مجتمع مدني

في ملتقى د. علي إبراهيم ... الباحث محمد الزهيري محاضرا عن "الهوية الوطنية"

محمد علي محيي الدين
ضيّف "ملتقى الدكتور علي إبراهيم" الثقافي في مدينة الحلة، الاثنين الماضي، الباحث محمد الزهيري الذي ألقى محاضرة بعنوان "الهوية الوطنية"، أمام جمع من الأساتذة الجامعيين وطلبة الدراسات العليا وجمهور من المثقفين والناشطين.
أدار المحاضرة د. علي إبراهيم، مقدما نبذة تعريفية عن الباحث الضيف ومنجزه، ومتطرقا إلى اهمية موضوع المحاضرة، وضرورته في الوقت الحاضر "الذي يجب أن تشاع فيه ثقافة الهوية الجامعة للعراقيين بكل أطيافهم وأديانهم وقومياتهم، وتعزيز تمسكهم بالهوية الوطنية الموحدة مع احترام الهويات الفرعية".
بعد ذلك قدم المحاضر تعريفات لعدد من المصطلحات، مثل الدولة، الأمة، المجتمع المدني، والمثقف، ثم تحدث عن نشوء الهوية الوطنية في أوربا بعد معاهدة "وستفاليا"، ومدى تأثيرها على تطور الحياة الاقتصادية ونشوء طبقات جديدة من العمال والفلاحين والبرجوازية، وتأثير فلاسفة التنوير، وخاصة نظريات العقد الاجتماعي في الحكم، على تطوير الهوية الوطنية.
وتناول الزهيري المساعي التي بذلت لتجذير الهوية الوطنية منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة، والأسباب الكامنة وراء ضعف الالتزام بها والانضواء تحت هويات ادت الى حالة من التشرذم والتمزق في النسيج العراقي. ثم سلط الضوء على العوامل التي أدت الى هذا التمزق، والتي من بينها تركيبة المجتمع العراقي التي كان يغلب عليها الطابع البدوي الريفي الذي يفرض التمسك بالأطر العشائرية، لضمان مصلحة الفرد وحمايته، نظرا لضعف الدولة الوليدة التي عانت من التركة الثقيلة للحكم العثماني.
ثم بين المحاضر الخطوات الاولى الساعية إلى بناء المجتمع على أساس الهوية الوطنية، والانتكاسة الخطيرة التي أدت الى خلخلة الوضع الاجتماعي بسبب بناء الدولة على أسس طائفية – عشائرية، مشيرا إلى ان ضياع الهوية تفاقم بعد سيطرة البعث على السلطة في العراق، وتعميقه الطائفية ونزوعه نحو حكم القرية والعشيرة "ما ادى إلى بعثرة المجتمع وتمزقه باتجاهات عملت على تنمية الهويات الاخرى وتمددها وانطلاقها، لتكون الاساس في بناء الدولة بعد الاحتلال الأمريكي".
وقدم الباحث الزهيري أمثلة حية عن الشعوب التي استطاعت بناء هوياتها الوطنية، وتخلصت من الهويات الفرعية الأخرى، نظرا لطبيعة مجتمعاتها ووعيها الثقافي ووجود المؤسسات القادرة على تجنب الانزلاق في هوة التفرقة.
كذلك تحدث عن الحراك الجماهيري وانطلاقته الاولى وما وصل اليه في الوقت الحاضر، فضلا عن ضعف الوعي بأهميته لدى الكثيرين.
وفي سياق المحاضرة قدم عدد من الحاضرين مداخلات، بضمنهم باقر جاسم محمد، جبار الكواز، د.محمد عودة، مجيد عبد الحسين، إسماعيل محمد سلمان، رياض البياتي، ميثم جهاد عيسى، وسيف الحسيني. وقد شددت المداخلات على أهمية العمل الجاد لتنمية الشعور الوطني، وبناء الهوية الوطنية بعيدا عن الهويات الفرعية، فضلا عن أهمية ان يكون للمثقفين دورهم الرائد في هذا المجال