مجتمع مدني

موظفون: ضقنا ذرعا بتأخر رواتبنا ونحذر الحكومة من اعتصامات مفتوحة / قصي القريشي

يرتب الشاب الثلاثيني يوسف، من سكنة النهروان، جنوب شرقي بغداد، متاعه كل ليلة بمساعدة زوجته قاصداً معامل الطابوق التي تقع على مقربة 3 كيلومترات عن المدينة المكتظة بالتراب والدخان، ليعمل أجيرا حتى طلوع الصباح، ثم يزاول عمله نهاراً موظفاً في وزارة الصناعة، ليستطيع بذلك توفير قوت عياله، واطعام اطفاله الثلاثة، عازياً سبب اجتهاده في طلب العيش , وإن كان شاقاً ومجهداً، الى تأخر صرف رواتب الموظفين لأشهر عدة، ما حدا بالكثير منهم الى العمل ليلاً وتحمل الظروف القاسية، أملاً منهم بأن وقت استجابة الحكومة في تسديد الرواتب المتأخرة لا بد أن يأتي عاجلاً أم آجلاً.
بينما تتصاعد موجة الاحتجاجات الجماهيرية الغاضبة المطالبة بالإصلاح وتوفير الخدمات، في مختلف مدن البلاد، تقف مؤونة العيش سداً منيعاً ومأساوياً أمام تطلعات الجماهير في تحقيق طموحاتهم المشروعة، ولعلها هي من قادتهم الى التظاهر والاحتجاج مطالبين بحقوقهم المسلوبة المهمشة.
موظفون في وزارات وقطاعات حكومية عدة يشكون لـ"طريق الشعب" ظاهرة تأخر الرواتب بحجة نظام التقشف الذي تتبعه الحكومة والذي يطبق فقط على افراد الشعب والموظفين الصغار، بحسب تعبيرهم، مطالبين المؤسسة الحكومية بإيجاد حل سريع وناجع لكون اغلبهم يعدون من ذوي الدخل المحدود.
يقول مصطفى خالد، موظف في وزارة التربية: لا اجد مسوغاً فعلياً لتأخر رواتب الموظفين الحكوميين، فتأخر تسديدها لعشرة ايام أو أكثر يحرج فئات كثيرة لديها التزامات معيشية معقدة، متسائلاً: ماذا يقول مستأجر الدار لصاحبها عند كل اول شهر، وكيف يتدبر أمر المولدة الأهلية ؟ ، تزامناً مع لهيب الشمس الحارقة وارتفاع درجات الحرارة، لذلك ادعو الحكومة الى إيجاد حل لأوجاع الناس وأن يلتفتوا الى حاجاتهم الرئيسة. بينما يشاركه القول حسين القريشي الموظف في وزارة النقل: نسمع ونقرأ في وسائل الاعلام عن اتباع الدولة نظام التقشف المالي ?سبب النقص المالي في المصارف الحكومية، لكننا لم نر أو نسمع بشحها على مجلس النواب وموظفيه الكبار والتي تقدر بملايين الدولارات، وهذا دليل ناصع على أن الاموال تملأ الاركان والموظف البسيط هو وحده من يتحمل فشل الحكومة في اتباع سياسة مالية مجدية.
ويقول المقاتل في الحشد الشعبي حيدر محمد: مضت 8 أشهر ولم اتسلم راتبي ولم أتأخر عن تلبية نداء المرجعية وتصديت لعصابات داعش الاجرامية بكل حزم، والكثير منا تعرضوا لإصابات عدة دفاعاً عن الوطن، متسائلاً: أهذا جزاؤنا؟، بينما ينعم السراق واللصوص بأموالنا ممن يحسب على الملاك الحكومي، منتقداً الايفادات الحكومية غير المجدية التي تثقل كاهل الدولة بينما يئن الناس جوعاً وتتزايد محنهم يوماً بعد آخر.
ويعد محمد عبد الرضا الموظف في وزارة الاعمار والاسكان سياسة الدولة بالاعتماد الريعي الاحادي على النفط خطأ كبيرا تتحمله الدولة، كونها لم تأل جهداً في اتباع سياسة مالية جديدة من خلال الاعتماد على القطاع الخاص ورفده بمقومات النجاح، لئلا نقع تحت طائلة التقشف المتوقع بسبب اهدار المليارات من الدولارات طوال الاعوام السابقة وصولاً الى يومنا هذا، مستدركاً : فخواء المصارف من الاموال لا يتحمله الموظفون البسطاء الذين يلهثون طلباً للعيش، وانما يجب تقليص رواتب السادة النواب خصوصاً انه اضحى مطلباً شعبياً متزايداً، مختتما? كلامه بـ :13 عاماً كافية لبلد بحجم العراق ان يصبح في مصاف البلدان المتقدمة، بينما يرزح ابناؤه تحت خيمة الفقر والعوز بسبب الفساد وأخطاء جُهّال السياسة، على حد قوله.
بينما هدد موظفون آخرون كثر بالنزول الى الشارع للمطالبة بحقوقهم، وإن تطلب الأمر الاعلان عن اعتصامات مفتوحة لحين استجابة الحكومة وتسليمهم استحقاقاتهم المالية المتوقفة والمتأخر بعضها لأشهر عدة.