فضاءات

في عيد الحزب ...باقة ورد على قبر معلمتي ورفيقتي بدرية يحيى النجار / بشرى الحكيم

عندما فكرت بكتابة شيء عن مناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي العزيزة تراءت لي صورة معلمتي في مرحلة الابتدائية والتي اصبحت فيما بعد رفيقتي في منظمة الحزب بمحافظة كربلاء. الست بدرية يحيى النجار مناضلة شيوعية صلدة تعرفت عليها في مرحلة الابتدائية في مدرسة المفاخر في كربلاء. كانت تدرسنا مادة الحساب، هادئة ومتزنة ومتمكنة من المادة، تعمل بكل جد وتفاني على استيعاب عقولنا الصغيرة للعمليات الحسابية. وبعد ثورة الرابع عشر من تموز تم فتح فرع لرابطة المرأة العراقية في المحافظة، وكانت معلمتي من ضمن الناشطات القياديات فيها، ونظراً لكفاءتها وتمكنها من مادة الحساب نسبت الى تدريس الرياضيات في اعدادية كربلاء وشاءت الظروف ان تكون مدرستي في هذه المرحلة ايضاً.
و بعد انقلاب 8 شباط 1963 تعرضت للاعتقال مع مجموعة من النساء الكربلائيات ومورست بحقهن ابشع اشكال التعذيب في المكتبة العامة للمحافظة. وكانت اخبار تعذيبها القاسي والوحشي من قبل زمر الحرس القومي، وصمودها البطولي ينتشر بين اهالي المدينة. وبعد فترة من التعذيب في مركز الاعتقال قدمت نساء كربلاء الى المحاكمة في معسكر الوشاش في بغداد (وكان عددهن 8 رفيقات) وحكم عليهن بمدد مختلفة وكان حكمها السجن لمدة 3 سنوات، الا ان جميع النساء اطلق سراحهن بعد41 يوماً بسبب تدخل المرجع الديني كاشف الغطاء. بعد اكمال دراستي الجامعية وسفري للخارج وعودتي عام 1975، عملت في منظمة الحزب الشيوعي العراقي في كربلاء، وكان على رأس أولوياتي زيارة معلمتي والاستفسار عن صحتها ومعرفة اخبارها ودعوتها للعودة الى صفوف الحزب، ومساعدتنا بما تمتلكه من خبرة ومكانة، فانحرطت بالعمل معنا بجد ونشاط وبتواضع شيوعي ولم تشعرني يوما بانها كانت معلمتي وانا تلميذتها في مرحلة الابتدائية بل تعاملت معي كرفيقة نضال.
تعرضت للاعتقال ثانية عام 1979 على اثر الهجمة الشرسة التي تعرض لها حزبنا من قبل النظام الدكتاتوري البائد. وتم تسفيرها الى ايران خلال الحرب العراقية الايرانية، وبعد سنين سمعت عن تعرضها الى حادث دهس في ايران، حيث دفنت بعيدة عن تراب وطنها الذي ناضلت من اجله سنين طويلة وقدمت له زهرة شبابها وعلمت طالباتها مبادئ الحساب والرياضيات وحب الوطن.
تحية حب واجلال وباقة ورد حمراء أنثرها على قبرك يامعلمتي ورفيقتي بدرية يحيى النجار .