مجتمع مدني

العنف.. إلى متى يبقى شائعا في مدارسنا؟ / سلام السوداني

يأتي العنف في مقدمة المشكلات الكبيرة التي تعاني منها المؤسسة التعليمية، وهو اما يكون بين الطلبة أنفسهم، أو موجها من المدرس إلى الطالب بأشكال متعددة من العقوبات: الجسدية المتمثلة بالضرب باليد او بالعصا، والمعنوية مثل توجيه الكلمات النابية، أو السخرية والإهانة بالنعوت الجارحة. وباتت السلوكيات العنفية منتشرة في البيئة المدرسية، التي تعد من أهم البيئات وأخطرها وأكثرها حساسية، لأن التلميذ يواصل فيها نموه الجسمي والفكري والسلوكي، وتتشكل لديه بعض الملامح الشخصية استعداداً للحياة المستقبلية.
وللحد من العنف المتفشي بين التلاميذ، يؤكد الكثير من التربويين أهمية ان تكون البيئة المدرسية نقية، وتعنى بتربية التلميذ وتوجيه سلوكه وتهذيبه وفق اسس تربوية مدروسة تعتمد على المنهج والمادة العلمية والمعلم والإدارة.
"طريق الشعب" التقت عددا من التربويين وسجلت آراءهم حول ظاهرة العنف المدرسي.
المدرس سلمان كاظم نجم يقول ان العنف يشاع بين الطلبة أنفسهم، خاصة في المدارس الثانوية التي تكون أعمار طلبتها متفاوتة، مضيفا ان التدريس الخصوصي المنتشر بشكل غريب، ساهم أيضا بعدم التزام الطلبة في احترام مدرسيهم في المدرسة، ما يزيد من مشاكساتهم داخل الصف، وإهمالهم الواجبات اليومية، وعدم إصغائهم للمدرس معتمدين على الدرس الخصوصي.
ويتابع نجم قوله ان التدريس الخصوصي يثير الحقد والحسد والكراهية في اوساط الطلبة، "إذ يتفاخر الطلبة الأثرياء بتلقيهم الدروس الخصوصية أمام زملائهم الفقراء، ويستهزئون بهم فيكون رد الفعل عنيفا في الغالب".
فيما تقول المعلمة خولة سعد ناجي، ان سبب تفشي ظاهرة العنف في داخل المدارس، يعود إلى التمايز العلمي بين الطلبة، "فغالباً ما يتجاوز المهملون على الاذكياء حقداً وحسدا"، يرافق ذلك التفاوت الاقتصادي الذي كثيرا ما ينطوي على عنف متبادل بين الطلبة في داخل المدرسة وخارجها، مضيفة ان ضعف التربية والمتابعة في البيئتين الاسرية والمدرسية يفسح المجال أمام السلوك العنفي.
ويرى المعلم طارق سيف حسن، ان الامعان في المحبة والدلال وإثابة الطفل من قبل الاسرة على كل ما يفعله وتلبية كل ما يريد، كل ذلك يمهد امامه طرق العدوان والعنف، فضلا عما يتركه اهمال الطفل وحرمانه من الأشياء التي يحبها، والاستخفاف به واحتقاره، من آثار سلبية في سلوكه.
أما المرشدة التربوية أشواق ناجي حسن، فهي تلخص أسباب العنف بجملة من الأمور، من بينها ضعف ادارة المدرسة، التسلط الذي يجعل المناخ المدرسي مغلقاً تسوده القسوة والكبت والقهر والاحباط، والتساهل وانعدام المحاسبة والمتابعة، لافتة إلى ان هذه الأمور تولد تصرفات عنيفة لدى الطلبة، وانها تنتشر – مع الأسف – في الكثير من مدارسنا.
بينما يعزو مدير المدرسة غازي كاظم لفته أسباب العنف إلى غياب التعاون والانسجام بين الهيئات التعليمية وإدارة المدرسة، الأمر الذي يؤدي الى انفراط عقد النظام المدرسي وتفكك عرى العلاقات التربوية والمهنية والاجتماعية والإنسانية، مضيفا ان هناك سببين آخرين للعنف المدرسي، يتمثلان في غياب النظام، الامر الذي يعزز سلوك العنف لدى بعض الطلبة، وعدم وجود مرشد تربوي يرصد ممارسات العنف الفردية او الجماعية ويتعامل معها وفق خطط ارشادية مدروسة للحد منها ومعالجتها.
من جهتها تذكر مديرة المدرسة سرور ماجد سلمان، مجموعة من أسباب العنف المدرسي، مثل المعاملة غير المتساوية للطلبة من قبل ادارة المدرسة، أي عندما يكون باب المدير مفتوحاً أمام بعض الطلبة ومغلقاً في وجه آخرين، والعنف الصادر من بعض المعلمين والمتمثل بالضرب او الشتم او الاستهزاء او التفرقة في المعاملة، او إهمال الطالب ووصمه بالفاشل وتهديده بالرسوب، أو النظر إليه بغضب واستخفاف وإخراجه من الصف لأتفه الاسباب، وعدم السماح له بالمناقشة، واعتقاد بعض المعلمين بأن العنف وسيلة سهلة لضبط الطلبة.
وتشير مديرة المدرسة إلى ان اكتظاظ الصفوف بالطلبة، وتمسك بعض المعلمين بمقولتي "العصا لمن عصا"، و"اللحم لكم والعظام لنا"، من الأمور التي تشيع العنف بين الطلبة.
أمام المدرس المتقاعد إسلام ناجي طعمة، فهو يضع مقترحات للحد من العنف داخل المدارس، منها إشاعة قيم السلام والتسامح بين الطلبة، ونشر ثقافة حقوق الانسان وتعليمها، وادخال المدرسين والمعلمين في دورات تدريبية حول حقوق الإنسان.