مجتمع مدني

هروب السجناء.. علامة استفهام كبيرة على دور الأجهزة الأمنية! / علاء الماجد

لم يكن المواطن البصري محمد عزال يتوقع ان يُقتل ولده مختار في حادثة سجن أبو غريب، التي أسفرت عن مقتل عدد من حراس السجن وهروب مجموعة كبيرة من السجناء، يعتصره الألم وهو ينتظر استلام جثمان ولده من دائرة الطب العدلي في بغداد، إذ كان يعتقد ان هذا المكان هو أكثر أمنا لولده الذي يعمل حارسا في سجن بغداد المركزي (أبو غريب)، فيما لو عمل في السيطرات أو المفارز، أو الوحدات الأمنية الأخرى، لكن يد الإرهاب الطولى استطاعت ان تبدد أحلام وتوقعات هذا الرجل.
عزال قال في حديث لـ»طريق الشعب»، ان «الحكومة تتحمل وزر ذلك، إذ نجح الإرهابيون في اقتحام سجن كبير، محاط بسياج منيع، وحرس، وأجهزة اتصال، وتركوا أولادنا يواجهون الموت دون تدخل». وأضاف «الذي حصل لا يتحمله العقل».
ان الهجوم المنظم على سجن أبو غريب في 22 تموز الحالي، والذي أدى إلى الهروب الجماعي لمئات النزلاء، وترك عشرات القتلى والجرحى يدل على هذه الحقيقة التي لم يكن يتوقعها عزال. ومن المثير للجدل، ان عدد القوات الأمنية قد تجاوز المليون، وخصصت لها ميزانية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات وهي غير قادرة على حفظ أمن المواطنين أو حتى أمن السجون الرئيسية المسؤولة عن حمايتها. حيث وجه وزير العدل العراقي الاتهام إلى الأجهزة الأمنية علناً بالتورط في تسهيل هروب السجناء وتحميل الشرطة الاتحادية واستخبارات وزارة الداخلية مسؤولية هذا الخرق الأمني في السجون. احد أصدقاء مختار قال وهو يصف لحظة الهجوم على السجن، إن «الهجوم كان مباغتا وفي وقت الإفطار، إذ تمت مهاجمة الباب الرئيس، بنفس الوقت الذي أطلقت به قذائف الهاون، التي سقطت في باحات السجن وأدت إلى حالة من الارتباك والفوضى».
وإزاء عجز الحكومة الواضح عن السيطرة على الملف الأمني، واستشراء الفساد، وازدياد نسبة الفقر، وغياب الخدمات الضرورية؛ الماء والكهرباء والصرف الصحي، والبطالة وغيرها من المشاكل التي لم تجد لها حلولا طوال السنوات العشر الماضية، منذ تغيير النظام السابق في نيسان 2003، تزايدت النقمة الشعبية احتجاجا على اداء الحكومة، حيث اندلعت تظاهرات واحتجاجات في محافظات البصرة وذي قار وميسان وكربلاء والمثنى، في الوقت الذي دخلت فيه التظاهرات والاعتصامات للمحافظات الغربية شهرها الثامن دون أي مؤشر على إيجاد حلول واستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة. واثبت مجلس النواب فشله الذريع في ممارسة مهامه الرقابية والدستورية في استدعاء رئيس الوزراء بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة ويشرف على ثلاث وزارات أمنية، وبقية قادته الأمنيين، للإجابة عن أسئلة واستفسارات المواطنين الذين عانوا وما زالوا من فشل الخطط الأمنية، وعدم قدرة الحكومة على الحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم، هذه الفضيحة الكبيرة التي أثبتت بما لا يقبل الشك ان الحكومة عاجزة حتى الان عن السيطرة على الإرهاب وتجفيف منابعه، التجأت يوم الجمعة المنصرم إلى تفريق مجموعة من الشباب في ساحة التحرير بالقوة واعتقال بعضهم، لأنهم تظاهروا سلميا لنبذ الإرهاب والعنف الذي يحصد يوميا أرواح المئات من الأبرياء، بذريعة عدم حصولهم على إجازة.
والد مختار تساءل وهو يتسلم جثمان ولده من دائرة الطب العدلي، ليتجه إلى مقبرة السلام في النجف «أين كانت الحكومة، وأين القوات الأمنية والتدخل السريع، وخمس وزارات تأكل نصف واردات العراق؟!».
ذهب الرجل بابنه القتيل، وهو يضع علامة استفهام كبيرة على دور الأجهزة الأمنية.