مجتمع مدني

الحزب الشيوعي العراقي والتعليم / سلام السوداني

عقد الحزب الشيوعي العراقي مؤتمره العاشر في كانون الاول 2016 وافرد في برنامج الحزب حقلا خاصاً بالتربية والتعليم والبحث العلمي، لان الحزب اهتم بالتعليم منذ تأسيسه، وخصصت صفحة خاصة بالتعليم والمعلم او تربية وتعليم منذ صدور صحافته العلنية في السبعينات او بعد سقوط النظام الدكتاتوري حيث اكد ان التعليم هو اساس تقدم البلاد وتطورها، باعتباره الركيزة الاساسية التي ينطلق منها لبناء الوطن الحر والشعب السعيد. كذلك ينظر الى المعلم باعتباره المحور الرئيس في العملية التربوية، فلا بد من اصلاح التعليم ومؤسساته لان التعليم الحديث هو محور المستقبل، ودور المعلم الحديث في تحرير طاقات الانسان وقدرته على تشكيل الوعي. التعليم العالي اصابه الخراب ودب فيه الفساد المستشري بسبب عدم الاعتماد على الرجل المناسب في المكان المناسب وتسلط المسؤولين على الوزارتين عن طريق المحاصصة الطائفية والاثنية، وليس عن طريق الكفاءة والمقدرة، لذلك اشار الحزب في برنامجه الى ان المهمة الملحة في هذا القطاع هي مواصلة الجهود لتصفية آثار المرحلة السابقة وما اصاب التعليم من دمار، واصلاح المنظومة التعليمية والتربوية في مختلف مراحلها وهذا يتطلب اعتبار قطاع التربية والتعليم من الاولويات المهمة وتخصيص الموارد المالية والبشرية اللازمة له، والاهتمام بتوفير الابنية المدرسية وفق المواصفات العالمية، والتدقيق في الاموال التي خصصت في السنوات الماضية لبناء المدارس ولا بد من توفير حقوق المعلم والثقة به، والايمان بكرامته وكرامة المهنة، ذلك ان المعلم هو مصدر التفاعل المباشر وهو الذي يجب ان يحظى بالاحترام والطمأنينة وحرية التصرف والمرونة في ممارسة مهماته بما تمليه عليه ظروف طلبته وكيفية التعامل معهم في ضوء آداب المهنة حتى تتوافر للعملية التعليمية الحياة والحب والنشاط والطموح. كذلك اهمية رفع المستوى المعاشي للمعلم وتوفير سكن ملائم له، وتوفير القروض والسلف الميسرة، ودعمه اقتصاديا لكي لا ينقل معاناته ويعكسها على طلبته وعلى العملية التربوية، واشار البرنامج كذلك الى اعتماد فلسفة تربوية- تعليمية تقوم على قيم المواطنة، وعلى تعزيز الفكر التنويري ونقل المعارف المستندة الى احدث ما توصلت اليه العلوم في جميع مجالات المعرفة وتنمية قدرة الطالب على التفكير النقدي، وعلى فهم واستيعاب منجزات العلم والحضارة المعاصرين، وتوظيفها في مجالات العمل والاختصاصات المختلفة.
وان ما يؤكد عليه الحزب في برنامجه هو الانتقال في مدارسنا من التحصيل الدراسي الى التفكير الناقد والتقنيات المتقدمة والمد الديمقراطي والحرية المسؤولة، كذلك اشار الى اعادة النظر في نظام ومناهج التعليم وطرائق التدريس بما يتفق وتأمين مستلزمات التقدم التقني والمادي، وارساء قاعدة تعليمية متطورة، وتشجيع البحث العلمي والابتكار وربط العملية التعليمية بعملية التنمية الشاملة في البلاد واهدافها الكبرى، وادراج تعليم المعلوماتية ضمن المناهج في مرحلة مبكرة واشاعة استخدام وسائلها في المدارس. اي نبذ طريقة التلقين في مدارسنا والاستعاضة عنها بطرق التدريس الحديثة عبر ادخال المعلمين دورات تطويرية اثناء الخدمة.
ويلاحظ الحزب عدم استجابة مناهج الدراسة الحالية للتطورات الحاصلة في مفاهيم ومهارات التعلم ومن اهمها مفهوم التعلم الذاتي ومفهوم السلوك الابتكاري ومفهوم التدريب وتغيير دور المعلم، ومفهوم المعرفة التكنولوجية في مقابل المعرفة الاكاديمية والحاسوب كمادة ووسيلة للتعلم. كما اكد على وضع خطط علمية لاستكمال عملية مكافحة الامية، وضمان مجانية التعليم في المراحل الدراسية كافة، وتفعيل الزاميته في الدراسة الابتدائية ومعالجة ظاهرة التوسع المتنامي للتعليم الاهلي وآثاره على النظام التعليمي ككل. وذلك عبر معالجة التسرب من المدرسة الابتدائية، وايجاد آليات جديدة لمكافحة الامية ورصد الاموال اللازمة، وتشديد المراقبة والمحاسبة على المدارس الاهلية في توفير بيئة صالحة للتعليم وغلق المدارس التي لا تحقق نسب نجاح مقبولة في الامتحانات الوزارية، وضرورة توفير الكادر التدريسي الجيد من المتقاعدين والخريجين غير المعينين ووضع حد معقول للراتب المدفوع لهم.
كما اشار الحزب الى اهمية شمول مرحلة رياض الاطفال بالسلم التعليمي والزامية التعليم على وفق ما جاء في الدستور. لان ذلك هو الاساس المتين للعملية التربوية والتعليمية، كما ركز على وضع الطالب في مركز العملية التربوية واحترام الهيئات التدريسية، وضمان الاجواء السليمة لاشاعة العلم وحب العمل والممارسة الديمقراطية في الحياة الدراسية وتشجيع النشاطات اللاصفية اضافة الى الاهتمام بالتأهيل والتدريب المستمرين للعاملين في هذا القطاع والتحسين الدائم لمستويات معيشتهم بما يمكنهم من تكريس اهتمامهم لانجاز مهامهم التربوية في احسن الظروف. لاننا بحاجة الى معلم جديد له مواصفات وقدرات خاصة بدءاً من قبوله في كليات المعلمين ولحين تخرجه ودخوله الخدمة، اما نظم اعداده فتحتاج الى انفتاح على التجارب العالمية وتنوعاً في القدرات والخبرات والمهارات التي يزود بمهارات التعلم الذاتي والتعلم المستمر، ويجب ان يتدرب على التعامل مع الصفوف ذات الكثافة الكبيرة بسبب نقص الابنية المدرسية الملائمة، وكيفية ادارة الصف وادارة الوقت لاستغلال وقت الدرس واقامة علاقات ناجحة مع اولياء امور الطلبة، ولعل كل ذلك يسهم بصورة فاعلة في تغيير وتطوير المجتمع باعتبار ان المدرسة مؤسسة اجتماعية اوجدها المجتمع لخدمته والمعلم قوامها بصفته قائدا ورائدا لمسيرة التعليم والتعلم وموجها لميول واستعدادات الطلبة، ومربيا بما يسهم في تنشئة الاجيال المتعاقبة ومشاركا في حل مشكلات المجتمع ونشر الوعي والتنوير الاجتماعي، كما اشار الى السعي الى تحويل مجلس الآباء والمدرسين الى هيئات ساندة للعملية التربوية والاهتمام بالنشاط اللاصفي نظرا لاهمية دوره في تنمية الروح الجماعية التعاونية للطلاب، واكتشاف قدراتهم وميولهم واطلاق مواهبهم والمساهمة في بناء شخصيتهم، حيث اصبحت مجالس الآباء والمدرسين اجتماعات عادية سنوية لم تفعّل خلال السنوات الماضية، بما يجعل المدرسة والهيئات التدريسية ان تمد جسور التواصل والتعاون مع اولياء الامور لحل المشاكل والصعوبات التي تعتري الجسم التعليمي.
كما انتقل البرنامج الى " اصلاح التعليم العالي انطلاقا من مبدأ صيانة حرمة الجامعات والمعاهد واستقلالها، وبما يعيد السمعة العلمية والاكاديمية إلى الجامعة العراقية كونها مؤسسة حضارية مفتوحة، لا يجوز تقييدها بانتماء عقائدي او ايديولوجي او اي غطاء آخر، والاهتمام بتطور التعليم العالي عامة، ومراكز البحوث والدراسات التخصصية". وذلك لما اصاب التعليم العالي بعد سقوط الدكتاتورية 2003 من امراض وتردي التعليم العالي وفتح الجامعات والاقسام الدراسية بدون تخطيط مسبق وتولي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على اساس المحاصصة الحزبية من الذين لا تتوفر فيهم الكفاءة والقدرة على ادارة الوزارة، وكما نعلم ان العراق هو من الدول التي تخصص القليل من الاموال في ميزانيتها للبحث العلمي، وهذا اثر على الخريجين من هذه الجامعات وانقطاع الجامعات عن العالم الخارجي والتوأمة وضرورة التطوير المستمر للجامعات، وكذلك اشار الى " ربط التعليم بكل انواعه، خاصة التعليم العالي بحاجات البلاد وامكاناتها وآفاق تطورها والاهتمام بالتعليم التقني والمهني، والالتزام بتطبيق التعليم الاساسي بشكل كامل". اي ان الاولوية تكمن في توفير اعلى مستوى ممكن من التعليم المفيد لاكبر عدد من المواطنين، اي ربط التعليم بحاجات الحياة.
كما دعا الحزب الشيوعي العراقي في برنامجه الى العمل بمبدا استقلال الجامعات وعلى صيانة الحريات العامة، خصوصا حرية الطلبة في التعبير عن مطالبهم او على ترسيخ ثقافة التعدد واحترام الرأي الآخر، ونبذ الاقصاء والتهميش ورفض التعصب والتطرف بكافة اشكالها، واحترام الحريات الاكاديمية وصولا الى تشكيل مجلس للتعليم العالي. اي السماح للاتحادات الطلابية بالعمل داخل الجامعات والدفاع عن حقوق الطلبة، وكذلك توفير الحرية الاكاديمية للاستاذ الجامعي بما يجعله آمنا داخل الجامعات ليتوجه الى التدريس والبحث العلمي والتطور المستمر للعملية التعليمية والتربوية، وكذلك اكد التقرير على ضرورة تطبيق القوانين والضوابط الخاصة بالمدارس والجامعات الاهلية. نتيجة الانتشار الهائل لهذه المدارس والجامعات في طول البلاد وعرضها وجعلها مدارس وجامعات رصينة لا بد من المتابعة الدقيقة وتوفر الشروط المناسبة والبيئة التعليمية الصحيحة من بناية واساتذة ومختبرات للسماح لهذه المدارس والجامعات ممارسة عملها وغلق كل من لا تتوافر فيها هذه المواصفات.