فضاءات

مع حلول شهر رمضان في كل عام ارتفاع الأسعار ظاهرة بلا حل / تمارة عبد الرحمن

شكت "دعاء"، ربة منزل من ارتفاع أسعار اللحوم والمواد البقولية التي هي مواد أساسية في مائدة رمضان, موضحة أنها ذهبت لأحد الأسواق من أجل التبضع لشراء ما تحتاجه عائلتها خلال هذا الشهر، وأضافت: رمضان شهر مميز وله طقوسه الخاصة، والمائدة الرمضانية العراقية معروفة بتنوع أكلاتها والاهتمام بنوعية ما يقدم من أطعمة فيها, لكن الغريب في الأمر هو ارتفاع الأسعار في هذا الشهر الكريم مما يؤثر بشكل كبير على المواطن، خصوصا شريحة الموظفين والكسبة
فيما شكت "أنصاف محمد" من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية التي تدخل في تحضير أطباق الحساء والحلوى وغيرها.
وقالت أنصاف: "رمضان شهر الصيام لذلك يحتاج الصائم إلى أنواع خاصة من الطعام والشراب, لكن المؤسف أن المتبضع يصدم بارتفاع الأسعار التي تشمل الأطعمة والألبسة وغيرها، مبينة أنها لم تذهب إلى سوق الشورجة للتسوق بسبب الازدحام الشديد وارتفاع درجات الحرارة.
وتساءلت أنصاف: أنا من عائلة ميسورة الحال وقد أحتمل موجة الغلاء ولكن ما الذي يصنعه المواطن الفقير إزاء هذا الغلاء؟، إنني أدعو التجار إلى عدم استغلال اقبال الناس على شراء المواد الغذائية ورفع أسعارها وتحقيق الأرباح على حساب الفقراء.
الأسواق العراقية شهدت رواجا كبيرا في حركة التبضع للمنتجات المحلية كالخضراوات والفواكة واللحوم الحمراء والبيضاء تزامنا مع بدء شهر رمضان المبارك، ورافق ذلك ارتفاع بالأسعار مع بداية شهر رمضان المبارك، بسبب الطلب على المواد الغذائية من جهة وإغلاق الحدود مع سوريا من جهة أخرى, فضلا عن الإجراءات الأخرى التي تطالب بها المنافذ الحدودية الأخرى كمطالبة المستوردين بشهادة المنشأ، هي الأخرى تقف وراء تصاعد الأسعار الذي تشهده المحافظات العراقية.
طقوس متوارثة
تقول الموظفة ابتهال كمال: "ان شهر رمضان هو شهر الخيرات، وفيه عادات وتقاليد وطقوس مميزة لازلنا نعمل بها، منها التزاور بين العائلات وتبادل المأكولات والمشروبات بين الجيران، والتعلولة بعد الفطور وهذه عادات قديمة موروثة عن أجدادنا ومازلنا نزاولها.
وأضافت ابتهال: أنها ذهبت إلى سوق الشورجة للتبضع حيث يتوفر في هذا السوق كافة المواد الغذائية وبأسعار مناسبة، موضحة أنها لم تذهب الى الأسواق القريبة من منزلها كون الاسعار فيها تكون عالية جدا، وفضلت الذهاب إلى سوق الشورجة لأنه سوق كبير وتتوفر فيه كافة المواد.
الحصة التموينية
التدريسي قاسم حسن، قال: الحصة التموينية هي الضمان الحقيقي للمواطن، وأرى أن ارتفاع الأسعار يعود الى غياب الحصة التموينية، والنقص الحاد في مفرداتها وكذلك نوعيتها الرديئة، ومن المفترض ان تبادر وزارة التجارة بمناسبة شهر رمضان بزيادة مفردات الحصة التموينية، وتأمينها للمواطنين منذ وقت مبكر إلا إننا للأسف الشديد لاحظنا تأخر أداء وزارة التجارة، حيث لمسنا نقصا في مختلف المواد وخاصة الشاي والرز والسكر والحليب وأغلب هذه المواد انقطعت عن التجهيز منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
ويقول المواطن جبار محمد إن ارتفاع الأسعار سببه غياب الحصة التموينية، فهي ضمانة للعائلات التي تعيش تحت خط الفقر وليست للدخول المحدودة فقط لذلك على الحكومة إعادة النظر بموضوعة الحصة التموينية. وبحسب بعض الباحثين الاقتصاديين فان اقتصاد السوق يحتاج إلى قوانين ضابطة لحركته وليس اقتصادا حرا بمعنى الانفلات كما يعتقد البعض، وفي ظل غياب الرقابة والتشريعات الضرورية تبقى الحصة التموينية المعافاة لا المشلولة ضمانا حقيقيا لأصحاب الدخول المحدودة وسبيلهم للتخلص من الاحتكاريين والنفعيين. كما طالب الخبير الاقتصادي احمد حسن الساري وزارة التجارة باتخاذ إجراءاتها الضرورية للسيطرة على أسعار المواد الغذائية في السوق المحلية ، خلال شهر رمضان المبارك.
وقال الساري أن وزارة التجارة مطالبة بتوفير المواد الغذائية الضرورية والتي يحتاجها الصائم بمائدته في السوق المحلية من خلال توزيع مفردات البطاقة التموينية بوقت مبكر، وكذلك السيطرة على السوق من خلال تحديد الأسعار وطرح مواد غذائية بأسعار تنافسية، لكي لا تتيح الفرصة للتجار برفع الأسعار. إلى ذلك قال الخبير الاقتصادي مجيد محسن أن سوء الإدارة الحاصل في اغلب مفاصل الدولة وليس فقط وزارة التجارة هو ما يساهم في عدم السيطرة على أسعار المواد الغذائية.
تبريرات واتهامات
حسين مصطفى صاحب محل لبيع المواد الغذائية تحدث عن هذه الظاهرة قائلا: "إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يعود للمستوردين من التجار الذين رفعوا أسعار المواد الغذائية، ونحن بدورنا نقوم برفع أسعار المواد والتي يتحملها المستهلك مؤكدا أن المستوردين التجار يبررون ارتفاع الأسعار بإجراءات السيطرة النوعية الامر الذي اضطرهم إلى نقل المواد برا إلى المنطقة الشمالية للتخلص من الإجراءات الروتينية!.
المواطن عبد الله خميس أعرب عن استيائه لغلاء الأسعار، قال: الأسواق مزدحمة جدا، وكأن رمضان فقط للأكل!، وبائعي الخضراوات واللحوم رفعوا أسعار بضاعتهم مع أول أيام الشهر الفضيل، مشيرا إلى أن الأسعار اليوم مبالغ فيها وارتفعت الى أكثر من الضعف والمعتاد عليه.
الكهرباء مرة أخرى
أبو محمد، كاسب قال: إن انقطاع التيار الكهربائي لمدة طويلة هو الذي منعني من شراء اللحوم والدجاج للشهر بأكمله، مبينا انه اشترى مواد غذائية أخرى لا تدخل الكهرباء في طريقة تخزينها ولا تتعرض للتلف، مشيرا إلى انه خطط لشراء بعض المواد مثل التمر والطرشي والحلويات والعصائر فضلا عن الفواكه، داعيا الحكومة إلى أن تلتفت الى المواطنين وتولي اهتماما اكثر لهم من خلال زيادة ساعات توفير الكهرباء خصوصا وان درجات الحرارة مرتفعة جدا. ولفت أبو محمد الى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع والبضائع مشكلة يتحمل أعباءها المواطن لمرات عدة في السنة الواحدة وليس في رمضان فقط، ولم نلمس حلولا لها، فأسواق بغداد شهدت ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخاصة اللحوم والألبان والعصائر ارتفاعاً كبيرا في الأسعار قبل شهر رمضان. من جانب آخر تحدث أبو علي، صاحب محل عطارة قائلا: "إن الطلب يزداد في شهر رمضان على المواد التي أبيعها، مشيرا إلى انه اخذ احتياطه ووفر المواد التي تدخل في المائدة الرمضانية".
ويرى محمد قاسم، صاحب أحد الأسواق التجارية أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية "طبيعي جداً مع حلول شهر رمضان، لاسيما أن هناك إقبالاً متواصلاً من المواطنين للتسوق، ما يتيح لتجار الجملة زيادة في الأسعار حسب نظام العرض والطلب".
غياب الرقابة
يقول رعد محمد عبود، مهندس زراعي: ان ارتفاع الأسعار بالنسبة للمواد الغذائية قبيل شهر رمضان المبارك وارتفاع أسعار الألبسة ما قبل الأعياد هو ناتج عن عدم مراقبة الحكومة لهذه الظواهر التي تساهم في الحد من قابلية الشراء لدى المواطن البسيط. وأضاف اذا استمر الارتفاع حتى نهاية شهر رمضان سيربك الآلية التي وضعتها لإدارة منزلي مالياً، مطالباً الجهات المسؤولة بأخذ الحذر من ضعاف النفوس المتلاعبين بأسعار البضائع. وقد طالب مواطنون ومختصون في الشأن الاقتصادي الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان المبارك مشيرين الى ضرورة توفير المواد الخمسة المهمة.
وقال صلاح حسوني، موظف: ان أسعار المواد الغذائية والخضراوات شهدت ارتفاعا ملحوظاً بالأسعار بالتزامن مع قرب شهر رمضان المبارك، موضحا ان معظم أسعار المواد الغذائية والخضراوات زادت بواقع الفين الى ثلاثة الاف دينار في حين من المحتمل ان ترتفع أسعار هذه المواد في الأيام القادمة.
وأضاف صلاح: ان سعر السكر والتمن بلغ حالياً 2500 دينار اما الزيت والبقوليات فأسعارها تتراوح مابين 3000 - 3500 دينار، مضيفاً ان الحليب ارتفع سعره الى 3500 اما الطحين ذو النوعية الجيدة فقد وصل سعره الى الف دينار للكيلو الواحد. وأضاف: ان أسعار الفواكه هي الأخرى ستشهد زيادة تتراوح بين 500 - 1000 دينار وكذلك الحال ينطبق على الخضراوات. مشيرا الى ان سعر نومي البصرة والذي يستخدم في شهر رمضان للعصير بلغ حاليا 10 الاف دينار فيما كان سعره في الأشهر الماضية 8 الاف دينار وكذلك الحال مع التمر هند الجاف فقد كان سعره 5 آلاف دينار.
وبين صلاح ان التمر العراقي والذي نشتهر به سعره حاليا بحدود خمسة آلاف دينار، كما أن أسعار اللحوم في شهر رمضان ارتفعت الى 18 ألف دينار. وأضاف: ان أسعار الفواكه كالموز وصلت الى 1500 دينار وسعر حكة الرقي والبطيخ خمسة آلاف دينار فيما بلغت أسعار التفاح والعنب 1500 دينار.
السبب "العلوة"!
جلال حسن، بائع مخضر قال: إن ارتفاع الأسعار سببه علوة التسوق (سوق الجملة) حيث إن السعر الذي يبيع به الفلاح هو الذي يحكم حركة الأسعار وليس بائع المفرد فقط .
وأضاف إن أسعار البقوليات هي الأخرى شهدت ارتفاعا حيث إن أسعار العدس والفاصوليا والرز إضافة إلى ابرز المواد سجلت ارتفاعا كبيرا متهما تجار الجملة ببيع هذه المواد بأسعار مرتفعة لتجار التجزئة مستغلين حلول شهر رمضان المبارك.
موجة غلاء موسمية
أوضح أبو جاسم، صاحب محل تجاري أن"سعر الكيس الكبير للعدس ارتفع إلى سبعة آلاف دينار، أما سعر "كيس الفاصولياء" فارتفع من 55 ألفاً إلى 75 ألف دينار".
وأضاف: "المواد الغذائية الأخرى شهدت ارتفاعاً في أسعارها كالخضراوات والفاكهة التي ارتفع سعر الكيلو غرام الواحد لبعضها نحو ألف دينار، كما سجلت التمور ارتفاعاً في أسعارها ليصل سعر بعض أصنافها إلى ستة آلاف دينار".
وتشهد أسواق المواد الغذائية والملابس والسلع والبضائع المختلفة ارتفاعاً ملحوظاً قبيل حلول شهر رمضان، وكذلك في الأعياد والمناسبات الدينية وغير الدينية، ومطلع كل عام دراسي جديد، وهي ظاهرة تشهدها العاصمة بغداد والمحافظات منذ أعوام عديدة دون أن يوجد لها حل.
استغلال
حرارة الجو المرتفعة التي رافقت حلول شهر رمضان هذا العام، دفعت الكثير من المواطنين إلى التسوق قبل دخول الشهر، وذلك تلافيا للمتاعب التي قد لا يحتملها الصائم اذا قام بذلك خلال الشهر، مما يجعل المواطن ينفق مالا اكثر في وقت اقل.
وتقول جميلة سالم، ربة بيت: في كل عام وقبل حلول شهر رمضان نقوم بشراء البقوليات والشعرية والنشا والسكر والرز وغيرها من المواد الغذائية لصعوبة التسوق خلال الشهر الفضيل، كما أننا نتخوف من ارتفاع أسعارها أكثر في الأيام القادمة، وأضافت: ان التجار يستغلون ازدياد الطلب على تلك المواد ويقومون برفع أسعارها دون التفكير بالقدرة المالية للعائلات.
من جانبه بين عباس جبارة، صاحب محل لبيع المواد الغذائية: التجار وأصحاب المحلات ليسوا هم السبب في ارتفاع الأسعار كما يظنه البعض، بل العكس فإن الاندفاع الكبير في الشراء من قبل المواطنين وضخ مبالغ هائلة من الأموال في السوق المحلي دفعة واحدة يؤدي حتما إلى ارتفاع الأسعار. اما عن أكثر المواد رواجاً في شهر رمضان المبارك، قال سعدون ناصر صاحب محل عطارة : تتسوق ربة البيت كميات مناسبة طوال أيام السنة إلا أن تسوقها لشهر رمضان يختلف فالطلب يتزايد على الكمون لاستخدامه في عمل شوربة العدس كذلك الطلب على السمّاق وهو ما يوضع على البصل والكباب ويزيد الإقبال أيضا على البهارات بمختلف أنواعها.
تخزين المواد سبب أيضا
تختلف أنواع الأطعمة والوجبات التي تعدها العائلة العراقية أثناء شهر رمضان، عما تعده خلال أشهر السنة الأخرى، فهناك وجبات خاصة تعد في شهر رمضان ويزداد الطلب على المشمش المجفف الذي يسمى بـ (الطرشانه) لعمل مرقة القيسي، كما يزداد على (النومي بصرة) و(التمر هند) و(الزبيب) لعمل العصائر.
ويقول سلام عماد: ان مسألة التسوق والاستعداد لشهر رمضان باتت وكأنها من شعائر التحضير لاستقبال هذا الشهر الفضيل، حيث يرى دأب المواطنين منذ الأزل على التحضير لهذا الشهر منذ أيام وتخزين المواد الغذائية وكأنهم سيدخلون في حرب وهذه الفكرة التي في مخيلتهم بقيت منذ النظام السابق والى الآن.
بالنسبة للمواد الأساسية الضرورية للمواطن كالسكر والشاي والرز والعدس فان هناك لجاناً حكومية خاصة تقوم بمراقبتها واذا رصدت حالات لارتفاع أسعارها بأضعاف سعرها تقوم الجهات المعنية بالتدخل ويتعرض الشخص المخالف للمساءلة من قبل تلك الجهات.
ارتفاع حاد
بحسب بعض الخبراء الاقتصاديين فان أسعار لحوم الدجاج المجمد شهدت أعلى معدلات الارتفاع، فيما ارتفع سعر كيس السكر من /45/ الف دينار الى 50 ألف دينار وارتفع سعر كارتون الزيت من 30 ألفا إلى 40 ألف دينار وكارتون الحليب من 60 ألفا إلى 75 ألف دينار وكارتون المعجون من 21 ألفا إلى 24 ألف دينار، فيما ارتفع سعر الكيلو غرام من مادة العدس من 1200 دينار الى 1600 دينار، وارتفعت أسعار البقوليات بأنواعها بمعدل خمسة آلاف دينار للكيس الواحد.
وتواصل الشركة العامة لتصنيع الحبوب إنتاج وتوزيع الطحين الصفر المخصص لتوزيعه على العائلات العراقية خلال شهر رمضان المبارك بواقع خمسة كيلو غرامات لكل أسرة.
وأكد مدير عام الشركة المهندس علي هاشم بداي ان الشركة باشرت وبإيعاز من وزير التجارة بإنتاج وتجهيز مادة الطحين الصفر المقرر توزيعه للأسر العراقية بمناسبة شهر رمضان وقد شكلت غرفة عمليات خاصة لهذا الغرض تقوم بمتابعة عملية الإنتاج والتجهيز بشكل يومي عبر التقارير المقدمة من قبل المطاحن المخصصة لتنفيذ هذه الحملة حيث تشارك معظم المطاحن الحكومية التابعة الى الشركة وعدد من المطاحن الأهلية في تطبيق خطة إنتاج الطحين الصفر.
وأضاف أن: الوزارة قد خصصت كمية 52000 طن من الحبوب المستوردة لإنتاج الكمية المطلوبة لتغطية حاجة جميع محافظات العراق , يأتي هذا الإجراء كمساهمة من قبل وزارة التجارة تقدمها للمواطن العراقي بمناسبة الشهر الفضيل وقد بلغت نسبة التجهيز 40 بالمائة مشددا على استمرار الشركة بتجهيز المواطنين بالحصة الشهرية من مادة الطحين المخصص للبطاقة التموينية.
يذكر ان وزارة التجارة باشرت، بتزويد المواطنين بحصص شهر رمضان من مفردات البطاقة التموينية. وقال وزير التجارة خيرالله حسن بابكر في تصريح صحفي، ان وزارته بدأت بتجهيز جميع المحافظات بالحصة المقررة لشهر رمضان.
وأضاف أن آليات الوزارة مازالت مستمرة بتجهيز كافة الوكلاء بمفردات البطاقة التموينية المنتشرين في عموم أنحاء العراق.