مجتمع مدني

منظمة وزراء العراق تناقش "التموينية": أصل المشكلة يكمن في الفساد والاساليب التعاقدية

بغداد – طريق الشعب
ناقشت منظمة وزراء العراق، أخيراً، في جلستها الدورية ورقة حول موضوعة "البطاقة التموينية بين وزارة التجارة ومجالس المحافظات وتطلعات المواطنين"، بحضور عدد من السيدات والسادة الوزراء السابقين أعضاء المنظمة.
وقدم الوزير السابق عامر عبد الجبار، رئيس المكتب الاستشاري للمنظمة. عرضاًَ للورقة والمقترحات الواردة فيها. وأشار في مستهل كلامه إلى أن الورقة والمقترحات التي ترد فيها تحاول أن تقدم إجابات وحلولا ملموسة وواقعية للمشاكل التي تواجهها البطاقة التموينية حاليا.
وذكر الوزير بحسب بيان تلقت "طريق الشعب" نسخة منه، أنه من المعلوم أن مفردات البطاقة قد اختزلت تدريجيا من 13 مادة في تسعينيات القرن الماضي إلى 5 مواد حاليا، مع عدم انتظام توزيعها واستلامها من قبل المواطنين ورداءة نوعية المواد.
وأضاف: كما يشوب عملية تجهيز وإيصال مفردات البطاقة إلى المستفيدين الكثير من سوء الإدارة والفساد ما جعل الحصة التي يحصل عليه المواطن كمفردات في البطاقة لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من إجمالي التخصيصات المالية للبطاقة التموينية في الموازنة العامة،(من أصل 3 مليارات دولار ما يصل للمواطن لا يتجاوز 0.3 مليار دولار! حسب بعض التقديرات).
ورأى أن السبب الأساسي في هذا التردي يكمن في الفساد وعدم الاستعانة بذوي الخبرة والاختصاص والكفاءة بسبب نظام المحاصصة الذي يحكم توزيع المسؤوليات الرئيسية على الكتل السياسية.
وبحسب عامر، فأن الموطن الرئيسي للفساد وأساس المشكلة هو الأساليب التعاقدية لتجهيز مفردات البطاقة، إذ أن وزارة التجارة لم تكن لها مشكلة في التوزيع حيث تتوفر لها شبكة توزيع من الوكلاء أدت المهمة بنجاح على مدى سنوات عديدة.
وأمام استمرار المشاكل والتعثر في عملية توفير مفردات البطاقة وإيصالها للمواطن، اتخذ مجلس الوزراء قرارا بتحويل مسؤولية إدارة البطاقة التموينية إلى مجالس المحافظات ابتداء من منتصف عام 2014، وهو أمر غير مألوف في العمل الحكومي حيث يجري الشروع بالنشاطات الجديدة أول السنة المالية وليس منتصفها، ما يوحي بان هذا الإجراء هو محاولة للتخلص من المسؤولية من قبل الحكومة الاتحادية ورمي الكرة إلى المحافظات.
وعرضت الورقة إجراءات مقترحة للنهوض بواقع البطاقة التموينية وفق 3 حالات محتملة، نوردها كما هي:

أولا – بقاء مسؤولية البطاقة التموينية في وزارة التجارة

الإجراءات المقترحة:
1. نظرا لكون أصل المشكلة يكمن في الفساد الحاصل في الجانب التعاقدي وليس في أصل السياسة الاستيرادية، يمكن معالجة المشكلة بتشكيل "مجلس العقود الطارئة" يرأسه رئيس مجلس الوزراء ويضم 6 أعضاء آخرين (نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير المالية ومدير عام المصرف العراقي للتجارة و3 أعضاء من المختصين في وزارة التجارة) يضم المجلس أيضا رئيس ديوان الرقابة المالية ورئيس اللجنة النيابية المختصة بصفة مراقبين.
2. يتم التجهيز بقيام المجلس بتوقيع بروتوكولات تعاون حكومي مع حكومات بلد المنشأ مع تخويل المجلس التفاوض والتعاقد استثناء من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية، دون المرور بوسيط عراقي حيث يتم التعاقد لمدة 4 سنوات وفق جداول زمنية متفق عليها.
3. حصر مسؤولية وزارة التجارة بتوزيع مفردات البطاقة على المواطنين.

ثانيا – الإجراءات المقترحة في حال نقل مسؤولية البطاقة التموينية إلى المحافظات

1. يجب تكليف المحافظ وليس مجلس المحافظة بمسؤولية بالمهمة لكونه الجهة التنفيذية.
2. تنسيب بعض موظفي وزارة التجارة من أهل الخبرة إلى المحافظة، أو التعاقد مع شركات وزارة التجارة المعنية بالنقل والتوزيع.
3. التنسيق بين المحافظات المتجاورة مع وزارة التجارة لتنظيم العمل المخزني.
4. استيراد جميع أو أغلب مفردات البطاقة من بلد واحد بسفينة كبيرة، والاستفادة من الخبرة البحرية لوزارة النقل وإمكانياتها.
5. تشكيل لجنة مختصة لدراسة أسعار مواد السلة الغذائية في البورصات العالمية.
6. تشكيل مجلس مصغر مماثل لمجلس العقود الطارئة السالف ذكره برئاسة المحافظ وعضوية وكيل وزير المالية ومدير عام المصرف العراقي للتجارة و3 أعضاء من وزارة التجارة وممثلين عن ديوان الرقابة المالية واللجنة المختصة في مجلس المحافظة.
7. وفي حال عدم الاقتناع بالمقترحات المذكورة فيما تقدم، يمكن التعاقد مع شركة تجارية خاصة لتجهيز مفردات البطاقة وتوزيعها مع وضع شروط جزائية صارمة بخصوص الكميات والنوعيات للمواد المتعاقد عليها.
ثالثاً – إحلال البدل النقدي محل مفردات البطاقة التموينية

يمثل توزيع مبالغ مالية إلى المواطنين عوضا عن مفردات البطاقة التموينية الحل الأنسب في حال توفر الشروط التالية :
1. أن يكون البدل النقدي مجزياً بما يتوافق مع المبالغ المخصصة للبطاقة التموينية في الموازنة العامة.
2. أن تقوم وزارة التجارة بتشغيل الأسواق المركزية والجمعيات التعاونية لبيع مفردات البطاقة التموينية بسعر السوق ليكون خط الشروع لسعر السوق المحلي، ما يحول دون قيام التجار برفع الأسعار.
ولمبررات عديدة، منها التكلفة الأدنى، يقترح الأستاذ عامر نقل مفردات البطاقة التموينية من الموانئ إلى بغداد بالقطار حصرا، وكذلك جعل الدورة التوزيعية كل شهرين وليس شهريا.
ولأجل تنشيط الانتاج الوطني في الزراعة والصناعة وتقليص المواد المستوردة، يقترح دعم الصناعات والمحاصيل والمنتجات الزراعية ذات الارتباط بمفردات البطاقة التموينية. (المنظفات، الرز، الحنطة، السكر، البقوليات، زيت الطعام...).
بعد انتهاء الأستاذ عامر من عرض ورقته، جرى نقاش واسع شارك فيه جميع الأعضاء الحاضرين أثرى الموضوع وتناولت المداخلات العديد من النقاط أهمها:
1. الفساد يشمل مختلف حلقات تجهيز ونقل وتوزيع مفردات البطاقة التموينية وإن بنسب متفاوتة.
2. تساؤلات بشأن إمكانية توقيع بروتوكولات مع دول المنشأ لتنظيم تعاقدات لمدة 4 سنوات طويلة الأمد.
3. تأكيد إمكانية تحقيق اكتفاء\ذاتي بانتاج الحبوب .
4. إمكانية التوجه نحو التجار المحليين لتجهيز مود البطاقة.
5. ضرورة التمييز بين مسؤولية الناقل ومسؤولية المجهز، ودور شركات التأمين لتغطية مخاطر تلف المواد أثناء النقل.
6. تأكيد دور الرقابة الشعبية على نوعية المواد وعلى توزيعها.
7. أهمية البطاقة الذكية مع تأكيد اعتماد البطاقة الوطنية الموحدة والشاملة لهذا الغرض.