فضاءات

معاناة المواطن من رداءة السلع المستوردة / رياض عبيد سعودي

تذهب سنوياً مليارات الدنانير ثمناً لاستيرادات من سلع لا تتوفر فيها شروط الجودة أو النوعية، غذائية كانت أم استهلاكية أو حتى إنتاجية، من بينها على سبيل المثال لا الحصر الرز الموزع ضمن الحصة التموينية. بسبب رداءة نوعيته، ولا يوجد مبرر لاستمرار وزارة التجارة على استيراده وتوزيعه ضمن مفردات الحصة التموينية، مكلفة ميزانية البطاقة خسائر كبيرة نتيجة عزوف الأسر العراقية عن الاستفادة منه.
ومهما يكن من أمر فان من الحقائق التي يعاني منها المواطن أن السوق العراقية تعاني من دخول النسبة الأكبر من معروضها من السلع الرديئة التي لا يزيد عمرها في الاستخدام أكثر من أيام في كثير من الأحيان. وهذا يعني نزفاً مستمراً في الموارد. وإذا كان التاجر يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، فان الحكومة في غياب الضوابط والتعليمات الاستيرادية، لا سيما فيما يتعلق بفحص النوعية تتحمل تبعات هذا الموضوع الخطير، من خلال مسح بسيط لأسواق الجملة أصبح واضحاً أن نسبة السلع الرديئة من المعروض السلعي كما في أدناه:
السلع الغذائية 60 بالمئة، الكهربائية 50 بالمئة، الملابس 40 بالمئة، المواد الإنشائية 35 بالمئة، العدد اليدوية 50 بالمئة، الأدوات الاحتياطية 50 بالمئة، الساعات 65 بالمئة، المصوغات الذهبية 25 بالمئة.
وهناك الكثير من المجاميع السلعية التي لم تتوفر إمكانية الوقوف على نسبة الجودة في سلعها، ومن المستغرب أن الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية وشركات الفحص التي تعمل الآن غير قادرة على منع دخول السلع الرديئة والفاسدة إلى الأسواق، سيما بعد أن بدأت الأجهزة المختصة بقبول الوثائق المتعلقة بفحص النوعية في بلد المنشأ، الذي يعطي هذه الوثائق بكل بساطة، سيما في دول جنوب شرقي آسيا، وحتى في بعض الدول المتقدمة مثل بريطانيا التي سمحت بتصدير أجهزة الفحص (السونار)، وهو جهاز فاشل، وغيرها مما لا يستوعبها الحديث في هذه المقالة.
إن ما يلاحظ عموماً أن التجار مارسوا ويمارسون ضغوطاً قوية لمواجهة إجراءات الفحص، ويلجأون في حالات كثيرة لشراء ذمم الموظفين ذوي العلاقة بعملية الفحص، او تهيئة الوثائق المطلوبة لتسهيل عملية دخول استيراداتهم، وإلا بماذا نفسر استمرار دخول هذه السلع؟ حيث تشير المعلومات إلى أن نسبة الاستيرادات الرديئة من عموم الاستيرادات تصل إلى 40 بالمئة، وهي نسبة كبيرة ينشأ عنها هدر بالموارد يصل إلى عدة مليارات دولار سنوياً. ومن الملفت للنظر أن الكثير من تلك الاستيرادات تتم من أسواق بديلة لدول المنشأ، وتوفر هذه الأسواق وثائق فحص النوعية بالإضافة لاستحواذها على هوامش ربحية عالية. ومن الواضح أن جهاز التقييس والسيطرة النوعية لا يمتلك مواصفة عراقية لكل السلع؛ رغم انه عمل على توسيع عمله في وضع المواصفة لمساحة واسعة من الاستيرادات، إلا أن ذلك بقي دون كامل الحاجة إليه. إن مسؤولية الحد من هذه المشكلة لا تقع على عاتق جهة واحدة، بل تشترك فيها وزارات التجارة، والمالية، والصناعة، وأمانة مجلس الوزراء، وجهات أخرى ينبغي أن تعمل مجتمعة لوضع حلولً سريعة وعملية لمعالجتها.