فضاءات

الحسين(ع) ملكا للجميع.. من ذاكرة مدينتي/ المجر الكبير / علي كاظم خليفة العقابي

خلاوي رجل ميساني صابئي مندائي. يتمتع باخلاق كريمة وطيبة وحسن خلق وحلاوة معشر جعلته محبوبا من الجميع. في قريته( الصحين) وهي قرية في منتصف اهوار المجر الكبير. بيوتها من القصب والبردي، كانت توصف من اجمل ما خلق الله، كأنها جنة، بيوت واكواخ عائمة. تنساب من حولها المياه وترى الاسماك بعينك والطيور الحرة المهاجرة من روسيا مثل البط الصيني والمسكي نسبة الى موسكو والحذاف والحضيري. عرف ناسها بكرمهم المنقطع النظير. يتعايش فيها الجميع بحب ووئام وسلام. وسكنها الكثير من الاخوة الصابئة المندائيين, كان يعملون. بصنع الزوارق( الابلام والمشاحيف والطراريد مفردها طرادة البلم الصغير) وتقييرها اي اكساء خشبها بالقير حتى تقاوم الماء وتنزلق بسرعة.

خلاوي كان يشارك اخوته من المسلمين في افراحهم واتراحهم ومناسباتهم الاجتماعية . كانت له منزله كبيرة في نفوسهم. يسمعون اراءه في شتى المجالات. كان يعد الطعام في شهر محرم للإمام الحسيني ع، ويضع الرايات السود والاعلام على كوخة وتبدي علية معالم الحزن والبكاء، كان يعرف الحسين ومكانته عند الله بوضوح، ويعتبر قضيته ايثار كبيرا من اجل كلمة الحق امام سلطان جائر ضحى بكل ما يملك من اجل كلمة العدل والاصلاح كما يقولها امامنا( لم اخرج بطرا ولا اشرا ولكن أخرج من اجل الاصلاح في امة جدي) حتى كان اهل القرية يسمون مهاوي ب (صاحب الحسين).
في احد الايام. شب حريق في احد الاكواخ فانتقلت النيران تلتهم البيوت تتلو البيوت لان حركة الهواء كانت سريعا ساعدت في انتقال اللهب والنيران من مكان الى اخر وبما ان البيوت جميعها من القصب والبردي. فكان الخطر يداهم الجميع الذين ابتعدوا وما يملكون من الحيوانات والدواجن من اكواخهم بقرب الماء خشية الاحتراق والنار تقترب كثيرا من دار( كوخ مهاوي) خرج وقابلها ورفع رأسه الى السماء مرددا الهي وربي انى اسألك بحق وكرامة الحسين ع ان تبعد منا هذا الشرر وتعلم بان الناس يسموني صاحب الحسين ع . وبقدرة الله الكريمة وكرامة لهذا الرجل الطيب والصادق. وقفت و خفت الرياح ساعد في اطفاء النيران بعد ان استخدموا الماء الموجود من حولهم وتحتهم باطفاء ما تبقى من البيوت و وفرح الجميع وقبلوا رأس مهاوي صاحب الحسين ع.
انها قصة متوارثة يعرفها جميع اهل الاهوار والمدينة. هكذا هي قدرة الله وكرامة الحسين لأصحابه من جميع الطوائف والاديان والملل. ففي مراسيم محرم كان اخوتنا الصابئة يشاركون باللطم والحزن بمواكب مع اخوتهم المسلمين. وكانت اعيادهم ومناسباتهم محط احترام الجميع، فقد عشنا اخوة متحابين لا يفرق احد بيننا، فمدينتي التي اعشق مدينة الحب الكبير كما اسماها ابنها الدكتور الشاعر مهدي عيدان عويز الوائلي، مدينة المجر الكبير عراقنا مصغرا سكنها العرب والاكراد والصابئة والمسيحيين والمسلمين واليهود في الاربعينيات والخمسينيات وحتى اخوة كرام من الايزيديين ولكن باعداد قليلة ومن يسكنها لم يخرج منها ابدا ويذوب في هواها. الرحمة على روحك ايها الطيب الكريم.