فضاءات

حاتم الدعمي أبو شاكر.. مناضل من ذلك الزمن الصعب / عبد جعفر

كثيرون هم المناضلون الذي مضوا عنا بصمت، ويبقى ذكرهم مثل إعادة حلم، نظرا للأعتماد على الذاكرة المتعبة في وصف وتذكر ما فعلوا، بالأضافة الى فقدان التوثيق وصعوبته في الظروف السرية، ورحيل الكثير من الشهود على التجربة.
والمناضل حاتم الدعمي أبو شاكر واحد من الرعيل الأول الذي واكب الحزب الشيوعي العراقي، وترك بصمته على منطقته وعائلته، ومجايليه، ولقد وجدنا عند أبنه الرفيق شاكر بقايا من الذكريات عن هذا الرجل الذي غادرنا مبكرا.
يخبرني شاكر أن أباه:
تفتحت عيناه عام 1925وسط عائلة فلاحية فقيرة، في الديوانية، ولكنه إستطاع بعد أن شب عن الطوق، أن يطور إمكانياته ليتحول الى صاحب محل للخياطة وأفضل خياط للبدل الرجالية وفاقت شهرته الآفاق في المدينة.
ونظرا لوعيه الوطني والطبقي وجد طريقه الى الحزب الشيوعي العراقي، الذي وجد فيه مدرسته الفكرية، بل إستطاع أيضا أن يتعلم القراءة والكتابة من خلال بعض الرفاق.
كان حريصا على إستضافة الإجتماعات الحزبية في بيته، ويتركنا نحن الأطفال في الشارع نلعب للتمويه، بينما تبقى أمي فوق السطح للمراقبة، ومن المجتمعين معه أنذاك من الرفاق عبدالله حلواص، وأبو عمشة ورياض كاظم جواد وغيرهم.
حين سمع بثورة 14 تموز عا م1958، قادني معه للأشتراك في المظاهرة المؤيدة للثورة في منطقة الجديدة -السوق الكبير، وبعد مدة طلب مني الرجوع للبيت لأن شرطة نوري السعيد بدأت تصدت للمظاهرات وأخذت بإطلاق النار.
وبعد ذلك عمل بشكل علني بالنقابات وكان مسؤول نقابة الخياطين.
وبعد إعتقال عمي قابل الدعمي أثر إنقلاب 8 شبط الأسود عام 1963 ، أعتقل هو الأخر من محله، بعد ثلاثة أشهر أطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة ذلك، ولكنه وضع تحت الرقابة. ولكنه لم يعد للعمل الحزبي ورغم ذلك ظل ملتصقا بالحزب ويدفع التبرعات للحزب. وأخبرني أنه قال للرفيق الذي طلب منه العودة يكفي أنه أعطى للحزب سبعة رفاق وهم أربعة أولاد وثلاث بنات وأخرى صديقة متبرعة.
عرف بديمقراطيته فكرا وممارسة، وكان إنسانا ديمقراطيا مع عائلته وهو الذي دعم دراسة أخواني وأخواتي بشكل خاص، ودعم أحد أخواتي للدراسة في معهد الفنون الجميلة، وأخرى للدراسة خارج الوطن.
رحل عنا في مدينة الطب عن عمر ناهز51 عاما في عام 1976 أثر توقف قلبه المتعب وسقطت منه جريدة طريق الشعب التي كان يقرأ فيها.. رحل تاركا السمعة الطيبة للعائلة والتاريخ المجيد الذي يفتخر فيه أهالي الديوانية لواحد من إبنائها الأبرار.