فضاءات

سفر نضالي خالد : عائلة عبد الكريم محمد ابو سنه / عاصي دالي

عندما هاجرت قبائل كانت تسكن الديوانية قضاء عفك بسبب تغيير مجرى نهر الفرات في اواسط القرن الثامن عشر الى عدة مناطق من العراق فأن عائلة ابو سنه هاجرت ضمن قبائل ( جليحه ــوالبراجع ) واستقرت في نهاية القرن التاسع عشر في مدينة الهندية وناحية الجدول الغربي /محافظة كربلاء ألمقدسه وكانت العائلة تتكون من عبد الكريم واخويه سلطان ومهوال اولاد محمد ابو سنه. وعند اندلاع ثورة العشرين اشترك فيها المناضل عبد الكريم كجزء من ابناء شعبه العراقي ولمواقفه الوطنية ومعاداته للاحتلال تم ادخاله السجن لمدة ستة اشهر، ونتيجة الى مواقف ابناء مدينته والضغط على السلطات ادى الى اطلاق سراحه وفي ثلاثينيات القرن الماضي اختير مندوبا ضمن مندوبي الفرات الاوسط في مجلس المندوبين قبل تاسيس مجلس البرلمان العراقي في ذلك الوقت. اما الحالة الاجتماعية فقد كان لديه ثمانية اولاد وخمس بنات، ساهم اغلبهم في الحياة السياسية من خلال الحزب الشيوعي العراقي فقد كان اول ابنائه الضابط الشجاع (الريس الاول كاظم عبد الكريم ) والذي اشترك في القوات العسكرية العراقية التي شاركت في حرب فلسطين عام 1948 وارتباطه بحركة الضباط الاحرار وعند قيام ثورة، الشعب في 14 تموز عام 1958 المجيدة , كان له دوراً بارزاً في التصدي لاعداء الثورة ومنهم قائد الفرقة الاولى في الديوانية عمر علي الذي قاد تمردا ضد الثورة وكان يخطط للاجهاز عليها ولهذا ساهم وبشجاعة الابطال مع رفيقه مهدى حميد بالقاء القبض على قائد الفرقه الاولى وارساله محفوظاَ الى بغداد . ولميوله الى جانب القوى الوطنيه ومحاربة قوى الردة والرجعية تم تلفيق تهم له وتم احالته الى المجلس العرفي الذي اصدر حكما عليه بالسجن اثنى عشر عاما قضى منها عاما في سجن رقم واحد بمعسكر الرشيد ثم اطلق سراحه واحيل الى التقاعد. وبعد انقلاب شباط الاسود في عام 1963 القي القبض عليه وتم اعدامه في تموز من العام نفسه وكان لديه خمسة ابناء اكمل اثنان منهم مسيرة والدهما في طريق النضال الذي رسمه لهما هما جودت ونصرت. في عام 1980 تم تغييب المناضل جودت في غياهب السجن واما نصرت فقد التحق مع رفاقه في صفوف الانصار لمقارعة النظام الدكتاتوري البغيض وبالنسبة الى البنات الثلاث فهن نضال وورود وازهار فقد عانين من المضايقات والاضطهاد من قبل قوى الامن وتعرضن الى الضرب والاهانة والكلمات البذيئة عند الاستدعاء في دوائر الأمن واما المناضلة نضال فقد شاركت زوجها الشاعر العراقي المعروف مهدي محمد علي في سفرة الغربة التي تجاوزت ثلاثة عقود نتيجة ملاحقته من قوى امن الحكم الدكتاتوري البغيض الذي اضطره للذهاب الى الكويت مشيا على الاقدام عن طريق البادية الجنوبية استغرقت ثمانية ايام في عام 1978 وقد رحل عنا في كانون الاول عام 2012في مدينة حلب السورية اما الرفيق مهدي عبد الكريم فقد التحق بالحركة الوطنية , وفي تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي منذ اربيعنيات القرن الماضي وكان في قيادة اتحاد الطلبة الذي كان له الدور الرئيس في انتفاضة تشرين 1952 وعلى اثرها تم اعتقاله ونفيه الى منطقة بدرة في محافظة واسط ولم يعد الا بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 وعاد الى الدراسة واصبح سكرتيرا لاتحاد الطلبة
وبعد الانقلاب الدموي في 1963 ساهم الرفيق ابو كسرى في اذاعة صوت الشعب العراقي التي كانت تبث من براغ ثم عاد الى العراق بعد السقوط الاول للبعث وتولي الحكم العارفي للسلطة ساهم في اعادة تنظيم الحزب وناضل في صفوفه حتى اصبح عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، وبعد تعرض الحزب للملاحقة من قبل القوى الغادرة في عام 1978 التحق مع رفاقه بفصائل الانصار في كردستان العراق وكان له دورمهم في مقارعة النظام الدكتاتوري المباد. وقد رحل الرفيق في عام 1986 نتيجة اصابته بمرض لم يمهله طويلا اما اولاد عبد الكريم ابو سنه الاخرون فكان لكل منهم دور في الحياة السياسية ومنهم محمد عبد الكريم الذي عمل ضمن تنظيمات الاتحاد العام للجمعيات التعاونية الفلاحية عام 1959 ثم طورد وتشرد وادخل السجن في مرحلة مطاردة القوى الوطنية المعادية للإقطاع والرجعية وفي عام 1961 اطلق سراحه من السجن ثم اضطر الى الاختفاء والتخبىء عن انظار القوى الدموية في شباط الاسود حتى وفاته عام 1964 لتنتهي حياة مناضل دافع عن وطنه وحزبه حتى آخر لحظة من حياته اما الابن الأخر وهو مجهول عبد الكريم فقد كان عنصرا نشطا في اتحاد الطلبة العراقي ونتيجة لنشاطه ومشاركته في قيادة التظاهرات الطلابية في عام 1952 واستمراره في الحركة الوطنية العراقية تم فصله عام 1954 من كلية التربية التي كان يدرس فيها وعند قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة تم اعادته الى الكلية وبعد اكمال دراسته الجامعية, سافر الى الاتحاد السوفيتي انذك لاكمال الدراسة وقد حصل على شهادة الدكتوراه وعاد الى الوطن في عام 1966 وعمل في وزارة النفط رغم المضايقات التي تعرض لها، لكنه استمر في عمله إلى أواخر السبعينيات عندما تم، ملاحقة الشيوعين من قبل السلطة الدكتاتورية هاجر الى روسيا وعاش غريبا ومات غريبا ولم يتخل عن افكاره الوطنية والتي كان يحلم من خلالها في بناء وطن حــر وشعب سعيــد. وخلال سفرها النضالي الخالد تعرضت عائلة المناضل الوطني عبد الكريم ابو سنه ونتيجة الى التصاقها بالحركة الوطنية العراقية وحزبها الشيوعي العراقي الى الاضطهاد والتشريد ولم يقتصر نضالها على الاولاد فقط بل كان لبناتها دور نضالي مشهود له، فقد كانت المناضلة (وفية عبد الكريم) تعرف بيوت الحزب وجميع المواقع الحزبيه لتقوم بايصال البريد الحزبي وكذلك تقوم بزيارة الرفاق المعتقلين في السجن وايصال المعلومات والتوجيهات الحزبية لهم واما المناضلة (حمدية عبد الكريم) فقد قدمت ابناءها الثلاثه قرابين على مذبح الحرية وهم (نصير )الذي استشهد بين رفاقه الانصار في كردستان العراق وهو يدافع عن تراب الوطن ضد القوى الظلامية واما (نبيل وعقيل) فقد استشهدا في ظروف غامضة ومختلفة وكان ايضا لاحفاده من (سعيدعبدالكريم) الذين التحقوا بالحـزب الشيوعي العراقي منذ نعومة اظفارهم وساهموا في الحفاظ على تنظيمه ومبادئه وهم الشهيد (نزار) الذي استشهد في الشعبانية وهو يقارع فلول النظام البائد والرفاق فريد,عامر,نصرت,نضال ..لازالوا مناضلين مثابرين مع رفاقهم في مدينة الهندية (طويريج) وتحت راية حزبهم حـزب الأمل والعمل حـزب الأيادي البيضاء وهم يتطلعون الى بناء دولة مدنية ديمقراطيةتحافظ على بناء الانسان العراقي وتقوم على نبذ العنف والتعصب والمحاصصة الطائفية وتبنى على اساس حقوق المواطنة والعدالة الاجتماعية وتتجسد في عراق ديمقراطي اتحادي (فدرالي) موحــد عراق امن ومستقــر, كامل السيادة
المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي العراقي ولكل المناضلين الذين رحلـوا في سفر النضال الطويل.