمر التساؤل

ولكن، يعود المواطن ويتساءل، كيف حصلت الأزمة؟ ولماذا حصلت؟مع سؤال ما زال قائما
ك هل هناك أزمة غاز؟
هيئة توزيع بغداد نفت أيضا "وجود أزمة في الغاز السائل، وأكدت أن الاستهلاك بلغ 140 ألف اسطوانة غاز بعد أن كان 75 ألفا، وفيما توقع مجلس محافظة بغداد القضاء على الأزمة خلال يومين، هدد باتخاذ "إجراءات صارمة لمنع ضعاف النفوس من استغلال الوضع ورفع الأسعار".
الهيئة أضافت:"لا توجد هناك أزمة غاز في بغداد"، مبينة أن "كميات كبيرة في المستودعات ولا توجد لدينا أية مشكلة في توفيرها للمواطنين، وأن كل ما حصل هو أن الناس اتجهت بشكل واسع وكبير لسحب واستبدال اسطوانات الغاز ونحن الآن عوضنا هذا السحب"، مطمئنا المواطنين "بانهم لن يعانوا من شحة او أزمة بالغاز".
وأضافت:" أن استهلاك بغداد الطبيعي اليومي كان 75 ألف أسطوانة غاز ووصل، الى 140 ألف أسطوانة، ولم نواجه أية مشكلة بهذا الأمر لأننا نملك كميات كبيرة وخزينا عاليا"، ودعت المواطنين إلى "الصبر يومين أو لثلاثة أيام حتى يقل هذا السحب وسيرجع الآمر كطبيعته السابقة"!
كما لفتت حافظ إلى أنه "تم نشر لجان تفتيشية وبمشاركة مجلس محافظة بغداد لمنع ضعاف النفوس من استغلال الوضع ورفع الأسعار"، مهددة "باتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين".
مجلس محافظة بغداد عاد وأعلن إنه "أجرى اتصالات مع المسؤولين في وزارة النفط لتكثيف الجهود للقضاء على ارتفاع أسعار اسطوانات الغاز"، لافتا إلى أن "المواطن كان يتداول اسطوانة واحدة في اليوم وأصبح الآن يتداول من ثلاث إلى أربع اسطوانات ما سبب سحبا كبيرا على اسطوانات الغاز وفي التالي استغلها أصحاب النفوس الضعيفة لرفع الأسعار".
وتابع أن "المجلس طالب هيئة توزيع بغداد بإنزال المركبات الكبيرة إلى الشارع لتوزيع الغاز على المواطنين لتخفيض الأسعار"، لافتا إلى أنه "تم توجه المجالس البلدية والمحلية بأن يكون لهم دور مراقبة ومتابعة لمحاسبة من يستغل المواطنين، مبينا أن بعض ضعفاء النفوس بدأ يخزّن أعداداً من أسطوانات الغاز حتى يتسبب برفع أسعارها"، محذرا إياهم بأنهم "سيواجهون العقاب"، متوقعا أن "يتم انخفاض أسعار اسطوانات الغاز في اليومين المقبلين بعد أن اتفقنا مع هيئة توزيع بغداد على زيادة ساعات التشغيل في معاملها وعدد العاملين فيها".

نعم.. نعم.. هناك أزمة!

والآن، هل هناك أزمة غاز؟ نعم، هناك أزمة، سيارات الغاز التي كانت تجوب الشوارع والأحياء السكنية اختفت، أو قل تواجدها بشكل كبير، وباعة الغاز الذين كانت تبح أصواتهم وهم يروجون لبيع اسطوانات الغاز بحثا عن باب يفتح أو كف يومئ لهم اختفوا أو قلّ ظهورهم بشكل كبير، وحين تطل السيدة "عربانة الغاز" يحصل "هجوم هستيري" عليها من قبل الرجال والنساء والأطفال من أهالي الحي ويفاجؤون بأن سعر القنينة ارتفع فجأة من ستة ألاف دينار للقنينة الواحدة الى اثني عشر ألف دينار! وهناك من راح يجوب بسيارته محطات الوقود والشوارع والأحياء السكنية الأخرى بحثا عن "ريحة غاز"، وهناك بيوت أعلنت رباتها للأبناء استحالة حصول وجبة غداء لهم بسبب نفاد آخر قنينة غاز!
بعض الآباء والأمهات وأبناؤهم، عادوا إلى جمع أغصان الأشجار اليابسة كحطب للطهي، وبعضهم عاد إلى النفط والجولة، وسرعان ما بدأت الاستدانة من الجيران، استدانة قنينة "نص عمر"، مقابل قنينة ممتلئة حال الحصول عليها "من دبش"، ولذلك تم الاتفاق السري على إلغاء مبدأ الاستدانة وقواعد الجيرة في هذا "الزلك" الذي يصفه العراقيون عموما بـ "اليوم كظ اخوك قبل لا يطيح"!

14 ألف دينار سعر القنينة

يقول المواطن أبو محمد من سكنة مدينة الزعفرانية إن "سعر اسطوانة الغاز وصل في اليومين الماضيين إلى 14 ألف دينار بعد أن كانت بـ 6 آلاف دينار"، عازيا السبب إلى "توجه الناس إلى سحب كميات كبيرة في الاسطوانات لتخوفها من المستقبل المجهول في ظل الأوضاع الأمنية التي يعيشها البلد، مما سبب وجود شحة في هذه المادة".
أم ساره، ربة بيت بينت أنها لا تملك قنينة غاز واحدة في بيتها، وأنها استعانت "بشوية نفطات مخزونة قديما واستخدمت الجولة لأغراض الطبخ"
المواطن جاسب حمد، قال:"أبحث عن قنينة غاز منذ يومين ولم أحصل عليها، فاضطررت للذهاب بسيارة تاكسي الى بيت شقيقي الذي يبعد عن بيتي كثيرا للحصول على قنينة غاز، ولا أدري ماذا سأصنع بعد نفادها، خصوصا ونحن عائلة كبيرة ونستهلك القنينة في غضون أيام قليلة".

"وجانلك اتصير أزمة غاز"!

أزمة الغاز السائل تفاقمت حقا في العاصمة بغداد مما أدى إلى ارتفاع أسعاره إلى ضعف ما كانت عليه في الأسواق غير الرسمية وعشرة أضعاف مقارنة بالسعر الرسمي في الأسابيع الماضية. كما أن أصحاب عربات البيع التجاري للباعة المتجولين رفعوا أسعار هذه المادة بنحو كبير، وها هي الطوابير الطويلة تقف امام المحطات بانتظار الحصول على حصتها بوساطة البطاقة الوقودية التي وزعتها وزارة النفط لتجهيز المواطنين بالمحروقات بموجبها.
يقول أبو أحمد، موظف:"في الأيام الثلاثة الأخيرة أصبح من الصعب الحصول على الغاز إذ ذهبت ثلاث مرات إلى محطة الغاز وفي كل مرة انتظر في الطوابير الطويلة ويقول لنا صاحب المحطة إن ناقلات الغاز لا تأتي هذا اليوم"!- فجأة باتت هذه الجملة "العذر" متداولا في محطات الوقود!
وتساءل أبو أحمد:"من أين يحصل صاحب الدخل المحدود على هذه المادة وسعرها التجاري بدأ بالارتفاع خلال الأيام القليلة الماضية ووصل في بعض المناطق إلى ثمانية آلاف دينار للقنينة الواحدة"؟.
وأضاف:"ان هناك بعض أصحاب العربات لديهم "اتفاقات" سابقة مع أصحاب المحطات فيحصلون على الغاز بأسعار أعلى من سعرها الأصلي ويقومون ببيعها للمواطن بسعر ثمانية الى عشرة آلاف دينار وعلى وفق نظام الكوبونات نفسه".
ودعا أبو أحمد وزارة النفط إلى اتخاذ إجراءاتها لتوفير الغاز إلى المواطنين والعربات الجوالة.
من جانبه قال ماهر عباس/ كاسب:"الغاز في المنزل نفد منذ أكثر من أربعة أيام ولم نحصل على قنينة واحدة منه واضطررنا الى الاستعانة بالطباخ النفطي "الجولة" للطبخ".
وأضاف:"لا نعرف السبب الحقيقي لهذه الأزمة فالمحطات تشهد طوابير طويلة يصعب من خلالها الحصول على الغاز والعربات التي لا تأتي إلا نادرا وتبيع قنينة الغاز بثمانية آلاف دينار وبنظام الكوبون فمن أين يأتي صاحب الدخل المحدود بهذه المبالغ".
وقال أبو زمن، صاحب مطعم:"شكلت أزمة الغاز في الأيام الأخيرة أزمة لأصحاب المطاعم إذ أننا نستعمل الغاز بكثرة وارتفاع أسعار الغاز لا يخدم صاحب المطعم ولا المواطن".
وأضاف:"استعمل في المطعم قرابة قنينتين من الغاز يوميا وسعر الواحدة تجاوز الثمانية آلاف دينار، ولذلك فسأضطر الى زيادة أسعار الوجبات الغذائية المقدمة للزبائن"!
مناطق شرقي بغداد وجنوبه بالذات شهدت في الأيام القليلة الماضية شحة في مادة الغاز السائل المستخدم في الطهي مع ارتفاع سعر أسطوانة الغاز إلى عشرة آلاف دينار أو أكثر بعد أن كان سعرها 6 آلاف دينار.
وأرجع عدد من المواطنين سبب الأزمة إلى وزارة النفط التي لم تجهز المحطات بهذه المادة منذ ثلاثة أيام.