مجتمع مدني

هذا هو طريق 14 تموز / ابراهيم كبة

انفجار ثورة 14 تموز
ليس هناك ادنى شك في ان ثورة 14 تموز المجيدة كانت حصيلة شروط موضوعية وذاتية داخل المجتمع العراقي، اي انها كانت حصيلة تفجير تناقضات النظام الاقتصادي الاجتماعي في العراق، ودك اداته القمعية السياسية المتمثلة في النظام الملكي الاستبدادي. وهذه الثورة العظيمة كانت بصورة موضوعية جزءاً لا يتجزأ من الثورة العربية العامة من جهة ومن الثورة العالمية المعاصرة ضد النظام الامبريالي من جهة اخرى هذا من ناحية الشروط الموضوعية للثورة، اي عجز النظام الاجتماعي والسياسي المباد عن حل تناقضاته الاساسية والاستجابة لمصالح الجماهير في الحرية والحياة الكريمة. اما من ناحية الشروط الذاتية للثورة، اي من ناحية القيادة السياسية والعسكرية التي تأخذ على عاتقها اسقاط النظام القديم وبناء النظام الجديد فقد بدأت تكتمل وتنضج قبيل تاريخ الثورة عندما نجحت القوى السياسة الوطنية في تأليف (جبهة الاتحاد الوطني) في بداية عام 1957، بعد مخاض طويل وعسير وعندما تم الاتصال بوسائل مختلفة بين عناصر الجبهة ومنظمات الضباط الاحرار، لغرض تفجير تلك الثورة العظيمة. وفي صبيحة الرابع عشر من تموز اعلنت قيادة القوات العسكرية والوطنية نبأ تأليف وزارة الثورة وكان من بين اعضائها ابراهيم كبة وزيراً للاقتصاد.
الجوانب الايجابية والسلبية لحكم الزعيم عبد الكريم قاسم
وفي صبيحة الرابع عشر من تموز، تم تفجير الثورة الوطنية التي طالما ترقبها الشعب بفارغ الصبر، فجرها الجيش العراقي الباسل بضربة استاذ، حاسمة، وايدها بحماس الشعب العراقي والامة العربية ومجموع الانسانية المتحررة وقد سمعت وانا اطير من الفرح نبأ اعلان الثورة، ولكن، ما لبثت ان شعرت بكل خطورة الواجب والمسؤولية والجد الصارم، عندما تلا المذيع الثائر نبأ اختياري بالذات وزيراً لاقتصاد العهد الجديد، وقدرت أن اسباب اختياري لهذا المنصب الوزاري الخطير لا بد ان ترجع الى شيوع آرائي الاقتصادية كمناهض عنيد لأسس النظام الاقتصادي للعهد الملكي، ودوري المعروف في جبهة الاتحاد الوطني واستقلالي الفكري والسياسي من الناحية الحزبية، وتمثيلي للاتجاه الاشتراكي المستقل داخل الوزارة وبالرغم من بروز بعض الجوانب السلبية للعهد الجديد منذ اللحظة الاولى متمثلاً في طبيعة تركيب الوزارة وانعدام اجهزة شعبية منظمة لرقابة السلطة التنفيذية، الا ان الجوانب الايجابية طغت عند سماعي نبأ تسلمي لمنصبي الوزاري. على الجوانب السلبية وقد كان ابرز الجوانب الايجابية:
الاهداف الوطنية المشتركة للبيان الاول واتفاقها على العموم مع اهداف جبهة الاتحاد الوطني ومحاولة تمثيل الوزارة الجديدة لكل عناصر الجبهة، فيما عدا الحزب الشيوعي، والتشخيص المشترك لطبيعة الثورة باعتبارها ثورة تحرر وطني في جزء من امة مجزأة فهي اذن ثورة وطنية موجهة ضد الاستعمار، وديمقراطية موجهة ضد الاقطاع والاستغلال وقومية باعتبارها جزءاً من الثورة العربية العامة ملتزمة بالاتجاه في سيرها التاريخي الحتمي نحو تحقيق الوحدة السياسية للامة العربية.
الا ان الجوانب السلبية للحكم الجديد ما لبثت ان بدأت تطغى على جميع الجوانب الايجابية. ان من اهم الحقائق التي يجب القاء الضوء الباهر عليها هو ان بذور الدكتاتورية القاسمية كانت كامنة في صلب الحكم الثوري الجديد منذ ولادته.